مع عودة الكنيست الى نشاطها في الدورة الشتوية الحالية، ومنذ اليوم الأول لاستئنافها لعملها، عاد نواب اليمين الى فتح دفاترهم السابقة بهدف مواصلة سن القوانين العنصرية، الهادفة الى دحر المواطنين العرب وتأكيد هوية الدولة ومحاربة الجمعيات الانسانية (اليسارية بعرفهم)، حيث سارع أولئك النواب الى طرح اقتراحات قوانينهم العنصرية التي لم تمر في الدورة السابقة بهدف تمريرها في هذه الدورة، وتحويل اقتراحاتهم البائسة والعنصرية الى قوانين رسمية!
أول الاقتراحات العنصرية التي سيتم التصويت عليها في الأسبوع القادم، يعود لعضو الكنيست آفي ديختر من كتلة (كديما)، والذي تقدم باقتراح قانون تحت عنوان "قانون أساس: اسرائيل- الدولة القومية للشعب اليهودي". والذي أعده بالتعاون مع المعهد الاستراتيجي للصهيونية! ويهدف الى القسم بأن الدولة يهودية وديمقراطية ومن لا يفعل ذلك يعرض نفسه للعقاب، ومن ضمن ما ينص عليه اقتراح القانون عدم الاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية في الدولة!! وهو ما يناقض القانون الحالي ويعتبر تراجعا خطيرا وانحدارا جديدا نحو الفاشية والعنصرية، لأنه يعني تجاهل المواطنين العرب الذين يصل عددهم الى ما يزيد عن المليون والنصف، كما يؤكد على أن اسرائيل تتجاهل وجودها في منطقة عربية وتعزل نفسها عن محيطها.
اقتراح آخر سيتم التصويت عليه قريبا وهو يتعلق بالدعم المالي للجمعيات القانوية وحقوق الانسان، والذي قدمه عضو الكنيست الليكودي أوفير أكونيس وحظي مؤخرا بدعم رئيس الحكومة نتنياهو. وينص القانون على حظر حصول الجمعيات على دعم مالي خارجي يفوق الـ 20 ألف شيكل! من حكومات أجنبية ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وذلك بحجة نشاطها الذي يتعارض مع أهداف الحكومة والدولة.
وهنالك اقتراح قانون عنصري آخر ينتظر مصادقة اللجنة الوزارية عليه قبل تقديمه للكنيست، والذي تقدمت به عضو الكنيست فاينة كيرشنباوم من حزب (اسرائيل بيتنا- ليبرمان)، وينص على الزام كل جمعية لا تحصل على دعم من اسرائيل بدفع ضريبة بقيمة 45% عن كل دخل لها من مصدر خارجي.
ووراء تقديم بعض تلك الاقتراحات اجندة شخصية، فعضو الكنيست ديختر يهدف للوصول الى زعامة حزب كديما، ولأنه تعلم الدرس جيدا فهو يعلم أنه لكي يزيد من فرص نجاحه، عليه أن يجنح يمينا حتى يحظى بتأييد واسع فيما بعد، وهو لم يخف نواياه هذه في آخر جلسة لكتلة حزبه البرلمانية، حيث تصدى لزعيمة الحزب تسيبي ليفني وقاطعها مرارا بشكل تظاهري، وخرج ليعلن عن نيته بالمنافسة على زعامة الحزب. وجاء ذلك بالتزامن مع تقديمه لمشروع قانونه اليميني العنصري وعشية التصويت عليه في الكنيست، وهو يفعل ذلك ليسلط الأضواء على شخصه وليضيف الى رصيده السياسي أصواتا ومؤيدين له بصفته يقدم قانونا عنصريا معاديا للعرب.
إن الموجة الجديدة من سن القوانين العنصرية، سبقها جولة في الدورة السابقة في الكنيست، وهذا الانفلات أو الجشع العنصري في سن القوانين العنصرية انما يكشف عن نوعية وجوهر الكنيست الحالية، والتي شهدت وتشهد تحولا يمينيا خطيرا لا يخجل في التصريح بنواياه واعلان خططه بتأكيد يهودية الدولة ونزع أي شرعية للمواطنين العرب فيها، وهم أصحاب البلاد الشرعيين، الذين ولدوا هنا ولهم جذور عميقة في هذه الأرض، على عكس بعض المشرعين العنصريين الذين وفدوا الى هذه البلاد كمهاجرين وباتوا يتصرفون على أنهم أسيادها، بحيث ينطبق عليهم المثل الشعبي القائل "البلاد بلاد أبونا واجوا الغرب يطردونا".