لا يزال الغموض يحيط بالدور الذي لعبه المسلمون في إنقاذ حياة بعض اليهود في فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، لكن فيلما جديدا بدأ عرضه في باريس أمس يلقي الضوء على هذا الدور الذي لا يعرفه كثير من الفرنسيين.
وفيلم "الرجال الأحرار" للمخرج إسماعيل فروخي يتناول قصة قدور بن غبريت -مؤسس مسجد باريس- الذي دافع عن اليهود والمتطوعين في المقاومة أثناء الاحتلال النازي لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية. بحسب صحيفة "النهار" الجزائرية.
وتدور أحداث الفيلم حول الشاب الجزائري يونس المهاجر في فرنسا الذي يدير تجارة في السوق السوداء، وتقبض الشرطة على يونس، وتجبره على التجسس على المسؤولين عن مسجد باريس الذين تشتبه السلطات النازية وحكومة فيشي في أنهم يساعدون اليهود ومقاتلي المقاومة الفرنسية بمنحهم شهادات بأنهم مسلمون، ويتتبع الفيلم حكاية يونس الذي يؤدي دوره الممثل الجزائري طاهر رحيم، وتحوله من إنسان ساذج إلى مقاتل من أجل التحرير.
ويأمل مخرج "الرجال الأحرار" في أن يساهم الفيلم في تغيير نظرة الناس إلى المسلمين الذين انخرطوا في المقاومة، لكن كتب التاريخ تجاهلتهم إلى حد بعيد، وقال فروخي لـ"النهار": لقد "كانوا رجالا استقروا في فرنسا، وتطوعوا، وهذا أمر بالغ الأهمية، وهذا يعني أن المسلمين أيضا كان لهم دور في تاريخ فرنسا، ولكنهم ظلوا مستبعدين حتى الآن.
واستطرد المخرج: "لم أر قط أي صور أو وثائق.. لم أرَ أيا من ذلك. لا توجد أي أفلام مصورة، وأرى أن من المهم أن نقر بذلك، وأن نتعلمه في المدرسة".
وتختلف تقديرات المؤرخين لعدد اليهود الذين أنقذهم إمام مسجد باريس؛ إذ يقول البعض إن ما فعله قدور بن غبريت أنقذ قرابة 1600 شخص من الموت، بينما لا يزيد العدد عن 500 شخص في تقدير ألان بواييه المستشار السابق لوزارة الداخلية الفرنسية للشؤون الدينية، ويصف المؤرخ بنجامين ستورا الذي قدم المشورة في الجانب التاريخي لصناع فيلم "الرجال الأحرار" اليهود الذين أنقذهم المسجد قائلا: "كان هناك.. يهود سفارديم يتحدثون العربية ومختنون. تمكنوا من الحصول على شهادات تثبت أنهم ينتمون إلى الدين الإسلامي، وربما كان ذلك ما أنقذ حياتهم. هذه الحقيقة معروفة جيدا. لا توجد وثائق تذكر، لكن توجد روايات شهود".
وعثر دليل بوبكر -المدير الحالي لمسجد باريس- على خطاب حرر عام 1940 يبين مدى الشكوك التي كانت تساور سلطات حكومة فيشي في قدور بن غبريت.
الرسالة كتبها وزير في حكومة فيشي، وقال فيها إن سلطات الاحتلال النازي تشتبه في أن المسجد يمنح شهادات ليهود على أنهم مسلمون، وقال بوبكر: "جاء لي من هذه الورقة رمز، وأمر من السلطات الألمانية كتبوا إلى مسجد باريس أن الأئمة والدارسين في مسجد باريس كانوا يوزعون بعض الشهادات لشخصيات وأشخاص وناس يهود كأنهم مسلمون".