بقلم مثيل دغش - المغار
وقفت على حافة سطح البناية تلك .. نظرت نظرة محدقة الى الاسفل .. فلم اجد سوى اناس .. سيارات .. ازهار واشجار ..
ولكنني في هذه المرة لم أرى صورتهم كعادتهم ..
فقد رأيت السيارات صغيرة ولا يتسع فيها الا شخصان ولو حزنا لطارت بهما الى تلك النهاية السوداء ..
ورأيت الازهار متعددة الالوان جميلة .. يفوح رحيقها الى اعلى البنايات .. وتفوح منها رائحة الحياة .. ولو احست بطفل صغير جائع او عاشق بالغ حزين .. لبكت وذبلت من اشتداد حزنها..
ورأيت الاشجار عالية ..عالية جدا وما من احد يستطيع ان يرى اعلاها .. الا اذا نظر بمنظار ابيض مفعم بالامل ..فيرى تلك الثمرات المتدلية من اخضرار ضحكاتها .. وروعة أملها..
اما الناس فرأيتهم أصغر الأشياء في دنيانا هذه ..
فرأيتهم متشابهون جدا .. بالشكل وبالفكر .. فنحن الناس"سواسيه كاسنان المشط" .. فلا نفرق عن بعضنا سوى بأملنا وتشاؤمنا .. بمصائبنا وبطريقة فهمنا لها .. فبعضنا ينعت حياته بالمصيبة.. وبعضنا يرى اولاده مصيبة..والاخر يصنع المصيبة بيديه .. واكثرنا ينتظر مصيبة .. وكأننا لا نصدق ان هناك كلمه تدعى "فرح" ومعناها اكثر من ذلك ..
ولكنني لا ارى في دنيانا الكبيرة سوى اناس يندبون حظهم وطفل يبلغ حين لا يجب.. أو فتاة ترى الحياة نقطة تكاد لا ترى .. فهي لا تراها حياة انما مأساة ..
الناس ينقسمون الى قسمين : قسم يفكر دون تنفيذ .. وقسم ينفذ دون تفكير .. وما أغبى الناس .. يسألونك ما اسمك ..لا هل يناسبك..يسألونك ما مهنتك لا هل تتقنها.. يسألونك كم عمرك لا كم عشت منه .. يسألونك من اين ملابسك لا من اين اتيت بالنقود لها .. يسألونك من أهلك لا هل تحترمهم..! يسألونك من اصدقائك لا هل هم أوفياء .. ومع كل هذه الأسئلة اعتدت ان أجيب بالصَّمت...!
فاحتراق هذه النفوس يجعل الدنيا بيضاء ناصعة .. فلا ترتشق عليها اي نقاط سوداء تشوه الأمل..او منظر وفحوى رائع وهو "الحياة" ...