بقلم الإعلامي والكاتب نادر أبو تامر
الكلاسيكو الذي شد الملايين أكثر من مباريات كأس العالم كان دراما تيكيا ومثيرا من طرف واحد. الفريق المستبطِل يدك بخمسة أهداف لا ترحم. والفريق صاحب السرعة والإثارة في كلّ كرة وركلة وتمريرة يعلنها على الملأ: "أنا سأكون بطل الدوري!".
إلى المقهى ذهبت مدججًا بآمال كبيرة. رونالديتي المطلقة لم تيأس مع الطلقة الأولى على الجثة الريالية. والدخان المنبعث من المسدس الريالي تحول إلى غيوم حملت معها الأمطار لم تبدأ برذاذ، بل بشتاء غزيز منذ البداية. بعد الهدف الأول في الشباك الكاسياسية المعقّمة كنت واثقا من أن مبلغ الـ 94 مليونا إلي دفعها المدريديون ستخلصهم من هذا الكمين. فجاء الهدف الثاني، دون أن يفقدني الأمل. الثالث زرع في نفسي الإحباط كمؤيد للفريق الزيداني البطل. كان الرابع حقنة القتل الرحيم وجاء الخامس ليفصلني، تمامًا، عن أجهزة الإنعاش...
لقد شهدت مباريات كأس العالم في العام الأخير انهيار العمالقة، وجاء الكلاسيكو هذا الأسبوع ليقول لنا: حلاوة الكرة في استدارتها، وفي صناعة النجوم رغم كلّ الظروف.
الرصيد الكبير للفريق الأبيض لم يساعده. الفريق الذي تم اختياره كأفضل فريق كرة قدم في القرن العشرين، وفاز بالدوري الإسباني برقم قياسي، وسبع عشرة مرة بكأس ملك إسبانيا وأحرز رقمًا قياسيًّا بحيازته بطولات كبيرة في دوري أبطال أوروبا كان فريسة سهلة أمام الأسود البرشلونية المتوحشة التي راحت تلهو بعظام فريستها قبل أن تنقرشها كالتسالي في أيدي الأطفال.
لقد ترعرعت مع إيقاع قدمي مارادونا الذي بدأ كرة القدم في سن العاشرة ولعب أول مبارياته مع منتخب الأرجنتين لكرة القدم عندما كان عمره 16 عامًا، وكنا نشاهد الساحر الذي يتحلى بخفة القدمين، رغم قصر القامة وراح يسجل المجد والانتصارات حتى دخل التاريخ من أوسع أبوابه.
وظننّا أن تاريخ الكرة الذي يصنع المعجزات يوميا لن ينجب سحرا يمغنط الكرة مثله، ومثل الكبير بيليه قبله، غير أن الظاهرة الميسية أتت كالتسونامي العابر للمسافات والمساحات. الأرجنتيني الذي يعتبر أفضل لاعب في هذا الجيل، كان الولد الذهبي اللامع. وهناك من يقارنه بالخرافة المارادونية، بل حتى يعتبره، ربّما حتى الآن بمصداقية مبكّرة، أكثر براعة وخفة ورشاقة وحنكة وذكاء من زميله الأسطورة.
ليونيل ميسي حاز على الكرة الذهبية سنة 2009 وسيحوز عليها ويرفع امجاد الكتالونيين عاليًا، غير أن الكرة مستديرة، كما أسلفنا، وقد يعود كريستيانو رونالدو صاحب أغلى صفقة في تاريخ الرياضة إلى العناوين يحمل راية النصر فاللاعب المجبول من الانتصارات في مانشستر يونايتد، بداية المجد، وفي ريال مدريد، لاحقا، وبأهداف تهطل كالمطر، حتى الآن، لن يدع الجواد الميسي يجمح في ملاعب الكرة. حلاوة الكرة في استدارتها، وفي صناعة النجوم والمفاجآت.