وقفات على المفارق .. مع الشيخ رائد صلاح وآيه 6 من سورة الحُجرات والتواصل

تاريخ النشر 28/9/2010 13:01

   إذا جاءكم فاسق بنبأ...

قبل مدّة دعاني الشاعر الكبير سميح القاسم للقاء عاجل ونحن كثيرا ما نلتقي لنشرك الواحد الآخر في همومنا والتي أكثرها عادة هي هموم مجتمعنا وشعبنا وأمتنا، ولم يفصح لي علام العجلة والتي يبدو أنه أراد أن يضرب الحديد وهو حام كعادته.
كان عائدا حديثا من لقاءات في دول الخليج وبلجيكا وهو المثقل بمثلها عربيّا وعالميّا، وبعد السلام والكلام حمّلني رسالة لأحد الناس، مقتضبة وقاسية وبلغته الشاعريّة المعهودة، مفاد فحواها محوّرا:
"قل له أن يضب لسانه ولا يتطاول...! فهل أنا طائفيّ ووو...؟ وهل صارت مهمته الدّس على الناس هنا كل الناس، للناس هناك وفي كل موقع شعبي وإعلامي ورسمي؟ أنت تعرف أني "مش" قاصر عنه ولا عن غيره!".
نقلت الرسالة وليس قبل أن أتهم المغرضين وعملت جهدي على تصفية الأجواء وحمدت الله الذي لا يُحمد على مكروه سواه إذ اعتقدت أني أفلحت ولو إلى حين. رغم أني وحينها اعتقدت دون أن أشاركه اعتقادي أن "سميح" بالغ بعض الشيء أو وقع ضحيّة مغرضين لا يريدون الخير لا له ولا للمُرسل إليه.
دارت الأيام وإذا بي أجد نفسي تماما بالموقف الذي وصفه لي "سميح" حينها، ولم تسنح لي الفرصة حتّى الآن أن أعتذر ل"سميح" عن اعتباري إياه مبالغا، فها أنا أعتذر لك يا "سميح" وعلى الملأ.  
وعزاؤنا في الآية الكريمة رقم 6 في سورة الحُجرات:    
"يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين- صدق الله العظيم".    
الشيخ رائد صلاح...
شعورا بالواجب الوطنيّ والإنساني واستثمارا لموقعي النيابي قمت في الفترة الأخيرة بترتيب عدة زيارات للأسرى في السجون الإسرائيليّة ومنهم الشيخ رائد صلاح. زرته في سجنه الانفراديّ في الرملة وتحدثنا طويلا ما يزيد عن ساعة ونصف في كل شاردة وواردة، وكالعادة الحديث مع الشيخ ممتع حتى فيما لا تتفق وإياها.
اعتقدت أن الشيخ قال في اللقاء أمورا هامّة في شتى القضايا المحليّة والإقليميّة ورأيت أن أضمنها ببيان أصدرته ووزعته على وسائل الإعلام، ليس فقط للإعلام عن الزيارة وإنما بالأساس لأنقل للرأي العام رأيه الممنوع عليه نشره وهو حبيس.
الغريب أن وسائل إعلام كثيرة "وطنيّة" لم تنشر البيان فاستغربت ورحت أسأل نفسي وما زلت:
هل الشيخ لا يستأهل في بعض وسائل الإعلام "الوطنيّة" هذه، نشر الخبر والذي 90% منه ما جاء في أقواله وهو النجم عادة؟ أم أن المشكلة في الزائر؟!
لم استصعب الجواب طبعا وما سؤالي أعلاه إلا استنكاري؟
المهم يا شيخ أن تخرج لنا بالسلامة وأكيد ستجد حينها الفرصة لقول ما لم أستطع أن أوصله، ولكن لا تعتبرني خنت الرسالة، فأنا اجتهدت أن أوصلها بجوهر حذافيرها حتى لو لم يصل اقتراحك الذي ضمنته عنوان البيان إلى لجنة المتابعة.
التواصل...
التواصل هو ديمومة اللقاء مع من تجمعك وإياه أواصر مشتركة بخروجك من عزلة قُطعت الأواصر معه قسرا أو طوعا، وهو في جوهره عمل ثقافيّ معرفيّ . ويحمل أسمى معانيه حين يكون ليس فقط بتجديد ما انقطع جسديّا حياتيّا، وإنما بتجديد ما انقطع وجوديّا في الإثراء المتبادل وتراكم الوعي والتجربة وتوسيع المدارك والآفاق في المشترك الحياتيّ والوطنيّ والقوميّ والإنسانيّ، وعندما يكون هذا الوجوديّ هو المستهدف من عدوّك يصير التواصل مع من تجمعك وإياه القواسم المشتركة ليس حاجة حياتيّة ماديّة وإنما حاجة حياتيّة جوهريّة دونها الحياتيّة الماديّة لا تساوي شيئا.
 رغم المعنى والجمال أو البلاغة في كلمة "التواصل" والذي استمدته من جمال لغتنا إلا أنها لم تكن من الكلمات المتداولة حتى أمد قصير. دخلت القاموس السياسيّ بقوة حين أُطلق على مشروع الزيارات الأهليّة لعرب ال-48 إلى سوريّة "مشروع التواصل"، ولاحقا على مؤتمر ميثاق الأحرار العرب الدروز (المعروفيّون الأحرار) والتقدمي الاشتراكي اللبناني في عمّان الأردن آب ال-2001، "لقاء التواصل القوميّ".
يطغى على المشروع ومع سوريّة أخيرا الطابع العربي الدرزيّ المذهبيّ وبعد انقطاعه كليّة منذ ال-2007 إذ قرر مطلقوه وقفه. فأواخر تموز شقّت "اللجنة الوطنيّة للتواصل" الطريق من جديد بوفد إلى لبنان وسوريّة التقى فعاليّات سياسيّة ومذهبيّة كاسرا اعتقاد المؤسسة أنها نجحت بإيقاف المشروع، وفي الأيام الأخيرة انطلق وفد آخر برئاسة من كانوا انشقوا عن اللجنة سابقا إلى سوريّة لزيارة النبي هابيل (ع) .
"زيادة الخير خير" ومهما كانت الدوافع وكان الهدف وكان الأوصياء، ولكن كيف سيفسّر الآن "القوميّون" هنا ووراء الحدود هجومهم الأرعن على الوفد الأول بوصفهم إياه بالوفد الطائفي والحاصل على إذن السلطات الإسرائيليّة، أمام هذا الوفد الأخير "الدرزي المذهبيّ" والذي لم تمنعه السلطات من الخروج رغم علانيّة خروجه، أم أنّ هذا الوفد "قوميّ" بامتياز بمجرّد أن حصل على مباركة أوصيائه "القوميين" طبقا للمقولة "فرفور ذنبه مغفور"؟!
الله يرحم التواصل وأهدافه فهذا المولود أصابه كالمولود الذي ولد لعميان فعموه من كثر "الطحمسة"، وها أنتم أيها الدروز صرتم تخرجون بمئاتكم بعد أن كنتم تخرجون بعشراتكم، ولينتظر أهل اللاجئين هنا وأهل اللاجئين هناك فرج الله والتجلّي القوميّ القادم !!!!!
طائفيّة لا ؟؟!!! 
 

أيلول 2010                                                  النائب المحامي سعيد نفاع        

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 2440
//echo 111; ?>