موقع سبيل - من نايف خوري
نظم المنتدى الثقافي في البادية بعسفيا حفلاً تكريميًا للشاعر حنا فارس خوري من فسوطة، بمناسبة صدور ديوان شعر جديد له بعنوان "رداء الخلود"، وتحدث الشاعر رشدي الماضي مستهلا الاحتفال بكلمة قال فيها: دلفت إلى نصوصك، بعد بأرت بصر القراءة، دلفت وواصلت الدخول، وبعد مشوار قصير، أيقنت أن الكلمة عندك حمل وأمانة، لذلك جعلتها إيمانك الذي تكتبه بصدق – متى؟ وأنت تسافر على رعشة الحروف، تسافر معانقًا الدواة والورق، لتعصرهما وتكتشف نكهة خمر الكلمات.
وأضاف قائلاً: حقًا يا شاعري، انتزعت إحساسك خلية، نسجت من خيوطها "رداء الخلود" يقينا نيران هذا الزمن الضنين الذي لما نزل قابضين عليه جمرة كاوية. ولنك لم ترد لنا أن ندرك شيخوخة الأيام، انفتحت على كنز الأمثال الشعبيةن لمعرفتك أنها دزء من تراث كلأمة حية، تراث تناقلته أجيالها عبر العصور من جيل إلى جيل، تحمله ثمرة ناضجة نمت على شجرة الملاحظات المتواصلة والتجارب العديدة المختمرة، لتطل المرآة الأمينة التي تشكل انعكاسًا جليًا لظروفٍ عاشها الإنسان في حقبة زمنية، بوركت أخي حنا، ولتبق إطلالتك قامة إنسانية هامسة وصوتًا شعريًا مزهرًا.
ثم تحدث الشاعر الدكتور فهد أبو خضرة في مداخلة عن ملامح القصيدة الكلاسيكية والرومانسية والواقعية، وأشار إلى أن الشعر العربي والعالمي المعاصر يبتعد اليوم عن هذه الأساليب الشعرية وينحو نحو الحداثة وما بعد الحداثة، وقال إن الشعراء العرب، في هذه الأيام، يكتبون شعر ما بعد الحداثة دون أن تطرقوا أبواب الحداثة نفسها، حتى أن بعضهم انتقل إلى أسلوب الحداثة دون أن ينضج في الأساليب التي سبقته، وهذا يدل على عدم الثقافة وقلة الاطلاع والدراية بمقومات القصيدة الواقعية أو الحديثة.
ومضى الشاعر أبو خضرة يقول إن كثيرًا من الشعراء المعاصرين ينصون موادهم الأدبية وهم يظنون أنهم يكتبون شعرًا حداثيًا، في حين أنهم بعيدون كل البعد عن أسس هذه الأنماط، وهم يحاولون تقليد الغرب أو الشعراء العرب الذين أبدعوا في أسلوبهم الحداثي أو ما بعده.
وتحدث الكاتب والإعلامي نايف خوري مشيرًا إلى مجمل أعمال الشاعر حنا فارس خوري وقال إن شعره، حتى وإن تطرق إلى المناسبات السعيدة منها أو الحزينة، فإنها تعبر عن الحس المرهف والعاطفة الجياشة التي يتحلى بهما شاعرنا، وديوانه "رداء الخلود" يأخذنا إلى مسيرة خلود الأبرار وشقاء الإنسان وتعاسة الحياة وتقلبات الدهر على المنكوب. وهو يغتنم الفرص والمناسبات ليعبر عن مشاعره وأفكاره في مسألة تخليد الذين كتب عنهم ويطيب ذكراهم ويحيي فعالهم، فتنسلخ الحياة من حالة المماتإلى حالة الخلود.
أما الشاعرة سعاد قرمان فقد أبرزت في مداخلة لها عن الديوان، النواحي الجمالية في شعر حنا فارس خوري وقالت إن قصائد هذا الديوان تخاطب القارئ مباشرة في حوار حضاري متناغم، بالرغم من بعض الهفوات النحوية أو السبك الشعري، وإن "رداء الخلود" يضاف إلى مؤلفاته السابقة التي يشعر القارئ معها بفرح وسعادة.
وأعربت الشاعرة قرمان عن سرورها من الكتاب المميز الذي وضعه الشاعر خوري بعنوان: "نخبة الأمثال وصفوة الحكم" الصادر عام 2007، وقالت إن هذا الكتاب الغني بالأمثال والغزير بالحكم يثري مكتبتنا العربية بأقوال خالدة كادت أن تندثر.
وبعد جولة من التعليقات والملاحظات التي أبداها كل من الشعراء فهيم أبو ركن، ناظم حسون، جورج فرح، وهيب وهبة والكاتب نظير شمالي والفنانة ناديا غريفات، ألقى الشاعران شحادة خوري وتوفيق حلبي قصيدتين زجليتين بهذه المناسبة.
واختتم اللقاء بكلمة للشاعر حنا فارس خوري قال فيها: إن الشعر عندي هو كل شيء في الوجود، إنه مصابيح مضيئة تنير حياتنا للتعبير عن الخير والجمال، الحب والحنان، العاطفة والإخلاص.
وأردف يقول: عندما أقف أمام الصورة الشعرية، أشعر بأني دخلت عالمًا مسحورًا، فيه جو من البهجة وبحر واسع من التجارب، وأجد فيه عزاءص وسلوى، وأنوارًا تضيء امامي الدرب المبهم، لأن الشعر فنٌ ذو علاقة كاملة بالحياة العملية. وأصبحت كالنحلة أبحث عن رحيق العسل الصافي في بساتين الشعر، ليكون ذخيرة على مسامع إبناء شعبي، فأغني لأفراحهم وأواسيهم في أتراحهم وجراحاتهم ومناسباتهم الاجتماعية والدينية