قبل حوالي الشهر كتبت عن فوز محمود شقير بجائزة الراحل الكبير محمود درويش، واختيار الشاعر علي الخليلي من وزارة الثقافة ليكون الشخصية الثقافية للعام 2011، وقلت أنهما يستحقان أكثر من جائزة رفيعة، وتكريما دائما، وها هو المؤتمر الوطني الشعبي للقدس يختارهما مع أديبنا الرائع سلمان ناطور لتكريمهم جميعهم...وهذا أمر يثلج الصدر، ويبعث الأمل في النفوس، فأن يوجد بين ظهرانينا مؤسسات تهتم بالثقافة والمثقفين، وبالابداع الأدبي يعني أننا نرتقي الى مصاف الأمم المتقدمة.
واختيار هؤلاء الفرسان الثلاثة المبدعين للتكريم يعني صحة الاختيار الصائب غير القائم على المحسوبيات التي اعتدناها في مناسبات كثيرة.
وقبل شهر عندما فاز محمود شقير بجائزة الراحل محمود درويش؟، كتبت بأن مبدعا بحجم محمود شقير يستحق الفوز بجوائز قيمة وليس جائزة واحدة، فالرجل أغنى مكتبتنا المحلية والعربية بابداع متميز ولافت في القصة القصيرة، والأقصوصة، وقصص الأطفال، والروايات للأطفال والفتيان،والكتابة المسرحية، والدراسات والأبحاث وأدب الرحلات،وسيناريوهات المسلسلات التلفزيونية، لكن مبدعنا تجلى في كتاباته عن عروس المدائن القدس الشريف، وخصص لها كتبا كاملة منها"ظل آخر للمدينة"و "القدس وحدها هناك" و "قالت لنا القدس"عدا عن وجودها في غالبية ابداعاته، فالرجل مسكون بالمدينة التي ولد وعاش فيها، وسجن وعذب من أجلها، وأُبعد عنها ثم عاد اليها....ويبدو أن حنينه لها قد اختزن في ذاكرته، فما أن عاد اليها حتى نهل من مخزن ذاكرته وتجربته الشخصيتين ليسطر لنا ابداعا لمدينته التي تشكل عروس المدائن بحق.
ومحمود شقير من المؤسسين الأوائل لفن القصة القصيرة في الأدب الفلسطيني الحديث، وهو من جماعة "الأفق الجديد" التي أصدرها المرحوم أمين شنار في ستينات القرن الماضي، وكانت بداياته القصصية قصة"خبز الآخرين" التي حملت عنوان مجموعته القصصية الأولى، وتدور أحداثها في مدينة القدس، ولاقت ردود فعل ايجابية كثيرة في حينه.
واذا كانت مؤسساتنا معنية بالقدس كما هو أديبنا معني بها، فإن أكبر تكريم للمدينة الفريدة والغالية على قلوبنا ولأديبنا المبدع، هو اعادة نشر كتبه عن القدس في مجلد واحد، وترجمتها الى اللغة الانجليزية على الأقل، عندها ستصل القدس الى أبناء شعبنا وأبناء أمتنا الذين لا يستطيعون الوصول الى القدس، وستصل قضية القدس الى الشعوب الأجنبية التي لم نستطع ايصالها لهم باعلامنا ومن خلال دبلوماسيتنا، وقد يتحجج البعض بضيق الموارد عندما تتعلق الأمور بالثقافة، لكننا نرى كيف تطفح الموارد في مناسبات واحتفالات ضررها أكثر من نفعها فيا للعجب العجاب!.
وأذكر بأن مجموعة"القدس وحدها هناك"القصصية، نشرت في بيروت بمناسبة"احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية للعام 2009"ومن حقي ومن حق غيري أن يتساءلوا عن سبب عدم اعادة نشرها في فلسطين.
وهنا لا يفوتني أن أشكر المؤتمر الوطني الشعبي للقدس لمبادرته بتكريم أدبائنا الكبار محمود شقير، علي الخليلي وسلمان ناطور، متمنيا أن تبقى هذه المبادرة تقليدا سنويا، كما لا يفوتني أن أهنئ أدباءنا المكرمين والكرماء على هذا التكريم الذي يستحقونه.
18-نيسان-2011