موقع سبيل
رغم أهميّة فردانية الكاتب إلاّ أنّنا نرى أنّه لا تناقض بين الفردانيةِ والفعل الجماعيّ، بل إنّ الفعل الجماعيَّ يعزّز من إمكانات الفرد، كونه يشحن طاقاته، من خلال الحراكِ الثقافيِّ الذي يولدّه العملُ الجماعيُّ، وهنا تكمن الحاجة الأَولى للإطار المتجلّي باتحّاد كتّابٍ باستطاعته أن يؤسّس لخطابٍ ثقافيٍّ يحملُ معاييرَ تصبُّ في مصلحةِ الحركة الأدبيّةِ والمجتمع، وتضع الفردَ الكاتب أمام تحديّات جديدة، ترفعُ من خطابِه الثقافيِّ، وتحيلُه إلى فعل تأثيرٍ، وتقرّبُه إلى هموم شعبه والهموم الإنسانية العامّة، دون أن تؤثّر سلبًا على صوته الخاصّ، وفردانيتِه المطلوبةِ ككاتبٍ وصاحبِ وجهةِ نظرٍ وأديبٍ.
ونظرًا للحالةِ الثقافيةِ والاجتماعيةِ والسياسيةِ الاستثنائيةِ التي نعيشُها كمجتمعٍ عربيٍّ فلسطينيٍّ نحيا في ظلِّ مؤسسةٍ تُعادي ثقافتَنا وانتماءَنا الوطنيَّ والقوميَّ من ناحيةٍ، وفي ظلّ ثقافةٍ عربيةٍ سائدةٍ، لم تعتَد بشكلٍ عامٍّ أن تتعاملَ معنا كجزءٍ طبيعيٍّ من الثقافةِ العربية العامّة ، فإنّناأكثرُ مَن نحتاجُ إلى إطارٍ ثقافيٍّ أدبيٍّ جامعٍ وشامل .
من هنا فقد تأسّس اتّحادُ الكتّابِ العرب الفلسطينيين– حيفا، كمتمّمٍ لاتّحاداتٍ وروابطَ أدبيةٍ سابقة، مستفيدًا من تجاربها سلبًا وإيجابا، مؤسّسًا إطارَه الجديدَ، على أرضٍ صلبةٍ بناها الرعيلُ الأولُ والثاني من أدبائنا الذين استطاعوا أن يرفعوا الأدب الفلسطيني إلى مصافٍ الموازي للأدب والفكر العربي الرفيع، ومستفيدًا من تراكم التجاربِ الفكريةِ والخطابِ الفكريِّ-السياسي ِّلأحزابِنا وحركاتنا السياسية، والذي تبلور وتطوّر، جرّاء ظروفٍ وتحديّاتٍ كبيرةٍ تواجه أبناء شعبنا وأمتنا يوميًا، وبشكلٍ متصاعد في سلّم التحديّات والقلق.
وكما هو الحالُ الطبيعيُّ من ناحيةٍ، وردًّا على التحدياتِ والصعوبات من ناحيةٍ أخرى، فإنّنا نرى أنّ هنالك ازدهارًا ثقافيًّا في السنوات الأخيرة متجلّيًا بفعاليات المؤسسات والجمعياتِ والأطر الثقافية والأفراد، وذلك في معظمِ المجالات، ومنها الأدبُ والمسرح والسينما والموسيقى والغناء والفنون التشكيليّة.
وفي فراغٍ ولّده انعدام اتحادٍ أدبيٍّ فعليٍّ في الآونة الأخيرة رأى الكثيرون من أدبائنا أنّه باتت حاجةٌ ماسّة لإعادة تأسيس اتحادٍ جامعٍ، يستقطب معظمَ كتّابِنا وشعرائنا، فبدأ العملَ على تأسيس الاتحّاد، الذي لاقى مباركةً وتأييدًا من الرعيل الأول والثاني، وبالذّات ممّن أسّسوا وقادوا اتحاداتٍ وروابطَ سابقةً، ووجد حماساً وتعطّشاً لبناء هذا الإطار من معظم الكتّاب والمثقفّين والأكاديميين ، وذلك من منطلق المسؤوليةِ والرؤيةِ السليمة، والفهمِ العميق لحاجاتنا الثقافيةِ والأدبية والاجتماعية التي تجلّت في الاتصالات والمباحثات لتشكيل الاتحاد.
ومن هذه المنطلقات، اجتمع العشراتُ من كتّابنا في قاعة اللاز في عكّا يوم 19.12.10، بهدف تأسيس اتحّاد الكتّاب العرب الفلسطينيين، وافتُتح الاجتماعُ برسائل دعمٍ وتأييدٍ من الأساتذة الكبار: سميح القاسم، حنّا أبو حنّا ومحمد علي طه، الذين ترأسوا الاتحاداتِ والروابطَ الأدبيةَ سابقًا، وقد أظهروا مدى مسؤوليتهم اتجاه الأدبِ والثقافة والمجتمع بهذا التأييد، وقد أبدَوا استعدادًا مسبقًا لتشكيل مجلس ٍاستشاريٍّ يضمُّهم وأدباءَ آخرين من الرعيل الأوّل والثاني ليشكّلُ مرجعيةً فكريّةً واستشاريّةً للاتّحاد الجديد، وهذا المجلسُ هو فوق تنظيميّ، إذ تبقى مكانتهم في هذه الهيئة ثابتةً.
كما أنّه اتُّفق مع أكاديميين من حملة لقب الدكتوراة في اللغة والأدب العربيّ لتشكيل لجنةٍ أكاديميّةٍ تعتني بالأدب الفلسطينيّ والمحليّ بشكلٍ خاصّ، وذلك في ظلّ شبه غيابٍ للنقد، في السنوات الأخيرة، وفي ظلّ شبه انعدام المواكبةِ لإنجازاتِ الأجيال الجديدةِ من الكتّاب والشعراء.
كما أنّه اتُّفقَ مع أكاديميين في المجالات والعلوم السياسيّةِ والاجتماعيّة والاقتصادية والتراثِ والتاريخِ، وغيرها، لتشكيل لجنةٍ أكاديميةٍ تعتني برصدٍ وتقييمٍ أكثرَ كثافةً لشؤون مجتمعنا العربيِّ الفلسطينيِّ في البلاد، وذلك من خلال رؤيةٍ مفادُها أنّه ينبغي على اتحّادَ الكتّاب أن يحملَ خطابًا ثقافيًا شموليًا من جهةٍ، وكونَنا مجتمعًا يعيشُ في تماسٍّ تّام، بل تداخلٍ بين الثقافةِ والسياسةِ، وفي صراعٍ حول الهويّة والتراثِ والجغرافيا والتاريخ.
ونحن نعلن أن باب الانتساب لا يزالُ مفتوحًا، وأنّه بالإضافة للنّخب الثقافيّة والإبداعيّة التي انتسبَت للاتّحاد، فإنّ هنالك كتّابًا وأكاديميين آخرين نعتزّ بهم ونرغب بوجودهم في الاتحّاد.
وقد تمّ الاتفاقُ خلال الاجتماع التأسيسيّ أن تُشكَّلَ لجنةٌ تصوغ رؤيةَ الاتّحادِ ودستورَه وأهدافَه بشكلٍ نهائيٍّ خلال فترةٍ قصيرة.
وقد تمّ الانتخابُ إضافةً إلى الرئيس والأمين العام، لهيئةٍ إداريةٍ من ثلاثة عشرَ عضوًا، تقعُ عليهم بأقرب فرصةٍ مسؤوليةُ انتداب لجانٍ تنفيذية .
يقوم الاتحّاد على المبادئ والأسس والشروط التالية:
1. الحريّة والديمقراطية والعدل والمساواة.
2. التنوّع الفكريّ والعقائديّ والحزبيّ، وهي أمورٌ شخصيةٌ لا علاقة للاتحاد بها، سوى ما يتعارض ويتنافى مع المبادئ الجوهرية للاتحاد.
3. لا ينتمي الاتّحادُ لأي حزبٍ من الأحزاب، وأيُّ انتماءٍ حزبيٍّ لأيّ عضوٍ من أعضائه يبقى حريّةً شخصيةً لا علاقة للاتحاد به.
4. يعتبر الاتحّاد نفسَه اتحّادَ كتّابٍ وأدباء عربٍ فلسطينيين، وهو تنظيمٌ آخر يضاف إلى اتحادات وروابط الكتاب في فلسطين والعالم العربي.
5. يرى الاتّحاد نفسَه بتوجّهه الثقافيّ العام جزءًا لا يتجزّأ من المشهد الثقافي الفلسطيني والعربي، وبالتالي العالميّ، ولا يحصُر قضاياه داخل حدود جغرافيّته الضيّقة، لكنّه يعتبر أن لفلسطينيي الـ 48 واقعًا استثنائيًا وخصوصيةً مميزّةً ينبغي أخذُها بعين الاعتبار.
6. يسعى الاتّحادُ لتعزيز علاقتِه مع جميع المؤسساتِ والتنظيماتِ والحركات الأدبيّة والثقافيّةِ الفلسطينية في الداخل وفي المناطق المحتلّة عام 67 والشتاتِ، والعالمِ العربيِّ والعالمِ أجمع.
وانطلاقاً من هذه المبادئ، فإنّنا نتوجّه لجميع المؤسسات الثقافية في البلاد والأحزاب العربية وللجنةِ المتابعة العربيةِ واللجنة القطريةِ للسلطاتِ المحلية العربية، وندعوهم للتعاون مع الاتحاد لأجل إعلاءِ شأنِ ثقافتِنا وخدمةِ مجتمعنا وشعبنا.
ونتوجّه إلى اتحادات وروابط الكتاب والمؤسسات الثقافية فلسطينيًا وعربيًا، بدعوةٍ مماثلةٍ، آملين التعاونَ والتنسيقَ والعملَ المشترك لما فيه مصلحة الثقافة والإبداع .