نظـــــــــــــــــرة فــــي الدّنيــــــا والدّين!!!

تاريخ النشر 26/5/2010 18:36

بقلم منير فرّو

قال تعالى:"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"،فالعبادة والتّوحيد هي مراد اللّه من خلق هذا الكون البد يع، لذلك كانت معرفته تعالى هي أوّل فريضة، وكما جاء في كتاب نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب –ك- : " أول الديانة بالله معرفته، وكمال المعرفة توحيده"، لأنه تعالى "كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم" ، وهذه المعرفة تكون بواسطة وسائط، وهذه الوسائط هي الأنبياء والرسل الأكرمين عليهم السّلام ، الذين أرسلوا للخلق من أوساطهم ليكونوا أدلاء على اللّه ، ويشيروا إليه بالوحدانية.
 
 .فاللّه عندما أراد الكون أن يكون فكان، بقوله في القرآن:"إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون"، فكان إبداع الكون من نور جلال الله دفعة واحدة بما يحويه من عالم الروحاني عالم الأرواح، والعالم الجسماني الأرض والأفلاك والمعادن والنباتات والحيوانات، فلمّا كان الكون، ألبس الله سبحانه الأرواح أجسادا، ثم كان أوّل خطاب لخلقه "ألست بربكم"؟، فكان جواب الخلق قاطبة :"بلى"، سبحانك أنت اللّه الخالق المبدع المصوّر كما جاء في الآية الكريمة: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين"، وهذا كان ميثاق الله على بني ادم حتى لا يكون هناك عذر يوم القيامة وبين الغيب الماضي والقيامة في المستقبل حاضر ودنيا وفيها يكون اختبار لهذا الميثاق أو العهد، وبما أن هذا الاختبار تظهر نتيجته يوم القيامة أرسل الله تعالى الرسل ليبينوا ويذكروا، ووضع أمام الناس علامات للساعة ليتدبروا ويتفكروا ويؤمنوا، فبدأ حينها الكون بالحركة والانفعال.
 
 فمراد الله من كل مخلوقاته الإنسان العاقل، الحيوان الناطق، القابل للتعليم والنقش، فعلّمه اللّه ما لا يعلم ، من العلوم والصناعات ،الحرف والمهن، اللغات وعلم الكلام والبيان، وعرّفه حاله،وجعل له متاعا ورزقا وعلّمه الأسماء والصفات والميزات،وجعل الإنسان هو أعلى الدرجات ، وميّزه عن الحيوان والنبات والمعادن، وخصّه بالعقل والرّوح دون غيره، وجعله ناطقا يميّز بين الخير والشّر، والصواب والخطأ، وطالبه بالفضائل ، ونهاه عن الرذائل، وحتّى يستقيم الأمر جعل أمامه خيارين إمّا الجنّة ،وإمّا النّار، فالجنّة يكون الحصول عليها بفعل الخيرات المقرونة بطاعة اللّه خالق الأرض والسّموات، والنّار تكون نتيجة المخالفات وهي معصية اللّه خالق الموجودات، فكانت حياة الدّنيا هي مزرعة للإنسان لزرع الأعمال ، والآخرة فيها حصاد الأعمال ، كقول الإنجيل: "ليفرح الزارع بالحاصد"، فمن زرع طيبا حصد طيبا ، كقوله تعالى في القرآن:"وأمّا من كان من المقرّبين فروح وريحان"، وأمّا من زرع خبيثا كان حصاده كما زرع، وكان عقابه نار جهنم وبئس المصير ، بقوله تعالى في الكتاب:"وأمّا من كان من المكذّ بين فنزل من حميم وتصلية جحيم"،
 
وحتّى يظهر عدل اللّه لخلقه لم يهملهم في أي عصر من العصور دون مرشد أو معلّم للخير ناه عن الشّر ، وشريعة تقوّم الأمور لصلاح البشر،ولكل شريعة كان نبي مرسل وحوله مساعدين خصّهم اللّه بفضل النّبوّة، ومنحهم الحكمة الرّبّانية ليكونوا هاديين مهديين شهداء على العالمين ، كقوله تعالى : " ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم " ، فجاءت الشرآئع متممة بعضها لبعض على ألسن الأنبياء تعلمهم الخير وتحذرهم من غضب الجبّار ، فتسابق النّاس في الأعمال ، فمنهم من ارتفع بالخيرات والأعمال الصالحات ، ومنهم من انسفل بالشرور والشهوات والأعمال الطالحات ، فصارت الدّنيا ميدان سباق والأجسام خيل والنفوس فرسان والسباق هو إلى اللّه ، فتقرّب الأخيار إلى اللّه بترك ما لا يريده اللّه، وابتعد الأشرار عن اللّه بالتقرّب إلى ما لا يريده اللّه ، فقال اللّه للأخيار :"إن الجنّة اعد ّت لعبادي الصّالحين"،وقال للأشرار :"فأنتم حصب جهنم امكثوا فيها خاسئين"،
 
 وها نحن وبعد أن جاءتنا الرسل من آدم –ع-، إلى نوح –ع-، إلى إبراهيم-ع-، إلى موسى –ع-، إلى عيسى-ع-، إلى خاتم الأنبياء والشرائع محمّد بن عبد الله الأمين عليه أفضل الصلوات،المبعوث" بدين الحق ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون"، والى الأئمة والحجج المنتجبين الأطهار الهاديين المهديين والخلفاء الفاطميين، سلالة سيدة نساء العالم فاطمة الزهراء- ر- ابنة الرسول محمد صلعم، والذي قال عن : " أنا مدينة العلم وعلي بابها "، وزوجة الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه باب مدينة العلم وحجته والباطن الذي فيه الرحمة، لان مثل القرآن كقوله تعالى : " سور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله عذاب"، وحتّى ظهور مسيح الأمم والخلائق والمهدي القآئم المنتظر لخلاص المستضعفين من الضيق والمضائق – عجّل اللّه فرجه الشريف-،والذي بظهوره سيمليء الأرض عدلا وقسطا بعد أن تكون قد ملئها الدجال وأعوانه الشياطين جورا وظلما ، نكون قد دخلنا فترة الامتحان كما قال تعالى :"لنبلونكم أيّكم أحسن عملا"،
 
 ففي هذه الفترة أي قبل ظهور المهدي المنتظر، الذي بظهوره يكون خلاص المضطهدين البائسين، يكون خروج شخصية كاذبة متبحرة في علوم الدين والقدرة والتمكين، فتصاب بالغرور فتدعي منزلة الإمامة ولا تكتفي، فتدعي الإلوهية، وتقوم بأمور غريبة وقدرات عظيمة فيها من المكر والحيل والدجل والتمويه مما يقع الكثير من الخلق بالإيمان به، وهو المحذّر منه في جميع الديانات، كما جاء في انجيل متى في الكتاب المقدس عن لسان يسوع المسيح ع :"انظروا لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: أنا هو المسيح، ويضلون كثيرين… و يقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين…سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة، ويعطون آيات عظيمة وعجائب، يضلون لو أمكن المختارين أيضاً"، وأيضا جاء في الحديث النبوي الشريف : " ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وأن بين عينيه مكتوب كافر"، والمسمى بنبي الكذب المسيخ الأعور الدجال، وتنتشر دعوته في الأرض بسرعة، كما جاء في الحديث النبوي الشريف : "كالغيث استدبرته الرياح " ، فيمكث في الأرض أربعين يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كباقي الأيام" ، لأنه سوف يثير الفتن والمحن، ويعلن الحروب باسم الدين، ويدّعي بأنه حجة الله في خلقه، وأنه على الدين القويم، والمجدد لكل ما سلف من الأديان، ويمتلك مفاتيح الجنة والنار، لذلك قال يسوع المسيح : "انظروا لا يضلكم أحد ،فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو المسيح ،ويضلون كثيرين "،
 
 لذلك هذه الفترة امتحان لجميع الخلق دون استثناء، لاستيفاء الأعمال من خيرها وشرها، والقدوم على اللّه يوم الحساب لقوله تعالى: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم "،
 
وهذه الفترة قيل عنها الكثير في الأديان،ووصفت بأصعب المراحل لبلوغ الشر فيها منتهاه لأنها شبّهت بسواد الليل ما قبل الفجر، وكما جاء في الحديث النبوي الشريف:"يصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر" أو حتى يكاد المؤمن أن لا يؤمن لكثرة الأهوال وغلبة الشر والفساد بسبب أهل الطغيان والتكبر والتجبر، وكما قال المسيح عندما سئل عن علامة مجيئه وعن الضيق الذي ستشهده البشرية قبل عودته الثانية أجاب: " " «أما ترون هذه المباني كلها؟ الحق أقول لكم: لن يترك هنا حجر فوق حجر إلا ويهدم... وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب. فاياكم أن ترتعبوا ! فلا بد أن يحدث هذا كله, ولكن ليست النهاية بعد.... فسوف تنقلب أمة على أمة, ومملكة على مملكة وتحدث مجاعات و زلازل في عدة أماكن. ولكن هذه كلها ليست الا أول المخاض... فعندما ترون رجاسة الخراب , التي قيل عنها بلسان دانيال النبي , قائمة في المكان المقدس ,ليفهم القارئ ! عندئذ ليهرب الذين في منطقة اليهودية الى الجبال , ومن كان على السطح ,فلا ينزل ليأخذ ما في بيته , و من كان في الحقل , فلا يرجع ليأخذ ثوبه! و الويل للحبالى و المرضعات في تلك الأيام ! فصلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء أو في سبت , فسوف تحدث عندئذ ضيقة عظيمة لم يحدث مثلها منذ بدء العالم إلى الآن , و لن يحدث ولولا أن تلك الأيام ستختصر، لما كان أحد من البشر ينجو. ولكن من أجل المختارين ستختصر تلك الأيام. "،
 
 وذلك لكثرة الهرج والمرج والقتل والجور والحروب والظلم والفساد والفجور وشرب الخمور والاختلاس والسرقات والتعديات على أملاك الناس، وغلاء الأسعار بسبب الظلمة الرأسماليين الاحتكاريين، الذين تحكموا بمقدرات وأرزاق الشعوب في الأرض، فنفتكوا ونشروا الدمار بسبب الحروب، وسببوا الاويئة والمجاعات وغيروا نظام الطبيعة والمناخ عن طريق ما يعرف بالهندسة المناخية، فأذابوا القطبين الشمالي والجنوبي الذين يحافظان على مناخ الكرة الأرضية ،وبدأ العالم مهددا باختلال مناخه وارتفاع منسوب المياه في البحار، الذي بات يهدد دول كثيرة في العالم بالغمر والغرق والاختفاء، وأيضا صنعوا الأعاصير والزلازل والرياح والفيضانات وجعلوا السماء تبرق وترعد وتمطر ونشروا الجوع والبلاء، وتفشى في الناس قلة الخير بسبب الانغماس في المعاصي، والإهانة والمسبة لأهل الدين والفضل والشتم والبهدلة لهم ، وصار الدين كالجيفة الملقاة، وبات الخلف يسب السلف ، و يتكلم في الناس من لم يكن يتكلم، فيصدّق الكاذب ويكذّب الصادق، ويؤتمن الخائن، ويخوّن الأمين، وصار الأمراء فجرة ، والوزراء كذبة، والأمناء خونة ، وقلت الأمانات ، وظهرت النساء أمام الرجال دون حياء، كاشفة مفاتنها وعوراتها،كما قال الرسول صلعم : " صنفان من أهل النار لم أرهما , قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس , ونساء كاسيات عاريات (أي يلبسن ثيابا رقيقة تصف لون الجسد أو قصيرة , فهي كاسية في الإسم عارية في الحقيقة)، مائلات (أي زائغات عن طاعة الله , وما يلزمهن من الحياء والتستر مائلات في مشيتهن)،  مميلات (أي غيرهن فيعلمنهن التبرج والسفور بوسائل متعددة , مميلات لقلوب الرجال بفعلهن)،  رؤوسهن كأسنام البخت المائلة (أي يعملن شعورهن بلفها وتكويرها إلى أعلى كأسنمة الإبل المائلة), لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها و إن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا "،  وتشبه الرجال بالنساء، وانفقدت منهم الغيرة والنخوة ، وقام شعب على شعب، وأمه على أمه، وملك على ملك، وخالفت الرعية رعاتها بسبب الإهمال والكذب والغش والنفاق، وخالفت البنت لامها، ،والولد لأبيه، ،وبغضت الكنّة حماتها، وصار الأخ كالفخ، والأقارب كالعقارب، وصار أهل البيت كلهم أعدآء، وكثرت الزلازل والبراكين والفياضانات والأعاصير والأراجيف، واضطربت الطبيعة، وتغيّرت دورة الأفلاك، وتضايقت الخطوط في السماء، وحدث علامات فيها من كسوف للشمس وخسوف للقمر وظهور كواكب ونجوم غريبة،
 
وكما قال المسيح-ع-:"انظروا ولا ترتاعوا فلا بد من حدوث ذلك كله وهذا أوّل المخاض، فارتقبوا مجيء ابن البشر قادما بمجد أبيه لأنه إذا جاء يجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميّز بعضهم من بعض، كما يميّز الراعي الخراف من الجدآء، فيقيم الخراف عن يمينه، والجدآء عن اليسار، ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعدّ لكم منذ تأسيس العالم، ثم يقول أيضا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين إلى النّار الأبدية المعدّة لإبليس وملائكته، فطوبى للعبد الصالح لأنه يفرح وويل للعبد الطالح لأنه يشقى، وما كان اللّه ليظلم أحد بل كان النّاس لأنفسهم ظالمين .

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 2440
//echo 111; ?>