موقع سبيل تقرير – يحيى عامر
حالة إنسانية خاصة يعايشها طفل بعمر البراءة
أمين فتحي شنان طفل من قرية حرفيش ، خصَّه الله بحالة مرضيَّة نادرة جدًّا، أمين يُعاني من مُتلازمة تعرف باسم ( متلازمة القصر التطابقيَّة - תסמונת גמדות סימטרית ). حاليًّا المتلازمة التي يعاني منها الطفل أمين تعتبر الحالة الوحيدة المشخـَّصة في إسرائيل، وهي من بين ما يقارب 25 حالة فقط بالعالم أجمع .
أمين فتحي شنان وُلد بوزن 606 غرام ممّا أحوج مكوثه في المستشفى تحت عناية شديدة في قسم الأطفال الخـُدج. خلال فترة مكوث أمين في المستشفى عانى والديه وعائلته الأصعب والأمر جرّاء جُهدهم المتواصل لرعايته حتى اكتمل نمو جسده نسبيًّا مما مكـَّن من إرساله إلى بيت والديه لمتابعة تربيته تحت كنفهما.
أمين اليوم يصل وزنه إلى 6 كغم ونصف فقط وطوله 72 سم ! إلا أنه ومن المؤسف جدًّا وبحسب ما يتوقع له الأطباء ، أنَّ نمو جسده سوف لا يتعدى وزن 9 كغم وطول المتر الواحد وهذا في أفضل الحالات ! مع هذا " إن الله رحمن رحيم " وعوَّض على هذا الطفل بقدر كاف من الذكاء والانفتاح الفكري نسبة لطفل بهذا العمر ( 9 أعوام )، وأنعم الله عليه بالبشاشة ولا تراه إلا فرحًا مرحًا يقفز هنا وهناك.
المشكلة التي تقف في طريق هذا الملاك الصَّغير هو عدم قدرته على القيام بعديد من الأشياء من الاحتياجات اليوميَّة كأي طفل آخر بعمره ، وذلك بسب قصر قامته ، وخفة وزنه ، وضعف جسده النـَّحيل ، الأمر الذي يحوج ملازمته والعناية به على مدار الليل والنهار ، وما يوجب تقديم يد المساعدة من شخص آخر حتى في أبسط الأشياء وفي أغلبيَّة متطلبات حياته اليوميَّة! ولا سيما أثناء تواجده في المدرسة على مقعد الدِّراسة ، وهنا تكمن الحالة الانسانيَّة الوجدانيَّة لهذا الطفل الذي من حقه وواجب المجتمع أن يوفر له التربية والتعليم كأي طفل آخر لكن ضمن نطاق خاص يلائم حالة وظروف هذا الطفل البريء . حاليًّا أمين عمره تسع سنوات ومن المفروض أن يدرس في الصف الثالث إبتدائي في احدى المؤسَّسات التربويَّة في القرية ضمن البرنامج الاعتيادي ، ولكن من المؤسف وبسبب تقاعس الجهات المسؤولة ، حاليًّا أمين لا يذهب إلى المدرسة. وبما أن حالة أمين الجسديَّة نادرة جدًّا ، وتتطلب ظروف خاصَّة ومعقـَّدة، لا توجد أيَّة مؤسَّسة تربويَّة في اسرائيل تؤمِّن جميع متطلبات الدِّراسة لمثل هذه الحالات ! وأغلبيَّة المؤسَّسات التربويَّة الخاصَّة لحالات مشابهة لا تتوافق خدماتها مع الحالة الخاصَّة لأمين.
أمين ينهض كل صباح مع أخته التوأم (الطفلة في الصُّور) يراها كيف تذهب للمدرسة للتعلم ، أمّا هو يبقى قابعًا في البيت ، ممّا يجعله يسأل والديه : " لماذا لا أذهب للمدرسة كبقية الطلاب ؟ " .
كيف لهذا الطفل أن يدرس في نطاق مؤسَّسة تربويَّة اعتياديَّة حين أنـَّه لا يتمكن من الصُّعود إلى حافلة المدرسة لوحده ؟ كيف لهذا الطفل أن يحمل حقيبته المدرسيَّة التي تزن ضعفي وزنه أو أكثر ؟ كيف لهذا الطفل أن يتعامل مع زملائه الطلاب في المدرسة إذا اعتدي عليه من قبل أحد الطلاب ؟ كيف له أن يفتح باب غرفة صفـِّه أو باب المرحاض في المدرسة لوحده وهو لا يتعدى السبعين سم ؟ كيف سيستطيع الكتابة على اللوح ؟ أتعلمون إن صدمته ضربة خاطئة بالكرة أثناء درس الرياضة يمكنها أن ترديه قتيلا نسبة لحجم جسده ؟! ناهيكم عن المخاطر التي لا تغيب عن فهم نبيه !!! التي تتربص بهذا الطفل منذ لحظة توجهه نحو مدرسته في الشارع وفي كل مكان .
منذ ولادة أمين يعمل والديه ويدأبا على تأمين أفضل الظروف الحياتيَّة وسبل الرّاحة لولدهما ، ووالده المحامي السيِّد فتحي شنان منذ فترة طويلة وهو في صراع مع الجهات المسؤولة التابعة لوزارة التربية والتعليم ، المجلس المحلي في القرية والمدرسة من أجل تأمين الظروف الخاصَّة لتثقيف ولده وإعطائه حقه الإنساني والاجتماعي والقانوني بالتعليم كأي طالب آخر ، إلا أنـَّه وللأسف لا يتلقى إلا ردود الحبر على ورق وأغلبيَّة الجهات التي تدخلت بالموضوع ترمي بالحمل والمسؤولية على عاتق بعضها البعض ! .
ألا يحق لهذا الطفل الذي خصَّه الله بنعمة خاصَّة أن نمنحه القليل من حقه ألا وهو العلم والثقافة ؟! .
كل ما يتمناه أمين ووالديه إيجاد حل جذري وبأسرع وقت ممكن لهذه الحالة الإنسانيَّة الاجتماعيَّة وإيجاد الظروف والإطار التربوي الملائم لكي يستطيع أمين أن يكتسب الأشياء الأساسيَّة في الحياة وأهمّها نور العلم دون أن يشعر أنـَّه عالة على المجتمع.