أين نحن من موجة الاحتجاج؟!!
موجة عارمة من الاحتجاجات ضد غلاء المساكن وحالة الفقر اجتاحت البلاد مؤخرًا، وقد برز غيابنا عن هذا المشهد؟!! إلا من بعض التظاهرات التي جاءت متواضعة، والسؤال هو: لماذا؟!!
هل نحن خارج الزمان والمكان؟ علما بان قرانا أشد التجمعات السكنية في البلاد فقراً.. الكثير الكثير من مساكننا بدون ترخيص، وهذا علماً بان البطالة مستفحلة في قرانا مما يشكل التربة الخصبة للجنوح، ومع ذلك هناك من يكابر زاعما بأننا بألف نعمة.. وهناك من هو فعلًا بألف نعمة غير أنه لا يدرك بان حالة الفقر التي يعاني منها مجتمعه ستنعكس سلبًا عليه وعلى أسرته.. وهناك من يضع رأسه في الرمل معتقداً بأن ذلك يبعد عنه تعب البال.. وهناك من هو غير مدرك بما يجري حوله " وهنا يصح قول الشاعر:
"عش في الحياة عيش هائم فالسعد في طالع البهائم "
وهناك من يجهل بان الأمور الحياتية هي سلسلة مترابطة الحلقات .
هناك من يجهل بان البطالة تقود إلى الانحرافات السلوكية التي تدق في جمجمته يوميًا .
شباب أحلى من التمر؟ انحرفوا بسبب ضيق الحال..حالات لا بد أن تطرق بالكم، منها مثلًا أن شاب فصل من مجال عمله قاده ذلك إلى تعاطي الكحول والمخدرات، ولو سألنا أنفسنا: لو استمر هذا الشاب في مجال عمله هل كان سينحرف؟.. طبعا هناك من سيتقاعس عن أداء دوره الاجتماعي ليزعم بان ذلك يعود إلى الإرادة الشخصية متجاهلًا الأسباب الموضوعية والبيئة الغير صحية.. نحن لا نبرر ولكننا ننظر إلى الأمور بمنظار موضوعي فمعاشر السوء والأجواء المحيطة لا بد أن تأخذ مفعولها.. وكل النظريات الفوقية التي تزعم بأن مجتمعنا محصن باءت بالفشل.. فهل سنستمر في المكابرة؟!!
من يكابر أعمى البصر والبصيرة.. قد يزعم ما يزعمه بسبب انغلاقه الفكري فالحوار بين شرائح كبيرة من شبابنا، هو كم زجاجة " جعة - بيرا " شربت اليوم، وكيف أن فلان سار على التركترون على عجلتين والحديث عن مغامرات منها ما هو في الحلم ومنها ما هو في العلم ؟!! أحلام اليقظة تأخذ شبابنا إلى عوالم غريبة.. في ظل تردي الأوضاع وموجة الاحتجاج والأصوات المجلجلة، هل سنبقى نعاني من العمى والطرش والخرس؟!!
هل سنبقى نعاني من بلادة الحس؟!!
كرباج الأوضاع المزرية وما تفرزه من انحرافات في أوساط الشباب تضرب فينا، فهل هناك حياء فينا لننهض من النوم؟
هل نحن كائنات حية تتفاعل مع ما يجري؟ كل البشر تقول عندما تضرب: آخّخخخ، إلا نحن نقول: احّححح..هل سنستمر كما قال الشاعر العراقي مضفر النواب " نستأنس بالخازوق" .