موقع سبيل - من رفيق بكري
* اللجنة الشعبية في كفر مندا تدعو لفتح صفوف عواشر للبنات في المدرسة الثانوية، كمقدِّمة لعملية فصل أوسع بين البنين والبنات في مدارس القرية في المستقبل.
سكرتير جبهة كفر مندا المحامي أنيس شناوي: اللجنة الشعبية لا تعكس موقف القسم الأكبر من أهالي القرية ولجنة أولياء الأمور لم تناقش الموضوع لا من قريب ولا من بعيد وندعو الأهالي للتكاتف حول الموقف العقلاني.
"إن دعوة (لجنة تربوية) منبثقة عن اللجنة الشعبية في قرية كفرمندا لفصل البنين عن البنات في المدرسة الثانوية هي خطوة خطيرة جدًا، لها أبعادها الإجتماعية والتربوية وتعيدنا إلى وأد البنات في العصر الجاهليِ، حيث حاربه الإسلام واعتبره من الكبائر حتى محى أثره من الوجود كليًا. وموقف اللجنة الشعبية في كفرمندا يعني وأد حق البنات في التعليم والانخراط في معترك الحياة بكل نواحيها، إنها ظاهرة خطيرة جدًا ابتدأت في أم الفحم وها هي تثار في كفرمندا ومن يدري إلى أي مدى ستتسع رقعتها إذا لم تعالج على كافة المستويات".
هذا ما قاله النائب د. عفو إغبارية (الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة)، تعقيبًا على قرار اللجنة الشعبية في كفرمندا، بفتح صفوف عواشر للبنات في المدرسة الثانوية، كمقدِّمة لعملية فصل أوسع بين البنين والبنات في مدارس القرية في المستقبل.
تكريس هذه الظاهرة يقلص من نسبة الطالبات في الجامعات ويجعلهن سلعة رخيصة لأوامر "السيِّد" في البيت
وقال د. إغبارية: " إن عملية فصل الطلاب عن الطالبات في المدارس الابتدائية والثانوية لم تعط نتائج إيجابية على المستويين التربوي والتعليمي، والسؤال المطروح هل ستنجح المدرسة الثانوية في هذه الحالة بتهيئة وإعداد الطالبة للانخراط في تعليمها الجامعي، حيث يوجد اختلاط تام هناك؟!! باعتقادي ستصطدم الطالبة في هذه الحالة بواقع جديد وبذلك فإن عملية الفصل التي اعتادت عليها، سوف لن تحميها ولن تحصّنها لتتأقلم بشكل سليم في الحرم الجامعي. وأخطر ما في الأمر هو أن تكريس ظاهرة فصل البنبن عن البنات في المدارس سوف يقلص من نسبة الطالبات في الجامعات ويجعلهن سلعة رخيصة لأوامر "السيِّد" في البيت. فالقضية الأساس في هذا المحور هي دور الأجسام السياسية العلمانية وغيرها، التي من واجبها عدم طمر الرؤوس في الرمال كالنعامة والاختباء من إعلانها الموقف المسؤول والشجاع، بدلاً مساندة الفتاة والمرأة ضد مظاهر التخلف ومن أجل حقها في العلم والعمل وتبوء المناصب الرفيعة والقيادية في كافة مجالات الحياة".
وأشاد د. إغبارية بموقف جمعية "نساء ضد العنف" ودورها الشجاع في التصدي للظواهر الرجعية في المجتمع العربي ودعا من خلال هذا البيان لجنة متابعة قضايا التعليم في الوسط العربي المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية لمناقشة هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعنا لمنع نهج التقوقع وكبت الحريات. كما وعلى سلطاتنا العربية ولجان أولياء أمور الطلاب واللجنة القطرية للجان أولياء أمور الطلاب وبالتالي الأحزاب السياسية الفاعلة في الشارع العربي أن تأخذ دورها من أجل الدفاع عن حقوق المرأة وحمايتها من هذه الظواهر الرجعية التي تخدم سياسة السلطة الحاكمة بكونها تشلّ حركة نصف المجتمع وتجعله عنصر خامل لا حول له ولا قوة.
ليست عملية فصل بل عزل وكنس البنات من مجال التعليم
أما سكرتير جبهة كفر مندا الدمقراطية المحامي أنيس شناوي فوصف قرار اللجنة الشعبية في القرية فصل البنين عن البنات في صفوف العواشر، أنها ليست عملية فصل بل عزل وكنس البنات من مجال التعليم، لأن حبس البنات في غرف صفيّة في نفس الطابق الذي يتواجد به صفوف للبنين، سوف لن يعالج الظواهر غير الأخلاقية السائدة في المدارس الثانوية بسبب الاختلاط كما تدّعي اللجنة الشعبية في تبريراتها. لذلك فإن الفصل لا يمنع المشاكل التربوية المعروفة، بل بالعكس ممكن أن يأتي بنتائج عكسية في العلاقة بين الطلاب والطالبات، لأن المسألة التربوية ومكافحة هذه الظواهر لها طرقها العلاجية الأخرى، لا مجال لخوضها في هذا السياق.
وقال شناوي: "على اللجنة الشعبية أن تعي بأن اللجنة المعينة هي من يحكم القرية اليوم وعملية الفصل المطروحة والتي ترفضها الجبهة من الناحية الاجتماعية والسياسية، لها أبعاد أخرى تتعلق بخلق واقع جديد في المدرسة فلأمر يتطلب إعداد مختبرات وفروع تعليمية وتخصصات وكوادر معلمات ومعلمين وكل ذلك غير متوفر ومن الصعب تحقيقه.
أللجنة الشعبية تحمل بقرارها توجهات دينية صرف ولا تعكس موقف القسم الأكبر من أهالي القرية الذين يرفضون الفكرة، رغم وجود نسبة لا بأس بها من المواطنين الذين وافقوا على قرار اللجنة فقط بكونها تتسلح بمواقفها الدينية الصرف، دون التعمق في أبعاد القضية بشكل عام. من هذا المنطلق فإن اللجنة الشعبية هي ليست جسم تمثيلي منتخب وغير مخولة لاتخاذ قرار مصيري من هذا النوع".
نتائج الفصل عكسية
وقال شناوي: "بصفتي عضو في لجنة أولياء أمور الطلاب في المدرسة الثانوية لا أذكر أن اللجنة تطرقت لهذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد وقد توجهت شخصيًا لأعضاء اللجنة الشعبية وطالبتهم بإعادة النظر في موقفهم وأعلمتهم بأن هذا الأمر ليس من اختصاصهم بل من اختصاص لجنة أولياء أمور الطلاب والسلطة المحلية".
ودعا شناوي أهالي القرية للتكاتف حول الموقف العقلاني، خاصة وأن دراسات عديدة بهذا الخصوص أكدت عدم نجاعة فصل الطلاب عن الطالبات من جميع النواحي، بل كانت النتائج عكسية تمامًا. ولهذا يجب الانتباه من الذين يحاولون خلط الأوراق وقلب الأمور وكأنها قضية دينية ويحاولون الركوب على موجة تقصير اللجنة المعينة أو مستوى المدرسة التعليمي أو الظواهر الغير أخلاقية والعنف وما إلى ذلك. فكل ما في الأمر هو تعصب غير مقبول وتمييز واضح ضد المرأة وحقها في الحياة وكأنها عالم آخر ليس من عالمنا، يباح قهرها واضطهادها والتمييز ضدها. في نهاية المطاف فإن السلطة الحاكمة هي المستفيدة الوحيدة، أما مجتمعنا العربي فكله متضرر من جراء ذلك.