على جميع أبناء الطائفة الدرزية قاطبة، تقديم الشكر والثناء لمدير عام مكتب رئيس الحكومة إيال غباي، على لفتته الكريمة تجاه طائفتنا، ذلك لتفرغه من أعماله الكثيرة وانشغاله بحل مشاكلنا. كيف لا فقد عقد غباي هذا الأسبوع اجتماعا هاما في ديوان رئيس الحكومة، حضره ما هب ودب من "القيادات الدرزية المتصهينة" ورؤساء السلطات المحلية ورئيس المنظمة الصهيونية العالمية وشخصيات "رفيعة المستوى"، وقد ترأس هذا الوفد فضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية. والمهم ان غباي استجاب لطلب فضيلة الشيخ طريف (على حد قوله)، وأعلن عن موافقته إنشاء قرية درزية في إسرائيل، لحل ضائقة السكن لدى الجنود المسرحين والأزواج الشابة.
لقد نسيت تلك الشخصيات "القيادية" بان مشكلتنا الأساسية تكمن في شخصية إيال غباي نفسه، ولم يدركوا بعد بان الضائقة السكنية التي نعاني منها في قرانا، ناجمة عن سياسة الحكومة العنصرية تجاهنا، والمتمثلة بسلب أراضينا وتضييق الخناق علينا.
لم تفقه بعد تلك "القيادات الموالية" انه لو أعادت لنا الحكومة ربع الأراضي التي صودرت من قرانا، (كما أعادت المنطقة العسكرية رقم- 90 لعرابة وسخنين، وكما أعادت أراضي الروحة لام الفحم)، لما عانينا من ضائقة سكنية، كذلك لو سُمِحَ لأبنائنا ببناء بيوتهم على الأراضي التي ورثوها عن عائلاتهم، لما كنا بحاجة لإقامة قرية درزية.
يجب أن تدرك تلك "الزعامات" بان الضائقة السكنية التي نعاني منها، ما هي إلا ضائقة مفتعلة وناجمة عن سياسة الحكومات المتعاقبة منذ 63 عاما، وقد نسوا بان الدولة قد أقامت لنا قرية درزية في الماضي، وهذه القرية هي المقبرة العسكرية الكائنة في عسفيا، ويرقد فيها نحو 380 شابا درزيا من خيرة أبنائنا الذين ضحوا بحياتهم من اجل الدولة، ويؤمها سنويا عدد من المنتفعين والمتملقين، لتقديم الطاعة لأسيادهم، لذلك لا نريد قرية إضافية مماثلة.
لو أبدت حكومة إسرائيل القليل من النوايا الحسنة تجاه طائفتنا الكريمة، وعملت على إيجاد حلول موضوعية لكل قرية درزية على حدى، وقامت بتخصيص ميزانيات من اجل إعداد خرائط هيكلية وخرائط مفصلة، ثم قامت بالمصادقة على هذه الخرائط؛ أيضا لو قامت بتخصيص قطع ارض للجنود المسرحين من أراضي الدولة المحاذية لقرانا؛ كذلك لو حَدَّت الحكومة من توسع مناطق "البارك" المحاذي لقرانا على حساب أراضينا، وكفت يدها عن أراضينا الخاصة وامتنعت عن ضم مساحات كبيرة منها "للبارك" – لما كنا بحاجة لقرية درزية.
الم يرى أولئك بان إقامة قرية درزية هي بمثابة خطوة أولية لترحيل الشبان ألدروز من قراهم، لتخفيف الضغط عن تلك القرى، وللحد من توسع هذه القرى وتخفيض عدد السكان، بهدف وضع اليد على جميع الأراضي الموروثة، الأمر الذي سيسهل مصادرتها في المستقبل. كذلك لإخراج شبابنا من قراهم، ولفسح المجال أمامهم للانتشار والعيش في قرى ومدن أخرى، الأمر الذي سيفرقهم ويقلل من تمركزهم في مناطق معينة ويقضي على وحدتهم، ويؤدي إلى امتصاص غضبهم وتهميشهم في المستقبل.
تجدر الإشارة بان هذه الخطة وهذا الاجتماع، لم يأتوا بمحض الصدفة، وإنما تم التخطيط لهم من اجل القضاء على النضال الجماهيري ولامتصاص الغضب الشعبي داخل القرى الدرزية. ذلك بعد أن قامت الحكومة بدراسة الوضع داخل الطائفة، وبعد أن أجرت مشاورات عديدة مع شخصيات موالية لها، وبعد أن قُدمت لها توصيات من قبل جهات مختلفة، بهدف تفادي الغضب الشعبي العارم، والغليان المتزايد داخل الطائفة؛ خاصة الالتماس الذي تقدمت به شخصيات درزية عديدة وعلى رأسها الشيخ علي معدي، فالاجتماع جاء بالتزامن مع الالتماس وخيمة الاعتصام التي أقيمت في حرفيش والقدس.
لذلك على الحكومة لحين البدء في إعداد المخططات اللازمة لإقامة هذه القرية المزعومة، أن تقوم بترخيص جميع البيوت التي بنيت بدون رخص وربطها بالكهرباء وتوفير جميع التسهيلات للدروز، والكف عن مصادرة أراضينا، فبذلك تقدم لنا اكبر خدمة.