بقلم كميل شحادة - الرامة
عندما جاء براك حسين أوباما إلى رئاسة البيت " الأبيض " استبشر به خيرا ً معظم سكان المعمورة خاصة من المظلومين والفقراء ،ومن العرب والمسلمين على وجه الخصوص ، وبدا انه يختلف عن سابقيه ليس فقط في لونه وشكله وعرقه وإسمه ، بل خصوصا ً في بعض أقواله وآرائه وتطلعاته .. ولم يكن المستبشرين به خيرا ً ساذجين تماما ً ،بل صادقين مصيبين فيما استشفوا في الرجل من رغبة في توجه جديد مختلف إيجابي ، لكن الكثيرين ربما لم يدركوا مدى الحرج الذي سيكابده والصعوبة التي سيواجهها هذا الرجل في مجرد التعبير عما يكنه من تلك الرغبة في تغيير الواقع لما هو أفضل ، ليس فقط لأمريكا ولأعوانها وأذنابها ، بل للعالم بأسره على نحو يخدم قضايا الشعوب المقهورة والفئات المغبونة .. فهل يخرج على التقليد في السياسة الأمريكية الخارجية ؟ هل ينجح في ذلك لو أراد ذلك تماما ً ؟ هل يستطيع التأثير على الرأي العام الأمريكي بما يشذ عن الدوران في مصطلحات الربح والخسارة ، المرتبطه برؤوس المالكين من ذوي المصالح ، كحجار الرحى بأعناق الثيران الأمريكية ؟ّ!
هاهو اليوم يخالف نتنياهو الرأي بصورة واضحة ، ولا يؤخذ بالانطباع الذي يريد طبعه – الأخير - به ، كما تعوّد الإسرائيليون في ممارستهم السفسطة السيكلوجية الكلامية مع الشخصيات التي يقابلونها ، فيصّر على ان حل الدولتين هو الحل الملح الذي يجب ان يسبق كل عمل على أي حل لأي مشكله تريد إسرائيل إغراق العالم فيها ، كمواجهة المشروع النووي الإيراني ، وكمواجهة عقيدة وسلاح حماس ، وحزب الله .. وربما مواجهة أولاد يلعبون بدُماهم لعبة الحرب في أحد أحياء العراق ، أو صنعاء الفقيرة ، قبل التفكير في إقامة الدولة الفلسطينية ، وقبل التفكير في شعبها الذي تقتله وتجوّعه وتشرده وتسجنه منذ عقود عديدة طويلة .. نعم ليس براك أوباما لوثر كينج الفلسطينيين ، ولا هو مهاتماهم طبعا ً ، ولا هو ناصرهم ولا جنبلاطهم الأب المعلم .. لكنه يحاول ان يكون أفضل ممن سبقه من رؤساء أمريكا في مواجهة مشاكل العالم ، وبغض الطرف عن خلفية الظروف في ذلك وسببية الأوضاع ، التي تمثلت في الأزمات الثلاث ،1 - العسكرية في العراق وأفغانستان . 2 - المالية في أمريكا والعالم . 3 – وتباعا ً السياسية . ومع ذلك فإن أغلبية أعضاء الكونغرس في أمريكا تحذر أوباما من عدم الرضوخ " لدواوين " نتنياهو – حسب الأخبار – لأن من شأن ذلك تعريض إ سرئيل للخطر .. فيتفجر الأمر جليا ً ويبدو من ان حرص أمريكا على سلامة إسرائيل من "خطر" قيام الدولة الفلسطينية ، أكثر من حرص إسرائيل نفسها .. والخطير في ذلك ليس فقط غياب وعي إسرائيل عن حقيقة كونها لعبة وأداة وقاعدة تستخدمها أمريكا لمصالحها ولأطماعها في منطقة الشرق الأوسط ، وتقرر لها حدود ومدى السلم والحرب حسب قياس ضغط المصلحة ، وهي مشمولة في حساباتاها غير الطبيعية وغير الإنسانية ،وهي مدفوعة بنفس الرياح .. ان الخطر في السياسة الأمريكية ، سياسة التطويع والقهر ، والترغيب والترهيب ، وهي في غفلة ، أو في جهل وتجهيل ، إزاء سلامة البيئة الطبيعية ..هذا الخطر ينسحب على العالم بأسره ،مع انتشار الأوبئة ، وتزايد التصحر ، والتبخر ، وتناقص المياه ، وتصاعد حرارة الأرض واستمرار انبعاث سموم أطماع رؤوس أموال أمريكا ،الآيلة للسقوط الواحدة بعد الأخرى ،مع مصانعها ومتاجرها وبنوكها ، في حال استمرت في جنونها الأرضي ، بعد ان سقط بالفعل الكثير منها .. والخشية في ان يكون العالم قد فقد خط الرجعة عن الخطر العالمي الحقيقي القائم والداهم ، بفضل سياسات العالم المنحرفة ، الذي تقوده أمريكا ..في حين ان الخطر - المزعوم - على إسرائيل من قيام الدولة الفلسطينية ، حسب أعضاء الكونغرس ، هو في الواقع مساهمة كبيرة في حل مشاكل العالم ،وليس خطرا ً إلا على أطماع طغاة الغرب .