العمود القاتل بقلم نادر ابو تامر

تاريخ النشر 2/6/2009 21:15

 

هل يجب أن يقتل أحد أبنائنا حتى نتحرك أو يتحرك المسؤولون...
 
هل برج بيزة مائل إلى هذا الحد؟ سألني ابني عندما كنت اصطحبه لشراء زوادة الصباح للمدرسة.
فتساءلت بيني وبين ذاتي: ما هو الذي يميل إلى هذا الحد؟
لم أكن منتبهًا له. إلى جانب السيارة، على الطرف الأيمن كان عمود شديد الميلان.
أنظروا الصورة.
في الحي المجاور لمنزلي. يكاد يقع على الأرض. عشرات الأولاد ينتظرون هناك سيارة الباص التي تنقلهم إلى مدارسهم في المدينة. ينتظرون مباشرة تحت العمود. بقدرة قادر لم تقع كارثة.
أجبت ابني بسرعة: لا يا عزيزي، برج بيزة ليس مائلا إلى هذا الحد.
أوقفت السيارة وسألت جار العمود عن حالته. قال جاري: منذ حوالي أسبوعين. توجهنا إلى شركة الهواتف مرارًا وتكرارًا، لكن الأمر لا يهمهم.
أحد الجيران انضم إلى المحادثة فجأة وقال: أحد عمال الشركة كان في المنطقة قبل يومين وقال إن الشركة لن تتحرك إلا بعد مصرع أحد السكان في حادث. هذه هي الحال في بلادنا، قال العامل للجار.
وتساءلت فعلا: هل يجب أن يُقتل أحد أبنائنا حتى يتزحزح المسؤولون، أو حتى يحركوا ساكنًا..
في الساعة التالية كنت قد اتصلت باستعلامات الهواتف.
"أعطيني رقم الناطق بلسان الشركة، لو سمحت"، قلت للموظفة في محاولة للتحدث إليه وتنبيهه إلى الخطر الذي يتهدد أبناءنا.
"أعتذر"، قالت، بنبرة محرجة قليلا، "ليس لديّ سوى رقم الفاكس".
"وإذا كان لدي أمر عاجل؟"، سألتها.
"أفهمك فعلا، لكن ما باليد حيلة، هذا كل ما لدي".
"استعلامات الهواتف"، قلت بيني وبين نفسي، "ليس لديها رقم الناطق بلسانها، وهي التي تملك معلومات حول هواتف كل المواطنين؟".
""حسنًا، هل ممكن رقم الفاكس".
سجلت الرقم بسرعة وطبعت رسالة سارعت إلى فَكْسَسَتِهَا إليه على الفور.
كانت رسالة بلهجة حادة مستهجِنة أنه لا يمكن الحصول على رقم هاتف الناطق بلسان الشركة.
ولفت نظرهم إلى أن السكان مستاءون. كتبت في الرسالة: يشعر الناس في بلدتنا بأنه لو حدث مثل هذا الأمر في بلدة يهودية، لسارعت شركة الهواتف إلى حل المشكلة على الفور، أو في غضون وقت قصير. ولفتتُ عنايتهم إلى أن السكان قاموا بتوثيق جميع التوجهات إلى الشركة، و "ولا حدا هون".
وعندما رغبت في التعبير عن فداحة الأزمة لم أجد إلى ذلك سبيلا.
كنت أظن أنه خلال دقائق سوف يرن هاتفي لكي تعتذر الشركة.
بعد عدة ساعات وصلت رسالة مُؤَيْمَلَة (من كلمة إيميل) أو "مُجَيْمَلَة" (من كلمة "جيميل") لتستفسر عن رقم هاتفي.
أرفقت رقم هاتفي وصورة العمود، ورحت أنقر بأصابعي على شاشة الهاتف في انتظار المكالمة المرجوة.
وتفاجات أنها أتت على الفور.
"مرحبا"، قالت فتاة من الطرف الثاني، "أنا أتحدث من شركة إعلانات تتعامل مع شركة بيزك".
شرحت المشكلة وقلت لها: "نحن لا نقاتل الناطور، بل نريد أن نأكل العنب. والعنب هو سلامة أولادنا. أن لا يقع العمود على رؤوس أولادنا. وقد يقتل بعضهم، لا سمح الله"، قلت.
"أعدك أن أحل المشكلة على الفور"، نوهت.
في صباح اليوم التالي جلست لأوثق ما جرى ولأكتب المقال حول العمود المائل والقاتل. وفاجأتني مكالمة من جاري.
أهلا، أبو الجار.
الحق الحق شوف شو صار بالعمود
شو يا زلمي، أعصابي لا تتحمل التوتر.
وصل عاملو شركة الهواتف وصلحوه. أخبر ابنك أنه لم يعد عندنا في البلدة برج بيزة.
فهل يجب أن يقتل أحد أبنائنا حتى نتحرك أو يتحرك المسؤولون...
 (في الصور، تشاهدون العمود قبل التصليح وبعده.)

 

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.בשביל מה לחיות ?! אללה סתרררר בדהון לקשה ו 100 דפשה תיתחרקו אללה יוכד הון . יעטיק אלעאפיה אוסתאד נאדר . 3/6/2009 0:34

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 2384
//echo 111; ?>