بقلم : unknown-1
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواتي الفاضلات , أخواني الكرام, أسعد الله أوقاتكم وأنعم عليكم بالصحة والعافية
أحببت أن أشرككم بأمر هو مشكلة نحياها ونعاني منها لكننا أصبحنا كالنعام نغض الطرف عنها وننكر وجودها وتنقصنا الفراسة أو ربما الجرأة لنقف نستجلي الأمر ونتبيّن ونعترف بوجودها.
لكن, قبل هذا, دعوني أقص عليكم أمرا حصل منذ فترة وجيزة لا تتجاوز أسبوعين...:
أعتذر مسبقا أني لن أذكر أسماء ... فقد أخبرني أحد الأصدقاء أن أحد الوزاراء قام بزيارته بمنزله, فأستغل هذا الصديق الأمر ودعا بعض الشخصيات والأصدقاء ليكونوا بين المجتمعين مع هذا الوزير وأعتذر ممن لم يستطع دعوتهم وكان بين المدعوّين رجالا ذوو مناصب و"قياديين" من بني معروف لا تربطه وإياهم صلة صداقة ولا حتى معرفة, والعديد من الأصدقاء المقربين لم يدعوهم , فقد شرح الأمر بأنه لا يتعلق بـِ"الجاه" والمنصب بل أهم من ذلك بكثير ...
لكن بعد الزيارة , حين سألناه أجاب والضحك يكاد يطغى على حديثه.... " يا للسخرية... اجتمعنا بالوزير وحين أردنا أن نقدم إليه بعض مطالبنا, سبقنا أحد ضباطنا مرموقي الرتبة المسرحين وطالب الوزير بصوت عال يكاد أن يكون صراخا بـ ... رخصة لحيازة بندقية صيد. نعم ... اجتمعنا بالوزير لنقول له أننا بألف نعمة ولا تنقصنا إلا بندقية صيد لهذا البطل الأغر ..... حّلت جميع مشاكلنا إلا هذه.... أتينا بوزير لبيوتنا لنقول له أن مطالبنا كلها قد نفذت ولم يبقَ لنا ولشبابنا ومستقبلنا سوى تلك البندقية اللعينة..... حتى الوزير, ابتسم وكأنه يتنفس الصعداء وبسمته ممزوجة بنوع من السخرية وأطال الحديث ل"مُعضلة العصر"...والله إني نادم لدعوتهم, فقد ظننت أن مشاكلنا أكبر من هذا بكثير... علّني أخطأت " .
قبل فترة وجيزة, قرأنا بكافة وسائل الإعلام الإلكترونية والمطبوعة عن تجمع لـ " ضباط الدروز المسرحين" تجمعوا وصرخوا صرخة مدوية وطالبوا بقوة وأرسلوا الرسل والوثائق والمناشير التي وقع عليها العشرات منهم لكافة الوزراء ولهيئة الأركان يطالبون فيها ألا يسرح أحد الضباط الذي أتهم بالكذب .. (لن أبدي رأيي به هنا, فقد أتيت بهذا الأمر لغاية أخرى...فعذرا) لكني لم أسمعهم ولا أظن أحدا سمعهم بهذا الحماس وهذا الصوت الجهوري بالمطالبة بما هو أحق ... فهل سمعتموهم يطالبون بهذه الحماسة لتصحيح الأوضاع بقرانا..؟؟؟ هل كانوا سندا لرؤساء المجالس الدرزية حين أضربوا وأقاموا بعض المظاهرات بالمطالبة بحقوقنا التي سلبت على مدار ستون عاما... ؟؟ هل رأيتموهم قيادة تطالب بما به الخير لشبابنا وشاباتنا ومستقبل قرانا..؟؟؟ بل .. هل رأيتم منهم هذه الحماسة للدفاع عن الشاب إبن الرامة الذي قُتِل بدم بارد وادعوا أنه إرهابي رغم ألاف التساؤلات التي أشارت إليها الصحافة الإسرائيلية بذاتها..؟؟؟
ألم يحن الوقت لنستيقظ ونطالب ببعض حقوقنا...؟؟؟
سأحاول أن أشرككم ببعض المشاكل التي أعرفها ونعرفها الجميع ولا نجرؤ (أقصد القادة والساسة بيننا) مواجهتها أو المطالبة بها رغم أنها حقنا المشروع ... :
• حسب الإحصائيات وبعض التقارير تُقدر قيمة الإجحاف والتقصير بالميزانيات للسلطات المحلية الدرزية على مدار ستون عاما ما يفوق 1.2 مليار شيكل (أي ما يضاهي 350-400 مليون دولار) وبالإضراب والمظاهرات التي أقامتها السلطات المحلية السنة الماضية وُعِدنا بما يقارب 800 مليون شيكل لكن لغاية الآن لم ينفذ الأمر بل بمعظم المجالس المحلية عدا أن المشاريع منعدمة والخدمات العامة تلاشت, فإن الموظفين لم تُدفع رواتبهم منذ شهور.
• نسبة البطالة بقرانا هي من الأقسى والأشد (إن لم تكن أقساها وأكبرها) بالدولة, ونقتصر لمناطق صناعية لجذب المستثمرين إليها, وحين نطالب بمثل تلك المناطق بإحدى القرى يرفضون معللين الأمر بالخرائط الهيكلية القطرية وبقرب مناطق صناعية بالمدن المجاورة, وإن وجدت مناطق بإحدى القرى يغرون المستثمرين بتسهيلات يمنعوننا منها ليستثمر رجال الأعمال بالمدن القريبة أو حتى بالسلطات الإقليمية المحاذية لنا وليعدل فكرة الاستثمار بقرانا.... وبهذا تتفاقم وتزداد نسبة البطالة ومن أراد العمل فضل "الهجرة" والسكن بالمدن والبعد عن القرية ...
• نسبة التعليم العالي (وأشدد على النسبة وليس العدد, فأنا أعلم أننا أقلية ولكن أشير بالنسبة...) لدينا هو الأدنى على الإطلاق بهذه الدولة, بل ويوازي نصف نسبة المتعلمين لدى بقية الفئات بالدولة حسب تعداد كل فئة... وهذا بالتعليم لشهادة الدرجة الأولى (b.a باكلوريوس) والأمر يزداد سوءا بالشهادتين الماجستير والدكتوراه وهذا إحصاء مثبت حسب لجنة التعليم العالي . والأصعب من هذا أن ما يضاهي 34% من الطلاب (والغالبية طالبات) يكون تخصصهم الأكاديمي بمجال التدريس.... وقد أصبحنا بفائض بهذا المجال.
• تعاني قرانا من مشكلة السكن والأراضي المتاحة للبناء وعدم توسيع وضم مناطق تلاءم نسبة التزايد السكاني بالخرائط الهيكلية , مشكلة نعاني منها جميعا ولدى بعض القرى الوضع أشد وأقسى من البقية كقريتي حرفيش وبيت جن اللتان أحاطت بهما "محمية ميرون" وضيقت عليهما بشكل خانق . ناهيكم عن "المشاريع" القطرية التي أقيمت بجهل وتقصير منا على أراضينا كمشروع الغاز بالمنصورة (الكرمل) والسجون بالمغار والمستوطنات اليهودية على مشارف جميع قرانا... والمشاريع بأراضينا لكن الضرائب المستحقة (كالأرنونا, ضريبة السلطات المحلية) تدفع لغيرنا ...
• نسبة التزايد السكاني (وأردد من جديد أني أقصد النسبة وليس العدد فقط) لدينا هو الأقل على الإطلاق وهذا حسب الهيئة المركزية للإحصاء. قبل حوالي عقدين مضت من الزمن كنا نسخر ونبتدع الفكاهات على اليهود الغربيين هنا, فالعائلة عندهم مكونة من الوالدين وطفل وكلب وقطة... والآن قد سبقونا بالتزياد السكاني, والسبب جلّي لمن أراد الرؤية مخفي لمن حاول التمثل بالنعامة, وهو نتيجة كل ما سبق وذكرته أضف إليه أمرا يصعب علي بموضوع بسيط شرحه... فكيف لنا أن نبني أسرة إذا كنا نفتقر لمكان للسكن؟؟؟ كيف لنا أن نعيل أسرة أن افتقدنا أماكن العمل ..؟؟ حتى الزراعة والفلاحة أقصونا عنها دون أن ندرك, وبات بعض شبابنا وشاباتنا يفضلون السكن بالمدن بعيدا عن قريتهم وبدأنا نفتقد الرابط المتين مع الأرض (رغم أنهم قلة قليلة, لكن إن لم نجد لهم الحلول المرضية قد تصبح ظاهرة عامة وشاملة...)
• تقع قرانا بالجليل والكرمل بمناطق جميلة خلابة وبها مناظر سحرية وبها أيضا بعض المواقع الأثرية .. لكن نفتقر من الدعم لتطوير "السياحة الداخلية" بها بينما الميزانيات لهذا الأمر تتلقاه بعض المجالس الإقليمية المتاخمة لنا .. فنرى الدعم لهم بالميزانية والدعاية والإعلام والتسهيلات والتأشيرات لمسارات الرحلات (سيرا, ركوبا على الخيل وسفرا بالمركبات الجبلية على أشكالها) ولمساكن للأجرة وفنادق بسيطة , أما نحن, فغالبيتنا ممن يجرؤ فيفعل هذا دون التأشيرات ودون دعم ونصبح بنظر القانون "خارجين عليه" ومجرمين.
هذا بعض ما يجول بخاطري, وما هذا إلا رؤوس أقلام لمشاكل كل منها تضم بداخلها بنود علينا إدراكها والبحث عن حلول لها... وتأثيرها على حياتنا وعلى رفاهية أبنائنا ونهضتهم وتقدمهم الفكري والثقافي والعلمي والعملي, فمنها ما يؤثر على البنية التحتية ومنها بنية علوية أهمها نحن...
فنحن نفتقر المؤسسات الضرورية ونفتقر مناطق خضراء للنزهة والراحة ..نفتقر نوادي ثقافية وتربوية وأخرى رياضية, نفتقر دعم للموهوبين بشتى المجالات : علمي, فني , رياضي , ثقافي....
تفتقر لأمور عظيمة يطول شرحها, لكن ... اما آن الأوان لنستيقظ ونباشر بالتشخيص أولا ومن ثم إدراج الحلول ؟! أو أننا سنعود سوية لنطالب برخصة لبندقية صيد؟؟!
سأنهي كلامي الآن لكن .... لن تكون الكلمة الأخيرة إن شاء الله .
وعذراً إن أطلت عليكم أو أخطأت بقولي