هي ليست نسوة.. نحن لا نضع النقاط على الحروف عمدًا.. كي نقرأ الكلمات وفقًأ لأهدافنا الذاتية. تعطي المبررات لمسالكنا المعوجة.. روح المراهقة تدب في الكبير كالصغير.. نركب سياراتنا.. نرفع صوت المذياع على أغنية عاطفية.. لنقول إننا هنا؟! نحن نعاني من سوء التقدير.. نقرع راحة النيام وعندما نُسأل، نقاتل على أن ذلك يندرج ضمن الحرية الشخصية.. نسابق الريح.. نسير بسرعة جنونية.. وعند وقوع المأساة نمنحها أبعادًا قدرية؟!!
نحن نزعم بأننا مثقفون.. نمزج اللغات العربية بالعبرية.. وندخل "الاوكي" "والمرسي" في محادثاتنا لنبرهن أننا نجيد اللغات العالمية.. ونحن في الحقيقة نجهل حتى معاني الحروف الأبجدية .
العالم مشغول في الاختراعات التكنولوجية.. في نشر الاخضرار.. تربية العصافير لنشر البهاء حول الدار.. ونحن مشغولون بتلميع الشبابيك.. نرمي نفاياتنا تحتها ؟! جودة البيئة لدينا ليست ضمن الاعتبار.. نرمي نفاياتنا حيث يجب أن نتنزه.. حيث يجب أن نسترخي في الحرش تحت الأشجار؟!!
العالم مشغول في خلق أجواء الحب والمثالية.. ونحن ينهشنا حب الذات وتفتك بنا الأنانية.. العالم مشغول بالتفتيش عن الأصدقاء خلف المحيطات والبحار.. ونحن .. لأتفه الأسباب نعادي القريب والجار.. حتى لو كان الحيط على الحيط، ولا يفصلنا عنه شعرة أو خيط .
العلم مشغول في خلق الأجواء الشاعرية.. ليهنأ الأبناء.. ونحن ندكهم حقدًا وكراهية.. وعند الورطة نقدم الاعتذار؟! نقول آسفين.. متجاهلين إننا ربيناهم وسط أجواء غير صحية.. نترك مصيرنا يتلاعب به.. من وراء الكواليس شقي وشقية؟
نمزق بعضنا بعضا.. ونزعم أننا أرباب الود والحنية.. نمزق بعضنا بعضا ونتغنى بحفظ الإخوان وبقيمنا الروحية..نزعم أننا كصوت الصدى عند الضرب على الصحائف النحاسية !!
كلنا يجيد فن الانتقاد ودفع الضريبة الكلامية.. "لقد خلق الله واحدنا وكسر القالب".. ليس هناك فينا من لا يعاني من النرجسية.. ونحن في الحقيقة لسنا سوى تنكة مصدية .
نحن وقعنا ضحية.. قبلنا أن نقوم بما يجب أن لا نقوم به، بعد أن أضعنا الهوية.. يمتطينا الغاشم.. يدفعنا في سبيل تحقيق أهدافه.. يطبطب على ظهورنا فنطير فرحًا.. نعتقد من شدة غبائنا بأننا قمنا بإعمال بطولية؟! ونحن في الحقيقة عبيد مخصيه.. ادة طيعة ندافع عن الحرمية.. ننفذ أهدافهم الجهنمية.. وعندما تنتهي مهمتنا نرُمى كما ترمى أي حاجة مهترية . ومع ذلك هناك من يكابر زاعمًا أننا نحيا حياة هنية . وهناك من يغض الطرف.. إن الصمت عار.. جريمة أخلاقية.. متى سنتمرد على هذا الواقع التعيس.. متى سنكف عن كوننا إمعات بيد إبليس؟.. متى ستدب فينا الروح الأبية.. لماذا ننجب؟ هل كي نمنح ما ورثناه أبا عن جد، هدية للصهيونية؟ ..كفوا عن الإنجاب أو تصدوا لها تصدوا للسرسرية.
نرعد ونزبد على الضعفاء؟! ونخشى أن ندافع عن أرضنا كما تقتضي الحمية.. نتهرب من المواجهة بألف حيلة وحجة وهمية.. ونغطي ذلك بالتغني بتاريخ أجدادنا وسيرهم البطولية.. نزاود في الوسيعة.. وعند الجد كل مشغول في الوردية؟!! .
نحن لا نجرؤ على مواجهة عدونا الحقيقي فنسب على بعضنا بعضا.. ونزعم بأننا بين الأشواك ورود ندية.. نكذب ونقنع أنفسنا بأننا صادقون.. هذا يطعن في عرض ذاك.. ولا يلبث أن يخطب ابنته البهية .
أجسادنا في عصرنا هذا وعقولنا في العصور الهمجية . نبني مقامات شاهقة.. نزينها بالأعمدة الرخامية.. نزعم أننا نعبد الله.. ونحن في الحقيقة نعبد الأشياء الشكلية.. يهمنا الملبس والسيارة ونغطي عورتنا خلف النظارات الشمسية.. نزعم أننا نباتيون ولا نأكل سوى اللحمة المشوية.
نتجاهل سياسة "فرق تسد" التي استطاعت أن تمزقنا والتي تهدف إلى سلبنا حتى السرير والبطانية.. زعامتنا باعت الأخضر واليابس.. باعت حتى ملابسها الداخلية. بعد أن خصصت لها (الذكية؟!!) الميزانيات لتهنأ منها وتشتري الذمم بالمعاشات شهرية..إن منح المصداقية لذلك، بحاجة إلى خروج الضمير إلى إجازة مرضّية.. ومن الغباء إلى وجبة إضافية.. فكيف بربكم ستولي هذه الزعامة بعد أن أكلت من صحن السلطان عنايتها للرعية؟!!
لقد أكلت حتى التخمة.. فقدت قدرتها على الحركة.. لا تستطيع السير إلا بواسطة سيارة من أفضل الماركات العالمية.. كثرة البطنة أذهبت الفطنة.. لقد ترهلت.. خدودها شاقطة والإست سداسية .
هي تريد أن تتشبث بأنيابها.. بمخالبها بالمفاهيم الرجعية.. كي تحافظ على امتيازاتها.. خطر عليها العدالة والروح العصرية.. لا حاجة للتنظيم.. خسئ المتنبي الذي قال "أن أصل الفتى ما قد حصل" وألغى الاعتماد على العوامل الوراثية .
نحن نجمع عيوب الدنيا كلها.. تنهشنا التناقضات والعقد النفسية .