عزفت سيمفونية الأحزان معزوفة جديدة على لحن رحيل وشوق شاب من شبابنا ، هاجرت الطيور كئيبة ، ذبلت ورود البستان ، أصبح نور النهار مظلم كالليل ، جف عود الغصن الأخضر وانحنى , زادت الأشواق بقلوبنا ، ما أصعب الفراق ، وما أغلى دموع الأم التي تنهار حياتها بعد وفاة ابنها ولكن الصبر يحييها من جديد ، ها هي النسمات الكئيبة تحمل لنا قصة "عين الأسد" التي اكتست باللون الأسود حزنا بسماعهم بخبر وفاة الشاب أمير أنور عامر البالغ من العمر 22عاما ، الذي قتل على يد سفاحين يظنوا أن الله غافل عنهم بقتلهم لروح بريئة ، أمير رسم الابتسامة على وجهه ووجه كل من حوله .
رحل كالزهرة التي تقطف قبل أوانها لتنقل عبيرها برسالة يدونها لنا والد أمير السيد أنور عامر بكلماته المؤثرة قائلا : " تمنيت لو عاد الزمن كما كان ولو القلوب عادت وديعة كما كانت ليتنا نستطيع أن نسترجع أمير الغالي ، ذاك الظلام في حيرة من أمره حين رآك مرميا في ضلوع الموت ، لو بيدي لرجعت ساعة الوقت وكنت توسلت إليها بأن تتوقف لأعود وأراك أمامي كي أرى برسمك ومبسمك طيفا ، لكن الوقت والثواني والساعات قد خذلوني وقد طفاك القدر يا شمعتنا ".
أنهى الأب جملته بدمعة مؤلمة وقلب موجوع يحن إلى أمير ، كيف لو عرفتم حال صديقه الذي كان معه بفترة الخدمة الإجبارية بحلاوتها ومرارتها ابن قرية بيت جن الشاب حكمت أسعد يخبرنا ذكرياته مع أمير بما يلي : " أمير عشت معه لحظات جميلة ، كان لي أخ وصديق ، رفيق دربي ، بطل من أبطال بني معروف ، ما أصعب فراقه ورحيله ، لكن بقدر الله لممت صبري بذكراه الطيب وبوجود عائلته الكريمة ، الله يرحمك يا غالي ".
ما أصعب ألم وفراق صديق جمعتهم الحياة وفرقهم القدر ، بهذه الرسالة سجلت لنا خالة أمير "نجوى" جملة واقعية وهي : "خسارة للجميع بدون أمير".
وعلى نفس السطر دونت جملة للوردتين "رماح ودرين " لأخوهم أمير وهي " أمير إذا العين لم تراك فالقلب لن ينساك اشتقنا لك يا غالي" .
أختتم رسالتهم بسهم ليصيب قلوبنا بجرح عميق يرافقنا مدى الحياة لتهاجر الطيور الحزينة وترسم القليل من الفرحة (التي رسمها أمير) لأهله ونتمنى من الله أن يصبِّرهم وينوِّر دروبهم بأمل وسعادة الله يرحمه .