أحنُ إلى زئير شولميت؟!!

بقلم : هادي زاهر ,
تاريخ النشر 29/10/2011 - 12:26:45 am



نسمع في الآونة الأخيرة عن افتتاح كلية عسكرية في هذه المدرسة أو تلك، والمهزلة الكبرى أن الأمر يعرض كافتخار؟!! يحضر الجنرال ليسير إلى جانبه رئيس المجلس أو مدير المدرسة مشرئبًا بعنقه وهو يسير الخيلاء وكأنه عنترة زمانه وتلتقط الصور التذكارية ويحضر أصحاب المواقع الإلكترونية لإعداد التقارير .
وفي ظل هضم حقوقنا وتضيق الخناق على قرانا بدلاً من توسيع مسطحاتها.. في ظل عدم تصنيع قرانا والبطالة المستشرية.. في ظل مصادرة أراضينا.. يعرض الأمر كتحصيل حق من حقوقنا؟!! يا سلام.. وكأن هذا ما ينقصنا.. في حين أن ما ينقصنا أمور كثيرة منها إقامة الحدائق العامة في قرانا كي يلعب بها الأطفال ويستريح بها الكبار.. ومنها أيضا إقامة النوادي داخل الأحياء لتزيد من ثقافة المواطنين ومحبتهم لبعضهم البعض.. لتشعرهم بالمسؤولية اتجاه مجتمعهم بدلا من التسكع على قارعات الشوارع والانحرافات التي نراها يوميا والتي تُفرز جراء الإهمال..
إن ما ينقصنا هو رفع مستوانا الاقتصادي والثقافي كي نلحق ببقية شرائح المجتمع الإسرائيلي، كي لا نبقى في أسفل درجات السلم ولا نريد أن نقول أن ما ينقصنا هو كما قال "غوار الطوشه" عندما هاتفه والده الشهيد من الجنة؟!!..
إن افتتاح كلية عسكرية في قرانا وفي إطار مدارسنا هو استهتار بكل قيمنا الحياتية.. إمعان في استغلال بساطتنا التي خطط لها عبر أجهزة الدولة المختلفة.. هو استهتار بثقافتنا المتواضعة.. استهتار بمستوانا الأخلاقي.. استهتار بكل القيم الداعية إلى المحبة والسلام.. بل هو جريمة بكل المقاييس!
هذه هي الحقيقة التي لا تنبع من خلال وجهة نظر خاصة أو موقف سياسي وإنما من موقف عقلاني.. تربوي وإخلافي عام.. إن التجييش وعسكرة مدارسنا هو نقيض العملية التربوية وقبول الأمر بهذه البساطة هو انسياب سهلً وسريعً نحو قبول العبودية .
هذه الخطوة ذكرتني بحفل افتتاح مدرسة "أورط رونسون" في عسفيا قبل سنوات والتي حضرها آنذاك رئيس الدولة، وهناك ألقيت الخطب التي جاءت ممجوجة وتملقية.. ذكر العريف في كلمته بان الطائفة الدرزية تخدم في الجيش وأن هناك حالف للدم بين الدولة والطائفة التي علقت مصيرها بمصير الدولة.. وهطلت الخطب الغزيرة.. صعد عضو كنيست إلى المنصة وألقى نفس الخطاب؟!! وعضو كنيست أخر.. ثم مفتش معارف.. ومفتش أخر.. (ومسؤول ) (ومسؤول أخر..) ومدير مدرسة.. ورئيس مجلس.. ورئيس الدولة.. و.. و..( وعدي في رجالك عدّي من الأقرع للمصدّي) وكلهم يلقون نفس الخطاب مع اجتهاد في صياغته الإنشائية ليصبح رنانا أكثر.. إلى أن جاء دور الوزيرة السابقة " شولميت الوني" و " إن خلت بلت" سبحانك يا إلهي وتنبت أيضا وردة على مزابله. ولست أدري فيما إذا كان الزمان سيجود بمثل هذه الوزيرة في ظل الحكومات الإسرائيلية المتغطرسة.. هذه الوزيرة التي قدم ابنها من الولايات المتحدة خصيصا كي يدلي بصوته لصالح "الجبهة" وما أن أدلى بصوته حتى غادر البلاد فوراً لأنه يشمئز من تصرفات حكامها ولان هذه الأرض ليست أرضه، هذا هو موقف العمالقة الشرفاء لا يهدرون فرصتهم في التعبير عن موقفهم والمحاولة في التأثير على مجريات الأمور خلافا للمسحوقين والفقراء الذين كل همهم هو الشراب والغذاء.. وكان قد عيل صبر الوزيرة جراء القرف المدلوق فزأرت في وجوه الخطباء جميعًا، خاصة في وجه رئيس الدولة الذي يجب أن يتحدث عن ما هو مشترك بين البشر ويعمل على تعزيز القيم الروحية والتربوية.. وما زال هذا الزئير يرن في أذني.. ليعم في نفسي كلها ويطربها بعد نعيق الخطباء.. زأرت الوزيرة زئيرها الواثق.. زئيرها العادل.. زئيرها المتحدي.. زئيرها الذي يضع النقاط على الحروف.. الذي يكشف الستار عن الحقيقة.. زأرت قائلة:
" أخجلوا على أنفسكم.. (תתביישו לכם) كيف تتحدثون عن الحرب في حفل افتتاح مدرسة؟!!. وتتحدثون عن حلف الدم بدلا من أن تتحدثوا عن حلف الحياة.. عن حلف المحبة.. عن التسامح والسلام بين الشعوب وخاصة بيننا وبين جيراننا.. إن الرسالة التربوية تقتضي أن نربي الأجيال على القيم الإنسانية وليس على محبة ارتداء ملابس الجيش.. وحمل السلاح.. مخجل أن لا تكونوا أمناء لرسالتكم.. إن من يتعامل مع العملية التربوية عليه أن يعمل على إبعاد شبح العسكرة والحروب.. يجب أن تخرس الأصوات الداعية إلى حلف الدم لتعلو بدلًا منها الأصوات الداعية إلى حلف الحياة.. حلف المحبة.. حلف التسامح والسلام ".
هكذا زأرت الوزيرة في وجه وحوش الغابة، في وجه الإجماع القومي وزعانفه.. هكذا غنت خارج سرب.. وواضح بأن الدولة تستغل بساطة هذه الشريحة ولا تربط مصيرها بمصير قلة تعاني زعامتها من الشعور بالنقص وتنتهج سياسة الكاثوليكي أكثر من البابا.. وأن كل هذه الإدعاءات هي مجرد هيلمات وضحك على الذقون فأعضاء الحكومة يضحكون سرا.. لا بل أنهم يشقرقون من الضحك علنية حتى يرتمون على.. على ظهورهم استهتاراً جراء سذاجة وتملق هذه الزعامات؟!! التي لا تلتفت إليهم إلا كي تمتطيهم.. أنها تحتقرهم في قرارة نفسها وان كانت تظهر لهم الود والاحترام، وكنا قد أشرنا إلى كتاب "يحسي عدوت" (יחסי עדות) للبروفيسور " يحنان بيرس " حيث كتب يقول : نحن نشمئز إن لم نكن نقرف من العربي المتملق، ونكنّ التقدير والاحترام للعربي الوطني الذي يفخر بإنمائه " من هنا نقول علينا أن نميز " بين الغث والسمين".. الكفر عن الدين.. ونضم صوتنا إلى صوت شولميت الوني المتين.. يجب أن يندى لنا جبين.. وعلينا أن لا نكون سُذج مساكين..نقع فريسة سهلة في الكمين.

( المقالات المنشورة في الموقع تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع ) 

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.]داحس السماويألله كثر من أمثالك .29/10/2011 - 02:18:18 pm

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 2440
//echo 111; ?>