بقلم : منير فرّو
حسبي بالله، عليه توكلت وبه أستعين .
بداية أسأل الله العفو والخلاص والمسامحة من الزيادة والنقصان، وأعوذ به من شر مردة هذا الزمان،الذين هم كالسباع الضارية على أهل الدين والرئاسة الروحية، ويتطاولون عليهم بألسنتهم ،وهم الذين قيل عنهم السن أولاد السلقلقيات أي أصحاب الألسن الحادة، التي يسلقون بها رجال الدين ويعيرونهم في الدين، ويكون ظهورهم في عند قرب الساعة،لأن من إحدى علامات القيامة القذف والسب لأهل الدين، وقيام الأشرار على الأخيار، وتعييرهم وتعييبهم في الدين ومعتقداته بسبب الحجبة التي في نفوسهم،الظلمة النابعة من الجهل والمعاندة والاستكبار، ومهمهة الحيرة، لتغلب الهوى والشهوات على نفوسهم ، واستحواذ الشيطان على عقولهم حتى انساهم ذكر الله وجعلهم أعداء لمن آمن بالله ورسوله واليوم الآخر، فطوبى للإنسان الذي يتبع الهدى ويحترم اهل التقى ويبتعد عن اهل الغي والجهل والردى.
قال تعالى : في سورة النور لتخويف أولئك الذين يثيرون الشكوك والظنون في الذين نصبهم الناس أمناء على مصالح العامة : "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وانتم لا تعلمون"، ويقول تعالى وتبارك اسمه أيضا في سورة الحجرات في الذين يغتابون إخوانهم ويقولون عنهم ما ليس فيهم ابتغاء الفتنة والفساد: "ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه".
فزماننا هذا كثر فيه المدعون المصلحون والمنتقدون، وهم في الحقيقة مفسدون، لقوله تعالى: "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل. والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد"،
والكلام هنا عنكل إنسان مخادع يستغل قدرته على الخداع ليخدع غيره، لقد قيل: "إن الإنسان من السهل إن يعظ غيره ومن الصعب أن يعظ نفسه "، فظهور أناس من طائفتنا على الملأ، يدعون الغيرة على طائفتهم ويعملون ليل نهار على تهشيم وتهميش قيادتنا الروحية لهو عار علينا جميعا ثم ندع مثل أولئك أن ينتهكوا حرمة الطائفة ورئاستها الدينية،
فالانتقاد البناء مقبول، ولكن ليس بالصورة التي يقولها هؤلاء، لأنهم يضرون أكثر مما ينفعون، فالمساس بأكبر رمز في الطائفة، هو مساس بالطائفة أجمع، ومن يقبل لنفسه إهانة الطائفة فهو أحمق ليس على خلق، بل هو مدّعٍ مارق، لقوله تعالى: "هماز مشاء بنميم، مناع للخير، معتد أثيم". فالرئاسة الروحية تنتخب فقط على يد الطبقة العليا في الطائفة، وهم رجال الدين، وعندما يقع اختيارهم على شخص فيتم بالإجماع عليه، فهم ينظرون بالبصائر والأبصار، ثم أن الرئاسة الروحية هي ليست منصبا جسمانيا كما تعتقدون، وليس هو منصب لإقامة مشاريع بنية تحتية ولا مصانع ولا خطوط كهرباء ولا سكة حديد ولا مشاريع دنيوية إلخ... إنما هو منصب روحاني ديني بحت،يعمل على رفع كرامة الدين وإعزاز أوامره ونواهيه وبالتالي صيانة الطائفة ، ويجمع تحت جناحيه الروحي والزمني، وتعرض عليه مشاكل الطائفة الدينية والدنيوية والاجتماعية كقضايا ليجد لها حلولا عند أربابها ،
ويمكن للرئيس الروحي أن يجمع ويستقبل ويقصد رجال السياسة من الطائفة وغيرها من اجل طلبات تليق بالطائفة، وعلى السياسيين أن يباشروا بها من اجل المواطن، وكل تقصير في عدم تنفيذ المشاريع يقع على عاتق السياسيين،وليس على الرئاسة الروحية ، لأن عليها فقط توجيه الساسة لعمل مشروع ما، أو القيام بمطالبة الدولة بتسهيلات للطائفة، ولكن إذا قصرت الدولة أو بالأصح تلاعبت وتعاملت بالكذب على الرئيس الروحي والطائفة كما هو دأبها دائما و هنا تكمن أساس مشاكلنا جميعها، فهذا لا يعني بان الرئيس الروحي قد فشل كما يدعي البعض، ويجب الإطاحة به ونقوم بانقلاب عسكري عليه، فيكون قد أصابكم كما أصاب بني إسرائيل مع موسى عليه السلام، عندما قالوا له : اذهب أنت وربك قاتلا إنا هنا لقاعدون "،
فبعد أن قرأت التعقيبات الكثيرة من شبابنا وفتياتنا بخصوص الرئاسة الروحية وكل ما يدور في فلكها من شؤون الطائفة ، فالله قد ذرفت عيناي الدموع عليكم يا إخوتي ويا أخواتي:
إلى أين وصل مجتمعنا ؟ ما هذا التخبط ؟ ما هذه الأفكار ؟ ما هذا العنفوان ؟ ما هذه التفوهات والتقولات والادعاءات والتهم الباطلة في حق من أوكل لخدمتكم؟ أين المباديء التوحيدية التي ترعرعنا عليها ؟ أين القيم ؟ أين الآداب ؟ أين احترام الكبير ؟ أين احترام الشيخ ؟ أين احترام القادة الروحيين والزمنيين ؟ أين أدب الحياة؟ أين أدب الكلام؟أين أدب السلوك ؟ أين أدب السؤال؟أين انتم من كل هذا ؟ أفنسيتم الدين أعلامه وآدابه؟ أم تغافلتم عن مبادئه وأركانه ومفترضاته ؟ أم مال بكم الهوى فهويتم؟ أم تمكن منكم الشيطان فنسيتم؟
فتعليقاتكم جميعها تأتي من منظار حياة جهل وعقول مظلمة لا يدخلها ضياء، ولا صلة لها بالدين، ولا معرفة بالمسؤولية، ولا تمييز بين روحانيين وجسمانيين، وتنتقدون الرئيس الروحي وكأنه رئيس حكومة أو رئيس حزب أو كأنه سلطة دنيوية تشريعية وتنفيذية، كلا ليس هكذا يجب النظر إلى الرئيس الروحي، وليس هكذا تتم محاسبته وتشهيره على الملأ بأقاويل وترّهات باطلة، بل إذا ظهر منه خللا في الدين، أو نشر فسادا، أو حلل حراما، أو حرّم حلالا، أو دعاكم إلى الجهل، أو فساد للأخلاق أو شيء يخالف مسلك التوحيد وما بني عليه،
وأنا في هذا المقال يعز علي الخطاب لمن هم اكبر مني سنا وبعضهم أكن لهم الاحترام والتقدير، ولكن يجب أن يعلم كل واحد منا مهما كان أن الرئاسة الروحية خط أحمر لا يمكن تجاوزه والقذع به،وكل توجيه يجب أن يكون للرئاسة الروحية مباشرة وليس عبر وسائل الإعلامومع تشدق وادعاء الصالح للطائفة،فليس من صالح للطائفة بتعييب الرئاسة الروحية وجعلها في الحضيض وإلباسها ثوبا مخالفا لثوبها،
فالرئاسة الروحية هي فخر وشرف واعتزاز لنا وليس عبودية واستعبادا كما يزعم البعض،وهي مستمرة في أبناء التوحيد تنتقل طورا بالوراثة، ولكن عن أصل الدين والتدين وأصالة الحسب والنسب وليس لمجرد أهواء، وطورا باختيار النخبة من رجال الدين الأتقياء أصحاب العقول الرجيحة والبصائر الصحيحة دون ميل أو جنحة وذلك عند تعذر وجود الوريث.
فعلى مر تاريخ الموحدين الدروز لم يحصل أن انتخبت رئاسة روحية غير آهلة للثقة وإنما تكون مستحقة الثقة والإجلال والتقدير لكونها المرجعية الأولى والأخيرة للطائفة، ولكن تختلف المنازل والدرجات بقدر المسؤوليات والعصور الخاويات الطاغيات والأزمان المتغيّرات، وليس زماننا الحاضر كالأزمنة السابقة، بل زماننا الحاضر يدل على زمان قربنا من الساعة وفيه أحوال عجيبة لا ينفع فيه سوى الرضا والتسليم لمالك الرقاب ورب الأرباب والتمسك بالدليل مهما كانت قوته، فالتعلق به نجاة والمخالفة له مهواة، فتعيين فضيلة الشيخ أبي حسن موفق طريف خلفا لجدة فضيلة المرحوم سيدنا الشيخ أبي يوسف أمين طريف لم يكن سوى اختيار حكيم رغما على أنوف الأضداد ولعدة أسباب:
1) وأد الفتنة مما يمنع الاختلاف في الطائفة والتنازع على خلافة المرحوم.
2) كون الشيخ موفق رجلا مثقفا متواضعا ذا وعي ودراية يتميز بنبوغ وعقل وحكمة.
3) كون الشيخ موفق رُبّي في أحضان سيد الجزيرة وقد تعلم منه الكثير من الأحوال والحكمة وإدارة الأمور، وكان بمثابة سكرتير للمرحوم مطلعا على كل الأمور، فسيدنا الشيخ عبارة عن جامعة جامعة لكل العلوم والمعارف.
4) لكون الطائفة قد تعودت عليه في خدمتها وعلاج المشاكل.
5) كونه شيخا من سلالة آل طريف سليل آل طريف الأمجاد وأصحاب الفهم والرشاد أهل الهداية للعباد، ومنهم ظهر أهل فضل وأسياد ودانت لهم العباد لخدمتهم للدين وأهله منذ النشأة، واستمروا في نشر تعاليم الدين حيث برز منهم العلماء والفقهاء، وقد ثبت علميا أن الزعامة تنتقل بالجينات الوراثية وأن الزعامة تنجبل بالإنسان الذي يولد في بيت زعامة منذ الولادة.
6) كونه خريجا من خلوات البياضة "الأزهر الشريف" ومتخرجا من الجامعة يحمل شهادة جامعية ويتماشى مع روح العصر، فهو يجمع بين رجل الدين والدنيا وحكمة الشيوخ وحماس الشباب والتروي في الأحكام والقضاء، خصوصا في دولة تحكمها المؤسسات ليس كما عهدناه قديما في استعمال العنف، بل دولة يتحكم فيها العقل لا العاطفة، وكثيرة هي القضايا التي نجح فيها لصبره العميق وترويه وعمله بعقلانية وبالقانون لا العاطفة التي أفسدتنا الكثير من القضايا وعلى رأسها قضية الأرض.
7) هناك الوصية وما يتخللها من بنود وقرر المشايخ الثقاة بالإجماع على تعيينه خلفا لجده.
8) مهما عملت الطائفة لن تقدر على إيفاء سيدنا الشيخ أمين وال طريف حقهم لفضلهم العميم، وطائفتنا طائفة وفاء ومكافأة.
إن ابرز ما ظهر من آل طريف في الربع القرن الأخير ظهور سيدنا الشيخ علي فارس (ر) والذي وجد في آل طريف البيئة الدينية التي تلائمه، فألف بهم وعاش بين احضناهم قبل أن تظهر فضيلته فخدموه مما حدا بالشيخ محمود نفاع من بيت جن المتقلد زعامة الطائفة آن يخلع العباءة ويلبسها لآل طريف يوم وفاته إكراما وتقديرا لهم لاحتضانهم وخدمتهم لسيدنا الشيخ علي فارس،
ولم تزل تنتقل رئاسة الطائفة وخدمة مقامي نبييّ الله شعيب والخضر عليهما السلام في آل طريف بالرغم من ظهور الحساد والأضداد كما جرت العادة في كل دور لمن يرفع الله شأنه بين إخوانه إلى أن وصلت حضرة المرحوم سيدنا الشيخ أمين طريف الذي أنار عصر الظلمة في القرن الأخير وكان نبراسا للحق والدين،
وبالرغم من علو منزلته وبروزه في الفضل لم يسلم من الحساد الذين حاولوا تشويه صورته كما شوه الذين كفروا صورة الحبر العظيم والكاهن الكبير سيدنا يحيا بن زكريا عليهما السلام. ولكن الله يعطي الملك لمَن يشاء ويمنعه ممن يشاء، ومَن كان مع الله فلا يبالي ومن يتكل عليه فهو حسبه.
وفي يوم وداع أبناء التوحيد لفضيلة سيدنا الشيخ أمين طريف وتنصيب الشيخ أبي حسن موفق خليفة له بتأييد الثقاة، إلا أن المعترضين أرادوا نشر بذور الفتنة في الطائفة بتقديم الاعتراضات في المحاكم ضد تعيين فضيلته خلفا لجده المرحوم، ولكن اعتراضاتهم كانت كالزبد على وجه الماء الذي يذهب جفاؤه ليبقى الماء العذب الزلال لقوله تعالى في القران: "مما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"،
فولى المعترضون واعتراضاتهم على الأدبار وبقي الشيخ موفق طريف رئيسا روحيا ولكن بسبب دعاويهم المستمرة، تدخلت وزارة الداخلية وقررت تعيين مجلس ديني مكون من 75 عضوا يتم انتخاب رئيسه كل خمس سنوات، وبذلك يكون إقامة هذا المجلس الديني بتشكيلته ناتجة عن اعتراضات مكثفة في الطائفة وليس بإرادة الشيخ أبي حسن موفق طريف. ولكن احتراما للدولة ولمؤسسات القضاء ولمكتب الداخلية، وافق الشيخ موفق طريف على هذا المجلس الديني الأعلى الذي كنا بالغنى عنه. وفي الانتخابات الأخيرة تم انتخاب فضيلته لمدة خمس سنوات قادمات دون أن يكون منافس لفضيلته لأنه لا يتوفر مَن هو بحجم هذه المسؤولية التي تحتاج إلى صبر واحتمال وشغل بال،
ولكن المعترضين لهذا الانتخاب عادوا ليظهروا على المنابر ووسائل الإعلام، تارة بأسماء مستعارة وتارة بأسمائهم الخلابة مبدين اعتراضاتهم بشتى الحجج والادعاءات، فتارة ينتقدون طريقة الانتخابات كونه لا يوجد منافس وتارة يتهمون الشيخ موفق بالعنجهية والانفرادية والديكتاتورية، وأنا شخصيا لا أفهم ما هي الديكتاتورية التي يقصدونها وهل شيخنا هو ديكتاتور ونحن لا نعلم؟
وتارة ينتقدون المجلس الديني وتركيبته الدينية والسياسية ويعتبرونه خاضعة لإمرة الدولة وليس لرجال الدين ويتجاهلون أنهم هم سبب تدخل الدولة فينا ويطالبون بحله وهنا ينطبق المثل العامي "تحيّرنا يا أقرع منين بدنا نبوسك"،
وتارة ينتقدون الترميمات والعمران في المقامات المقدسة وخاصة مقامي نبييّ الله شعيب والخضر عليهما السلام المكانيين الذين يأويان أبناء طائفتنا في السراء والضراء والذين لم يعودا يسعان الزوار كما كان في السابق ويحتاجان دائما إلى استحداثات وتطويرات ليليقا بالعصر وبالزوار وعددهم المتزايد، ويريدون إرجاع المقامين إلى سابق عهدهما مغارة تخلو من كل وسائل الراحة!!!
مع أن الشيخ أبا حسن موفق استطاع مؤخرا ضم 350 دونما لمقام نبينا شعيب –ع- من أراضي الدولة وتطوير الشارع المؤدي للمقام وتعبيده من أجل راحة الزوار. ولا ننسى منذ سنين عدة، وبعد النظام في المقام الشريف أصبح المقام مكانا للعبادة وتحصيل العلم الشريف وأيضا مكانا للمحاضرات التوحيدية لتوعية وإرشاد أبناء الطائفة مع وجبات غذائية، ولا ينفك أولئك المنتقدون للبناء مخاطبة والدردشة مع الحجر!!!
وأيضا يدّعون بأن شيخنا الجليل سبب لتدهور الطائفة أخلاقيا واجتماعيا واقتصاديا وتربويا وثقافيا وحتى تطويريا، متناسيين قول الحديث النبوي الشريف : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، فكل أب وأم هما المسؤولان الأولان عن تربية أولادهما وليس الرئاسة الروحية، فالتربية تبدأ بالبيت، ثم أنه للبيئة تأثير كبير، وللحرية الخطر الكبير، حيث بات الأب لا يستطيع أن يفرض هيبته على زوجته وأولاده في دولة تدعي الديمقراطية وحرية الرأي ونظام المؤسسات الذي بات الخطر الكبير الذي يهدد المجتمعات وكل المجتمعات، ويسبب الفلتان الخلقي والكلامي، حتى سب الصغير الكبير والخلف السلف والجاهل العاقل وتمرد الفرد على الأسرة والمجتمع والطائفة والزمني على الروحي، وافتقدنا الاحترام الذي تربينا عليه وتفككت الاسرة وبالتالي المجتمع، حتى أصبح الفرد منا يخضع لأنظمة مادية تقوده لما يحلو لها فتسلب العرض والأرض أمام أعيننا ولا أحد يحرك ساكنا، لأن وجود أولئك الذين يطعنون في رجال الدين والقادة قد أضعفوا مكانتهم وهيبتهم وجعلوا من يسمعونهم يفقدون الثقة بهم فضعفت كلمتهم في المؤسسات الحكومية حتى تجندت فتياتنا بمساعدة آبائهم وتمردهم على الدين والشرف للخدمة الوطنية التي هي بابا إلى التجنيد الإجباري وبالتالي ضياع الأهل .
ويحتجون أيضا بأن الأموال التي تبذل على المقامات والأحجار الصماء لتخدم الجميع يجب أن تبذل على أبناء الطائفة في التعليم في الجامعات، وفي رأيهم أن أمور الدين يجب أن تبذل في سبيل الدنيا وهم لا يفتحون جيوبهم لأي مشروع! بالعلم، إن حضرة شيخنا الجليل يبذل الهبات التعليمية للجامعيين من الطائفة ودون تفرقة بين متدين وزمني وشاب وفتاة فهناك لجنة تقوم بتوزيع الهبات وبالتساوي، وأيضا حصل على تعليم مجاني للطلاب الدروز في الجامعات الأردنية ولا بد أن أقدّم هنا الشكر للمملكة الهاشمية ملكا وحكومة وشعبا على هذا العطاء الجزيل، ويمد أيضا يد العون المادي للمشاريع الخيرية في قرانا كبناء بيوت شعب ومساعدات علاجية وغيرها.
وأيضا يخرج بعض المنتقدين عن الأدب وينتقدون زيارات المشايخ للاماكن المقدسة وللبلدان والتي نراها فعلا قد كثرت في هذه الآونة الأخيرة لتوفر وسائل النقل ولكننا أحوج ما نكون إليها في هذا الزمان العصيب والمدمر للأخلاق وكثرة هذه الزيارات جاءت لتحرك النفوس الحية وتوقظها من سباتها العميق لعلها تنهض بعد الغفلة وهي في أصل الحال فريضة دينية مهمة جدا ولكن دون إكراه ولا إجبار، بل هي باب للحسنات
وأيضا ينتقدون النقليات وكأنهم يريدون أن يجعلوا من رجال الدين عبدة لبطونهم وشهواتهم، وحاشا الموحدين أن يكونوا كذلك لأنهم أنبل واشرف وأطهر وأعف من أن تميل بهم شهواتهم إلى ما يغضب خالقهم، ولكن السفر والصلوات تحتاج إلى طعام يقي من الجوع، وأيضا النقليات تأتي من قبل أناس من كل بلدة ينتظرون هذه الفرصة ليبذلوا على الأجاويد من دافع ديني وغيرة وكرم وهناك من لا يعجبهم ذلك! وكأنه يجب أن نمنع المشايخ من الطقوس والواجبات والنقليات لتبذل فقط على أبناء الدنيا متناسين أن ما يقوم به أبناء الطائفة من رحلات إلى الفنادق داخل وخارج البلاد للرفاهية والتنزه وما ينفقونه على الكماليات من الأثاث والسيارات والعطور والزينة الخ، يمكن أن يخرّج سنويا أعدادا هائلة من المثقفين، ولكن لا أحد ينتقد أهل الدنيا بل ينتقدون أهل الدين والأشد غرابة أن من بين المنتقدين أناس يتزيون بزي الدين وينافقون عليهم ناسيين أن من انتسب إلى قوم لا يأتي بضدهم،
وأيضا يثيرون الشكوك حول أمانة فضيلته في تصريف أموال الوقف بالعلم أنه تم تعيين لجنة من عشرة أشخاص الشيخ موفق ليس من جملتها، وأنه لا يحق له التصرف الانفرادي بها، وهناك الكثير من الانتقادات التي لا تليق حتى كتابتها لسخافتها لكنها تدل فقط على سخافة من يكتبها وما ينبض فيها قلبه من سوء نيات،
فبالرغم من ما يقدمه فضيلة الشيخ موفق طريف ويعمله ليل نهار مع اعتراف فضيلته بالعجز والتقصير والزلل والخطأ لأنه هو ليس معصوما عن الأخطاء، فهناك من يحاول أن يتعامى ليثير الإشاعات والشكوك ويضعضع أركان الطائفة، وبذلك بدلا أن يأتي بالإصلاح يأتي الخراب.
وهناك أيضا من ينتقده لموالاته للدولة التي كتب الله لنا العيش فيها وأن نأكل من رزقها ونتقاضى معاشاتنا منها وندخل مستشفياتها، كيف لا نوالي السلطة ونحن مَن تعودنا أن لا نبصق في الصحن الذي نأكل منه؟
فنحن طائفة وفاء وإخلاص، لا نخون الدولة ولا الصديق، فدولة إسرائيل منحت مواطنيها حرية العبادة وأعطت المسنين رواتب من التامين الوطني وأيضا الأرامل والثكالى الذين لا يجيدون من يعيلهم فالدولة تعيلهم.
فإسرائيل دولة حقوق وقضاء، دولة لا تجد فيها جائعا أو عريانا لكثرة المؤسسات التي قلما نجدها في بلاد الشرق وحتى الغرب، وبالرغم من التسهيلات الحياتية وراحة البال في إسرائيل، هناك من يريد من فضيلته أن يتخلى عن دولته والانتماء إليها،
ففضيلة الشيخ موفق طريف وطائفته روحانيها وجسمانيها يحترمون دولة إسرائيل، ويعملون على توثيق الوصال بين الطائفة وإسرائيل، وبين إسرائيل وإخوانهم العرب، الذين نحن منهم ولكن نختلف معهم في تسيير أمورهم،
وإننا سنبقى على "حلف الدم" بالرغم من شعورنا بظلم المؤسسات الإسرائيلية، لعدم فهمنا كما يجب، حتى نحقق "حلف الحياة" شاء من شاء وأبى من أبى، وبإذنه تعالى سوف نحقق السلام بين دولتنا والدول العربية المجاورة، لنغيّر فكرتهم عن إسرائيل، ولتظهر حقيقة إسرائيل للشعوب، أنها دولة عدل ومساواة وحرية،
وأخيرا وليس آخرا أطالب أبناء طائفتي روحاني وزمني، وقائد وزعيم وسياسي، توطيد الثقة برئاستها الروحية، لأنها أهلا للثقة، ولأننا بحاجة للاتحاد تحت رايتها لنبقى أقوياء ونحافظ على كياننا، وعدم الإصغاء لأولئك الذين لا يريدون الخير لطائفتهم، فيعملون ليل نهار على تفرقتها وإثارة الشكوك بقيادتها الروحية والزمنية مدعين بأنهم يريدون الإصلاح ولكن فيهم يصح قوله تعالى : " وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون"،
فالرئاسة الروحية تسعى بكم إلى نجاة أرواحكم في الآخرة التي هي أبقى لكم ،لا أن تلهيكم بالدنيا عن الآخرة، وتشغلكم عن ذكر الله، فالطائفة الدرزية أخذت على نفسها عهدا إذا رجع احدنا عنه فلن يكون له في الآخرة شفيع، ولن يقبل له عذر، فمن تكبر على رجال الدين فكأنه تكبر على الأنبياء المرسلين، ومن تكبر على الأنبياء المرسلين فانه تكبر على الله رب العالمين، ومن تكبر على الله فانه يستحق عذابه وسخطه يوم عرض المخلوقين، لأنه تعالى قال : " إنما يخشى الله من عباده العلماء"، لان العلماء هم ورثة الأنبياء، وبالتالي رجال الدين هم خليفة الله على الأرض، لأنهم يطبقون أوامره ونواهيه، ومن يخالفهم فانه يخالف الله والأنبياء، لذلك قال تعالى : " أطيعوا وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ".
فرجال الدين هم أولو الأمر منا ومنكم، فمن أراد أن يخالفهم فلا بد من معاقبته دينيا بين الخلق في الدنيا، وذلك بهجرانه وعدم التعامل معه وعدم المؤازرة له والمشاركة له في الجنائز والأفراح والأسقام وعدم الصلاة عليه عند الموت، وفي الآخرة يدخله الله في جهنم حيث العذاب السرمد، ولا تغرنكم الديمقراطيات وأنظمة الدول فالدول عن قريب ستزول ويبقى الدين ورجاله، لذلك رجال الدين هم حلقة وصل بين الأنبياء وبين الله جل وعلا، فمن أطاعهم فمثواه الجنة، ومن عصاهم فله النار، لأنه لا كرامة ولا مسرة لمن يتطاول على رئاستنا الروحية "والزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"، وسيبقى الشيخ موفق طريف شامخا كشموخ سلفه، " والله الغني وأنتم الفقراء".
ملاحظة للمعقبين لا تعقبوا بترهات وتفاهات لمجرد التعقيب إقرأوا المقال وافهموه وتكلموا بمسؤولية فكل تعقيب مخل ودون دراية تقع عليكم المسؤولية في إفساد مجتمعنا فنحن ندعوا الى الاتحاد والتعاون لصد أي خطر يهدد كياننا فعلينا ان نتعاون معا وليس ان نسلط الانتقادات على بعضنا ونثير الشكوك ولا تنسوا بأننا نعيش في بيئة تريد تفكيك المجتمعات وخلق صراعات مع الدين ومع الله لان البيئة في العالم متسلطة عليها العلمانية والرأسمالية التي تدعو إلى تجهيل الناس وابعاهدم عن أديانهم ومعتقداتهم وبالتالي أن يكفروا بخالقهم ويتمردوا على عاداتهم وتقاليدهم ويعيشوا في صراع مع خالقهم ومهمهة الحيرة والشكوك وهذه جولة الشياطين قبل اتيان الساعة فاحذروا الانزلاق ورائهم وابقوا على دينكم وعاداتكم وتقاليدكم التي ورثتموها عن الاباء والاجداد لانها ابقى لكم ولان الزبد وزينة الحياة تذهب جفاء واما الدين الذي هو الحق فيمكث في الارض والله من وراء القصد .