ماذا تريد "قياداتنا" من "عقيدنا"

تاريخ النشر 21/4/2010 15:45

بقلم: زياد شليوط

يجب أن نقر وأن نعترف، باديء ذي بدء بأن العقيد معمر القذافي، قائد ثورة الفاتح من أيلول (التي لم يستطع أحد اغلاقها بعد) منذ عشرة أعوام في القرن الواحد والعشرين، يضاف إليها 31 عاما من نهايات القرن العشرين، هو "ظاهرة" بحد ذاته. فهو أول زعيم عربي وربما أفريقي واسلامي، بل كوني يحكم بلاده مدة أربعة عقود دون منازع أو معترض أو محتج، لماذا؟ لأنه ليس حاكما ورئيس دولة انما رأس اللجان الشعبية، فلا وزارات لديه انما لجان شعبية، وهو امبراطور أكبر دولة عربية وربما أفريقية واسلامية اسما، فدولته تدعى "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى" والى اللقاء بعد غد..
جاءنا القذافي في مطلع شبابه ثائرا، متأثرا من والده الروحي ووالد العرب أجمعين في ذلك الحين القائد العربي جمال عبد الناصر، وهرول القذافي الى القاهرة ليرمي بنفسه بين أحضان عبد الناصر، وليعلن ناصريته حتى النخاع والتي جدد العهد عليها بعد عام واحد يوم وداع الزعيم الكبير. وبعد سنوات قليلة انقلب القذافي على الناصرية وطلقها بالثلاث سرا، بعدما رأى في نفسه زعيما صالحا لأن يقود العرب في زمان الهوان، وهنا بدأت "ظاهرة "القذافي" بالظهور العلني، من زعيم عربي قومي، إلى زعيم أفريقي، الى اعلان نفسه قائدا أبديا لثورته "الخضراء" في سراب الصحراء الى خروجه عن الحظيرة الدولية وتحديه للأمريكان والبريطان والألمان وغيرهم من شعوب الجرمان، وبعدها عودته "الذليلة" الى تلك الحظيرة الدافئة التي يشعر فيها بالحرارة والأمان، بعدما تنكر لتاريخه وأسلم مواطنيه للعدل الغربي، في سبيل البقاء في عرشه والحفاظ على كرسيه، بعد الدرس الذي فهمه من خلع زميله وأخيه صدام حسين!
واليوم وبعد كل تلك الممارسات والتقلبات التي تسبق تقلبات الطقس في أيامنا الغريبة، يرسل "العقيد" بطلب وفد من قيادات العرب في اسرائيل، وكان من الطبيعي أن نتساءل: ماذا يريد العقيد من قياداتنا؟ لكن سرعة جواب قياداتنا الايجابي والمرحب جعلنا نحول السؤال إلى: ماذا تريد قياداتنا من "العقيد"؟ ما هو القاسم المشترك بينهم؟ وأفضل من يجيب عن تساؤلنا هي لجنة المتابعة العليا، التي أصدرت بيانا يعبر عن توجهات مركبات اللجنة، وسبحان الله، لأول مرة لا نسمع عن خلافات في وجهات النظر بينها! فلجنة المتابعة "تثمن" الدعوة، على ماذا ولماذا؟ لم نفهم سوى أن الزيارة بحد ذاتها "ثمينة" فأنعم وأكرم! وتلقي اللجنة بقنابلها الاعلامية فتقول أن "الدعوة تحمل دلالات بحكم المكانة التي يتمتع بها القائد التاريخي للثورة الليبية". فبربكم، ليتكم تسألون العقيد عن الثورة الليبية وهل ما زال يذكرها؟ وتضيف اللجنة عباراتها الانشائية، في محاولة ربما تعرف عدم مصداقيتها، لاقناع الجماهير بأهمية الزيارة فتعلل" نعلق أهمية استثنائية على هذه الزيارة لما تحمله من معاني التواصل مع عمقنا الحضاري ومع أمتنا العربية." لست واثقا أن مركبات لجنة المتابعة جميعها متفقة ومقتنعة بهذه العبارة الواهية، فما هو "العمق الحضاري" الذي تمثله ليبيا، وما هو دور ليبيا في ظل قيادتها الحالية مع أمتنا العربية؟ فالقذافي لا تخرج علاقته بأمته العربية عن علاقة شباط بالطقس الربيعي، فهو يرغي ويزبد وتبقى رائحة الصيف فيه كما قال أسلافنا، وهكذا القذافي، فهو يشط وينط بين الأفريقية والأممية الى الليبرالية والبراغماتية لكن تبقى رائحة القومية فيه، كلما اشتاق إليها عاد إلى أحضانها، كما فعل في مؤتمر القمة الأخير، دون أن يكون بينه وبينها استراتيجية واضحة؟ فهل طريقنا الى التواصل مع الأمة العربية لم يعد يتم إلا بواسطة "العقيد"، وأين دور شام العروبة وقاهرة المعز وتونس الخضراء وبيروت الفكر القومي؟
لو أن لجنة المتابعة قالت لنا وبصراحة دون لف أو دوران أنها تلبي دعوة القذافي رغبة منها بزيارة ليبيا والاطلاع على أوضاعها وامكانية فتح حوار مع قيادتها، لفهمنا تلك الدوافع أما أن تدبلج وتضيف الرتوش على تلك الأهداف، فهي من باب البهلوانيات "القذافية"، وإلا كيف تفسر لنا لجنة المتابعة أن القذافي وحكومته لم يعيراها تلك الأهمية وجعلوا الوفد دون رئاسة، وعينوا المتكلمين من "عرب الجليل والمثلث والنقب" وحددوا عددهم، فأين هو التواصل ومع من يتم؟
وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نشكر لجنة المتابعة التي شكرت باسمنا "قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي (مرة أخرى يذكرون الثورة) على هذه الدعوة الكريمة باسم جماهيرنا العربية الفلسطينية .." وعاشت الجماهير الغفورة!
(شفاعمرو/ الجليل)

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 2440
//echo 111; ?>