بسم الله الرّحمن الرّحيم
مع إشراقةِ صباحِ عيدِ الأضحى المبارك ومع إطلالةِ أيّامه الفضيلة، يسعدُني أن أتقدّم إلى جميعِ المحتفلين بهذا العيدِ المبارك ، وإلى الأهلِ والأخوةِ في سوريا لبنان، الأردن، الدولِ العربيةِ المجاورة والجالياتِ الدرزيةِ في كل مكان، بأعطرِ التحيات وأطيبِ التمنيات , راجيًا من الله سبحانه وتعالى أن يكون قدومُه فاتحةً لعهدٍ جديدٍ من الأمن والأمان والعيشِ الطيّب الرغيدِ ، والسعادةِ والهناء والصحةِ والعافية، وفي هذه المناسبة أتمنى لحجاج بيت الله المسلمين حجًا مباركًا مبروراً وسعيًا مشكورًا , والعودة سالمين , كلٌّ إلى وطنِهِ وبلادِه.
لقد جاءت الأعيادُ في حياةِ الشعوب نذيرًا وتحذيرًا وتذكيرًا للرجوعِ إلى الله عز وجلّ ، والتوبةِ عن المعاصي، والسعيِ من أجلِ المحبة، والإكثارِ من عملِ الخير، فحلولُ الأعيادِ هو فرصةٌ طيبةٌ لنسيانِ الأحقادِ والضغائن، ومحاسبةِ النفسِ والتجاوزِ عن سيئاتِ الآخرين، وللتقاربِ والتفاهمِ بينَنا كأفرادٍ وعائلاتٍ وطوائف، وكذلك لمحاولةِ العيشِ الدائم في سلمٍ وسلام، وأمنٍ واستقرار وطُمَأنينةٍ وازدهار.
اسمحوا لي أن أستغل هذه الفرصةَ لأتحدّثَ إلى أبناءِ طائفتي المعروفية، متوجّهًا إليهم، داعيًا إياهم إلى المحافظةِ على عاداتِنا وتقاليدِنا وتراثِنا، والمبادئِ الأصيلةِ التي تربينا عليها وترعرعنا على هدْيِها، وإلى التشبثِ بأصول الدّينِ والسيرِ حسْبَ التعاليمِ التوحيدية المعروفية التي نفتخرُ ونعتزُ بها. أناشدكم جميعًا وأدعوكم للوحدةِ والتآلفِ، للتصافِ والتعاضدِ، وإلى التكاتُف والعملِ المثمرِ المستمرِّ من أجلِ الغيرِ ومن أجلِ المجتمعِ ليعودَ ذلك بالفائدةِ على الجميع.
مِما لا شك فيه , أننا كرجال دين، مسؤولون أمام رعايانا، علينا بذْلِ قصارى جُهْدِنا، لكي نكونَ قدوة ومثالًا ونموذجًا، للذين ينظرون إلينا، وَيَرْقُبُونَ حركاتَنا، ليتعلموا منها ويقلّدوها ، وليتخذوها دليلًا ومرشدًا ومنارًا في حياتِهم اليوميةِ وشؤونِهِم العادية. لذلك أتوجُّه إلى جميعِ إخواني، رجالِ الدينِ من مختلفِ الطوائفِ والأديانِ، طالباً أن يضعوا نصْب أعينِهِم دائمًا، الدعوة والعمل لاصلاحَ المجتمعِ, ومحاولة اصلاح كلِّ فردٍ فيه، من اجل سعادة كلِّ إنسانٍ يتواجدُ فيه، وأنّ اللهَ خلق جميعَ أبناءِ البشرِ متساوين، لا يزيد أحدُهُم عن الآخرِ إلا بالتقوى{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.من هذا المنطلق علينا أنْ نعملَ جميعًا يدًا واحدة، وبتعاونٍ ثابتٍ ومستمرّ، من أجلِ التغلبِ على العقباتِ التي تواجهُنا، بغيةِ تأمينِ أبسطِ الأسسِ والقواعدِ المطلوبة، لعيشٍ مشتركٍ كريمٍ بيْنِ جميعِ فئاتِ شعبِنا وطوائِفِه، ونستطيعُ أنْ نحققَ كلَّ هذا إذا بقينا ملتزمين بتعليماتِ ووصايا أديانِنا الحنيفةِ، التي تدعو جميعُها للخيرِ، للتسامحِ، للمحبةِ وللسلام.
وأخيرًا , لا يسعُني إلا الابتهالُ إلى اللهِ العليِّ القدير، أن يسدّدَ خطواتِ قادةِ وزعماءِ المنطقةِ ويرشدهم الى ما فيه الخير لشعوبها، وأن يكثفوا جهودَهُم من اجل تحقيق السلامِ المنشود والهدوءِ، وتسويةِ الأمورِ والمشاكلِ بالمفاوضات والتصالح .
إخواني، عندما تشرقُ شمسُ الأضحى وترفرفُ حماماتُ السلامِ فوق ربوعنا الحبيبة ، وعندما تعبقُ المنطقةُ بشذى التضحيةِ والإيمان، وتنعمُ الشعوبُ بالراحةِ والاستقرارِ والسلام، يحققُ عيدُ الأضحى الأهدافَ الساميةَ والمقاصدَ الراقيةَ، والغاياتِ النبيلةَ التي وُجدَ من أجلِها.
كلي أمل أن يتم هذا ويتحقق في القريب العاجل بإذن الله وعونه , ومرة أخرى أعود وأتقدم إلى كلِّ مؤمنٍ في كلِّ مكان، بالتهاني والتحيات الخالصة , مُهنِّئا ومتمنيًا الخيرَ والصحةَ والتقدّمَ والسعادةَ للجميع ، ومُتمنيًّا على المولى عز وجل أن يُعيد علينا العيد وأعلامُ السلام ترفرفُ فوقَ ربوع منطقتِنا , وكلُّ عام والجميع بخير.