مرزوق الحلبي
قد يُمسي الجسدُ في زمنٍ
كالخرزِ الهاربِ من خيطِه
وردا يتكئُ على شرفاتِ الشام
أو يتداعي كالبرج الآيلِ
أو ينكسرُ مثلَ ظلالِ النغمِ
على عتبات مقامْ
فتصير الروح دثارا للجسدِ
وعزفا على نهوند الذي تحبُّ وريشَ يمامْ.
أتلو عليكَ في غفلةٍ منكَ ما يحضرُ المهمومَ،
فصلا من صلاة الإمام،
أدعيةً تحمي الأصابعَ من رجفةٍ
تردّ للشعرِ صفوَ المنام.
فخذ صداقتي الباهيةَ على محملِ الجدِ.
وخذ ذاكرة الورد عما ارتآه الفراش،
وكن رغم ارتباك الرواية كما كنتَ
آخرَ الشعراء على حدود الكلام.
لم نتمّ الحديثَ في ردهةِ المشفى..
لم يناسبْنا هذا البياضُ اللئيم...
لم نتمّ الحديثَ عما يضيءُ القلوبَ
فوق سطحِ العروض
في حالةِ الفيضِ.
لم نتمّ الحديثَ في ردهةِ المشفى
فظلّ الكلام بيننا جسرا نعود عليه من سفر
ومن تيه ومنفى.
قلنا سيأتينا الحديثُ غدا، محررا من عامل الوقت اللحوحِ
مُعافى كوردِ البساتين
من أثر البياض اللئيم...
قلنا سيكون الحديث أحلى على شرفة الليل
بغير زوار يهمسون السؤال.
وقلتَ انتظرني هناك سآتي
انتظرني.
وبلّغ عنّيَ أني ..
انتظرني..
لم نتمّ الحديثَ هناك
لم نتمّ الحديثَ
لم ..
وذرعتُ أرضَ القصيدةِ المُثلى
فأدهشني المجازْ.
وعرّجتَ بي نحو حارة في الغربِ
وفكرة في فاسٍِ،
وصعدتَ نحو نجمة في الشام.
أيقنتُ ساعتَها
أن العمرَ نسبيٌ هو
والشعرُ حرّ .. مطلقُ
العمرُ نسبي هو
وشعرُك مطلقُ.
فكُن، رغم ارتباك الرواية كما كنتَ،
آخرَ الشعراء على حدود الكلام.
* ألقيت في الأمسية التي عُقدت مؤخرا للاحتفاء بإصدارين للشاعر الراحل