بقلم : كمال ابراهيم
من الأمور التي تكاد لا تتناولها أقلام كتـّابنا المحليين في مجتمعنا العربي اليوم الصورة القاتمة التي نراها في طبيعة العلاقات التي تسود أو تربط بين أبناء الطوائف في القرى العربية المشتركة التي يسكنها مسلمون ، مسيحيون ودروز.
قد يقول قائل: لماذا الخوض في هذا الموضوع الشائك والمعقد والحساس فالصمت حوله أفضل من الكلام . وأنا أقول : ما دام الموضوع حساسًا الى هذا الحد فمن الأجدر أن أكتب عنه لأن قلمي عوّدني أن أتناول المواضيع الحساسة التي فيها من الجرأة والصراحة ما يدفعني الى كتابة هذه السطور.
ففي المغار مثلا وقد يسري الأمر على باقي القرى العربية الأخرى تؤلمني الصورة القاتمة والشعور الذي يسود أبناء الطوائف الثلاث ، ليس بسبب الأحداث المؤسفة التي عصفت بالمغار في عام 2005 فحسب بل ربما قبلها أو بعدها أيضا – أقصد القطيعة في التعامل والتعاطي بين أفراد طائفة مع أبناء الطائفة الأخرى والتي إن دلت على شيئ فهي تدل على تنافر شبه كامل كأننا نعيش في مجتمعات أو شعوب متخاصمة أو متناحرة فيما بينها ليس أقل من التنافر والتناحر القائم بين اليهود والعرب في هذه الديار .
يؤلمني اليوم أن لا أرى شابًا مسيحيًا يتجول خارج حارته أو يزور شابًا درزيًا والعكس صحيح ، ويؤلمني أكثر أن لا أرى مسيحيًا يقصد دكان تاجر درزي لشراء حاجاته . مثل هذا الوضع المؤلم نكاد لا نرى بين الطائفتين الدرزية والاسلامية لكنه أيضا يدعو للقلق اذا ما نظرنا الى أن الصداقة القوية بين الأفراد من هاتين الطائفتين تكاد تكون معدومة أيضا.
قد يتساءل البعض لماذا الخوض في هذا الموضوع وفي هذا الوقت بالذات ، وهنا أقول : اننا مقبلون على موسم أعياد للطوائف الثلاث وهنا أود أن أطرح اقتراحًا من شأنه أن ينير أمام البعض طريقـًا فيه من الخير والمصلحة الكثير وفيه ما يحسن الوضع القائم كثيرًا.
وهنا أطرح أمام المسؤولين في جهاز التربية والتعليم والمؤسسات في المغار على اختلافها فكرة وضع برنامج خاص خلال حلول الأعياد لتبادل الزيارات بين الطلاب في المدارس والأفراد الذين يعملون في المؤسسات المختلفة من أبناء الطوائف الثلاث خاصة خلال حلول عيد الأضحى المبارك وعيد الميلاد المجيد ورأس السنة إذ من شأن تنفيذ برنامج كهذا أن يساهم الكثير في تحسين العلاقات وتنميتها نحو الأفضل.
نحن نشهد كل عام تبادل الزيارات الى الخلوة والجامع والكنيسة لتقديم التهاني بالأعياد لكن هذه الزيارات يشارك فيها نفر قليل من أبناء الطوائف الثلاث وعلى الرغم من أنها ايجابية ومحبذة الا أنها وحدها ليست كافية وتجدر بالسلطة المحلية والمؤسسات التربوية وغيرها بما فيها المدارس وأقسام المجلس المحلي والجمعيات توسيع الفكرة ووضع برامج لتبادل الزيارات في البيوت أيضا خلال الأعياد أو قبلها أو بعدها وعلى مدار السنة ، إذ من شأن هذه الزيارات أن تساهم الكثير في تقريب القلوب وتحسين الصورة السائدة اليوم.
قد يكون هذا أقل ما يمكن أن نفعله وقد يكون هناك اقتراحات أخرى كثيرة لتحسين الوضع الا أن في هذا الاقتراح البسيط ما يحسّن العلاقات ويدفعها نحو الأفضل.
هذا الاقتراح اذا ما تم تنفيذه في المغار يمكن تبنيه وتطبيقه في كافة القرى المشتركة الأخرى في مجتمعنا العربي في البلاد ، وفيه أن يكون نموذجًا لدعم التعايش السليم والمشترك بين ابناء الشعب الواحد. والله من وراء القصد .
المغار
22.10.10