أرسِلُ إليكَ تحيّاتي عزيزي مكلّلة بورود وأزاهير حمراء تحمل بين طيّاتها الغضّة أرقى وأسمى كلماتي المنبعثة من براعم هذه الباقة المزيّنة, تخبط بعضها حائرةً فتتفرَّق ثم تعود لتتَّحد بقوّة وتنسج لي صورة ملوّنة بألوان هذا الربيع الضّاحك.
اتخذتُ من أوراقي وسطوري هذه حظـًّا لما أحمله من أحاسيس مكبوتة وعبارات تائهة في بحرٍ من الأحلام , أخطّها على لوحةٍ خشبيّةٍ تطفو على الأمواج الهادئة, تحملها تارةً وتُقلبها تارةً أخرى, وبمجدافي واصلت الإبحار لتصل كلماتي إلى ضفاف شواطئ قلبك الصَّغير, تنسابُ البراءة عبر حفيف حروفها التي تقول : " يا فراشة الزهور, يا رائحة العطور, ويا أغلى وأغنى هديّة من الدُّهور".
عندما انهمرت أمطارك على أرضي أنبتت أحاسيس جديدة لم يرها عالم العقل , وتفتّحت أزهار كانت قد أقفلتها يد الزَّمان , ونشرت الخير في ربوع أرض الفساد , فرحنا نطير كالعصافير في جوف هذه الدُّنيا , تحت سماء زرقاء , نمر فوق كل القارات والغابات الخضراء , ننتقل بين الياسمين والأرجوان , نشم رحيقه , نلوّن الغد بألوان زاهية كما نهوى وكما نشاء ، نجرّب كل الأشياء دون أي حاجز يمنعنا من وصول الحقيقة . نحمل همومًا صغيرة في أملنا محصورة فالبسمة على محيّانا دائمًا مرسومة.
لا نقصد إلا مملكة يقودها الحب, يحيطها الوفاء, يعيشها الإخلاص, فيها حقول يسكنها العطاء فتتهامس القلوب, تتراقص المشاعر وتسكب في النفوس البهجة والصفاء.
نسيرُ دربًا بلا خطوات وعمرًا بلا لحظات, فبتنا أبطال رواية مشهورة ليس فيها زمان ولا مكان بل هي حلم , ليس فيه شخصيّات بل آمال .
جالسين على غيمة صغيرة , تعلو بنا بعزيمة ترنو الى أبعد من النجوم , رواية نقشت على صفحات عمرنا وحُفرت كالوشم على جدران قلوبنا البيضاء وستبقى كذلك إلى الأبد لتجعل الأمكنة كلّها مستمتعة بشدوّنا الصَّدّاح .