بقلم : عصام أبو دولة
خلق الله سبحانه وتعالى كل شيء بشكل متكامل ، ولكل مخلوق دوره في معادلة الكون والحياة . لم يأت شيء من فراغ ، ومعادلة الخالق إنما تدل على التوازن والثبات ، إنها ترتكز على الأمر وضدّه ، أو وعكسه إذا شئتم . لكل حركة سببها ولكل استقرار سببه ، أمور فيزيائيَّة لها قوانينها. لكل مخلوق ٍ شأنه ودوره في هذه الدُّنيا ، ولولا البخيلُ لما كان الكريمُ كريمًا !!
ما بين الجدّ والسُّخرية تتأرجح كلماتي في هذه المحطة الكلاميَّة ، ولا إجمال فيما أكتب ، ولولا السّالبُ ما نفع الموجبُ ومن هذا المنطلق أكتبُ ما أكتب : لا محصول بدون أعشاب ضارَّة ، ولا قرية بدون كلاب ضالـَّة ، ولا مزبلة إلا وجذبت الديدان والباعوض والطفيليّات !!
عزيزي القارئ ، مجتمعنا ، ككل مجتمع في كل رقعة جغرافيَّة من هذا العالم ، معلولٌ بألف علّة وموبؤ بألف مرض ، والمشاكل والأزمات وحتى الشائعات تتساقط علينا كالمطر ، أمّا الإنسان الذكي الحكيم ، فهو ذاك الذي يحمي نفسه من الأمطار الشائكة تحت مظلة ألتعقّـل وارتداء معطف الأخلاق والفضيلة ، ويعتمر قبعة مخافة الله فرأس الحكمة مخافته عـزّ وجلّ .
الذكي هو ذاك الذي يتسلح بالتسامح وبالعفو عند المقدرة . الإنسان الحكيم هو ذاك الذي لا يخرج منه إلا كلمة واحدة مقابل كل مائة كلمة تلتقطها أذنه ، هو الذي يؤمن بأنه إذا كان الكلام من فضة فالسُّكوت من ذهب ، فلا يدينُ الإنسانَ إلا ما يقوله ، واللسان كالحصان يصونك إن صنته ويخونك إن خنته. القول المأثور " إذا أراد الله أن يبلي قومًا أتاهم بكثرة الجدل وقلة العمل " ، لم يأت من باب الصُّدفة بل انـَّه عصارة التجارب الإنسانيَّة على مرّ العصور.
في عالمنا أمور نعتبرها نحن طبيعيَّة في حين يعتبرها آخرون شاذة وغير مقبولة ، وبالعكس . في مجتمعنا نقتل الكلب الضّال ونتخلص منه في حين يتم إنقاذه في مجتمعات أخرى إذ يؤخذ إلى مرافق حماية الحيوان وتتم معالجته وتنظيفه وهناك حتى من يتبنّاه . في مجتمعنا نطمر الأوساخ تحت طرف السّجادة ونتخلص منها بأي طريقه, في حين تكنولوجيا الدُّول المتطوِّرة تحوِّلها إلى سماد وطاقه ننتفع منها!!
الكلاب الضّالة انفع ألف مرَّة من تلك التي يربيها البعض لتهاجم وتفترس ! والباعوض والذبان أنظفُ من ديدان المجتمع التي تتأبَّط الشر عنوةً ، وتعتاش على النـَّصب والغش والاحتيال ، وعلى فتات النميمة ودقّ الأسافين والحسد والكراهية !!
في المجتمع نتوء يجب شحذها، وبشرٌ يجب رصّها ، وألسنةٌ يجب قصّها ، وشوائبُ شيّبت الذوائب وحان تذويبها . انظر حولك جيدًا عزيزي القارئ ولا بدّ أن ترى ما أقصده ... وللحديث بقيَّة إن شاء الله ...
مع تحيّاتي ...
عصــام أبو دولة