إلتزم الناقد نور عامر بمهنة هامة وهي النقد الأدبي ، والنقد فن تمييز الجيد من الرديء ، وإظهار ما في الكلام من عيوب ومحاسن ، وما زال الكتّاب يرفضون فكرة النقد ، فإذا انتقد أحدهم ناقد ، ثار عليه وأقام حربا دفاعا عن ذاته . ومن هنا صعوبة موقف الناقد الذي يريد أن يرضي ضميره ، ولا يريد إغضاب أحد من الكتّاب .
وما زال الناقد نور عامر يلتزم في نقده الصدق والتواضع وحسن النيّة ، فهو لا يقول إلا ما يعتقد ، ولا يدّعي العصمة ، كما لا يريد من نقده إلا أن يراجع الكاتب حساباته . ومن حاسب نفسه ربح . وقد يخطئ عامر في تقديره فيتراجع ويعتذر ، كما يعترف بحق الرد لكل من ينتقده دون شرط .
ويميّز نور عامر بين شخصية المنقود وبين ما يكتبه ، فهو لا ينتقد الشخص ، بل ينتقد كتابه ، ولا يرى في نقده حربا بينه وبين المنقود ، كما رأى بعض من إنتقدهم . ولمّا قرأ بعض الردود من بعض الكتّاب ، اعتبر ذلك أمرا طبيعيا ، وكم رأيته يتعالى مبتسما ونحن نتحدث عن ردود فلان وفلان .
وكم من شاعر ضل سبيله ولم يجد أحدا يهديه ، وإذا جاء من يقول لأحدهم : الى أين .؟! . أجابه : ومن أنت حتى تسألني يا جاهل ! . وإذا قال لمن لا يميّز الأدب من قلة الأدب ، أجابه : أنت تتعدّى على المهنة ، وأنت اصغر من أن تنتقدني .
ولمّا نعى ديوانا لم يجد فيه روحا ، ثار صاحبه وأعلن أن نور عامر من صنف الحاسدين الحاقدين !!
لكن موقف المنقودين يتفاوت تفكيرا ونهجا ، أذكرُ على سبيل المثال أن نور عامر قام ـــ في صحيفة كل العرب ــ بتشريح قصيدة للشاعر شفيق حبيب ، وفي نفس الصحيفة رد عليه الشاعر وبإسلوب حضاري ومهذب ، وتقبل ملاحظات الناقد بصدر واسع وعقل راجح .
بمثل هذا الرد وهذا الحوار ، نستطيع أن نرتقي بالأدب ونسير على الطريق الصحيح .
أتمنى للناقد نور عامر أن يتابع سيره على طريق النقد ، فما دام ملتزما بالصدق والتواضع والمحبة ، فخطواته ثابتة ، ورسالته أسمى من نيل رضى ضعاف النفوس ، لأن الحر هو ذاك الذي يحمل أثقاله على ظهره متحملا آلامه ، مرددا قول الياس فرحات :
" لا تنتظر ان تراني راضيا فأنا أُرضي ضميري وإن أغضبتُ إخواني " .
الى كل كاتب اقول : ما دمتَ تعرض كلامك على صفحات الجرائد وفي الكتب ، فلماذا لا تتقبل نقد الناس وتتعلم منهم ، أم أنك تظن أن كلامك من الوحي وفوق نقد الناقدين ؟ .
تعلم لترتقي ، ولا تغضب لذم الناقد ، واذكر قول الشاعر " لا تعرضن على الرواة قصيدة / ما لم تكن بالغتَ في تهذيبها / فإذا عرضت الشعر غير مهذب / عدّوه منك وساوسا تهذي بها " .
معليا