تحية وبعد
سيدي السفير.. بعد تفكير طويل في السبل التي من الممكن أن تساعدنا في رفع المظالم التي نعاني منها نحن أبناء الطائفة العربية الدرزية في إسرائيل والتي هي أضعاف ما تعاني منه الشرائح الاجتماعية الأخرى على اختلافها، والتي سآتي على ذكر بعضها، ولكن قبل ذلك سأعطي لمحة سريعة عن الطائفة العربية الدرزية في إسرائيل، يبلغ عدد العرب الدروز في إسرائيل اليوم 107 ألف نسمة يعيشون في عدة قرى، قبل سنة ال1948 قاومت قطاعات واسعة من الدروز المنظمات الصهيونية شأنها شأن الفلسطينيين أصحاب الأرض وقد قدم من جبل العرب في سوريا الثوار الدروز تحت قيادة المجاهد الكبير "شكيب وهاب" وحاربوا بشدة واستمروا في الحرب كأخر فيلق عربي واستطاعوا الانتصار على المنظمات الصهيونية في معركة "هوشه والكساير" وتكبد الصهاينة الخسائر والقتلى، كان من بينهم "اساف ديان" شقيق موشي ديان وزير حرب سابق في إسرائيل ووالد الجنرال عوزي ديان.. ولكن بعد أن تُرك الثور بدون إمدادات عسكرية وغذائية عادت المنظمات الصهيونية وانتصرت، وقد فضل العرب الدروز البقاء في وطنهم، وتم لاحقا في سنة 1956 فرض التجنيد الإجباري المرفوض على شبابها. هذه هي الحقيقة الجوهرية التي تنكرها السلطات وزعانفها المستفيدين من بيننا، ولكن السلطات تدركها كحقيقة علمية إذ أن البحث الذي اجري في جامعة حيفا مؤخرًا أشار إلى أن 6،64% من الدروز يرفضون هذه الخدمة، كما أشار مؤتمر "هرتسيليا" قبل الأخير إلى أن معارضة التجنيد الإجباري لدي الشباب العرب الدروز بلغت 54%
كانت هذه لمحة خاطفة، وجنبًا إلى جنب أعدت الخطط كي تبقى هذه الطائفة خادمة للسلطات الإسرائيلية، هذه السلطات التي أبدعت في أساليبها، حيث بدأت في تجيير هذه الطائفة من خلال البرامج الدراسية منذ الصفوف الدنيا، كانت هذه البرامج متدنية تختلف عن البرامج التي أعدت لبقية التلاميذ في إسرائيل؟!!!!! لتأتي النتيجة لاحقًا على لسان البروفيسور "اميتسا بارعام" المسؤول عن امتحانات الدخول في جامعة حيفا الذي قال بالحرف الواحد: "إن الشاب اليهودي والشاب المسلم والشاب المسيحي والشاب الدرزي يأتون إلى الجامعة لإجراء امتحانات الدخول فالجميع ينجح ما عدا الشاب الدرزي" وهكذا أصبحنا في أسفل درجات السلم الثقافي، طبعا إفرازات ذلك واضحة؟
فالشاب العربي الدرزي يريد أن يعيش فماذا يعمل في ظل إغلاق مجال التعليم وبعد أن صادرت السلطات الإسرائيلية 83% من أرضه وحجبت مياه الري عنه كي يستصعب زراعة ال 17 % المتبقية؟ هكذا يجد نفسه مضطراً إلى ارتداء البزة العسكرية، طبعا هناك من يتمرد ويسجن وهناك من يتدين، وهناك من يتصنع ويمثل دور المجنون ليتهرب من الخدمة في جيش الاحتلال، وهنا نحن أمام إشكالية صعبة أخرى، فالشاب العربي المسيحي والعرب والمسلم الذي لم يخدم في الجيش يقبل للعمل في أغلبية أماكن العمل، في حين أن الشاب العربي الدرزي الذي لم يخدم لا يقبل في الكثير من أماكن العمل؟ّ!! وهنا أيضا يقود هذا الواقع إلى أن نكون في أسفل درجات السلم الاقتصادي في البلاد، إنه واقع أغرب من الخيال، هكذا نترك فريسة للبطالة التي تفرز بدورها الشوائب الاجتماعية التي لا لزوم لذكرها.. والتي قد يكون منها إن نسبة الانتحار بين الشباب الدروز في إسرائيل هي الأعلى في البلاد.
سيدي السفير أرجو أن تعيرنا اهتمامكم، إن حصتنا من الاضطهاد في هذه الدولة هي الأكبر فحتى ونحن في قمة ( العطاء ) هناك من الجنود الدروز من يتم اغتياله داخل المعسكر الذي يخدم فيه وهنا اذكر عينات من هذا الاضطهاد.. الجندي "مروان القاسم" قتل بدم بارد داخل المعسكر على يد جنود يهود.. الجندي مدحت يوسف كانت سلطات الجيش تنوي أن تقوم بعملية إنزال من أجل إنقاذه ولكن عندما وصلها بأن الجندي " غوي" (غير يهودي) تركوه ينزف حتى الموت.. الجندي مجدي حلبي ما زال مختفيا ولو توقف ألأمر حول قضية تهمهم لكانوا اكتشفوها من تحت الأرض.. قبل سنه انتحر ثلاثة جنود دروز داخل معسكراتهم، هل كان ذلك لأنهم يحبون الخدمة في الجيش؟.. هل اجري بحث حول أسباب ذلك؟.. هل أجرى بحث حول كوننا في أسفل درجات السلم الاقتصادي والثقافي؟!! وهل تعتقد أن ذلك يهم السلطة؟ المشكلة انه في كل سنة في يوم ذكرى الضحايا.. أو ما يسمى بذكرى الشهداء، ذكرى من سقط في حروبهم التوسعية، يأتي إلينا أحد الوزراء ويقول:- لقد أخطائنا بحقكم ونعدكم بتصحيح الخطأ لنعتقد من شدة سذاجتنا بأنه لا بد وان يكون واحد منهم على الأقل صادقاً يأخذ بيدنا.. ليأتي إلينا في العام القادم أحد الوزراء مرة أخرى ليقول نفس الكلام ويعد نفس الوعود ويكذبون علينا مجددًا وهكذا دوليك إلى ما لا نهاية.. سيدي السفير.. إننا فريسة بين مخالب وأنياب هذه السلطات الظالمة التي لا أمانه لها.. أقول ذلك من خلال تجربة طويلة ومريرة.. أشير إلى حقيقة صارمة غير خاضعة للجدل، إن السلطات الإسرائيلية إن سلبت أملاكك فإنها لا تكتفي.. إن منحتها قلبك المتدفق بالحب فهي تريد كبدك.. تريد دمك.. تريد روحك.. إنها تريد.. تريد حتى رفاتك خاصة إذا تبين لها بأنه يمكن تصنيعها؟! إن هذه السلطات لا صديق لها أيا كانت تضحياته في سبيلها.. إن تجسسها حتى على (أمها ) الولايات المتحدة، أكبر برهان على صدق ما أذهب إليه.. انك كلما أخلصت لها كلما زادت استهتارها بك.. إن السلطات العربية الدرزية لا تحصل حتى على ما تحصل علية سلطاتنا المحلية العربية الأخرى، قبل عامين قررت الحكومة منح السلطات المحلية العربية 100 مليون شاقل واستثنت القرى الدرزية ولم يحصل من القرى الدرزية على حصة من هذا المبلغ سوى ثلاثة مجالس درزية بعد أن طلبت ضمهم إلى خطة تطوير الوسط العربي؟ّ!! وأقول ذلك أيضا من خلال عضويتي السابقة في بلدية الكرمل، حيث كنت عضوا في اللجنة المالية، وأجرينا بحثا تبينت من خلاله هذه الحقيقة، هكذا هي هذه السلطات فبدلا من أن تأخذ بيدنا كون شريحة منا سارت في ركبها، تمعن في سحقنا؟!! هذا بالإضافة إلى أن قرانا تفتقد إلى المناطق الصناعية في حين أن الكثير من القرى العربية الغير درزية تحظى بمنطقة صناعية. وبالإضافة إلى عدم أقرار خرائط هيكلية لقرانا.. الأمر الذي يجعل أغلبية بيوتنا غير مرخصة.. الواقع الذي يفرض على شبابنا البناء الغير مرخص بعد إنهاء الخدمة الإجبارية؟!! يجد الشاب الدرزي نفسه فريسة للملاحقات ( القانونية) والغرامات المالية الباهظة مما يدخلهم في حالة من خيبة الأمل.. القلق والإحباط.. قبل نصف عام كانت هناك مواجهة بين السلطات وأهلنا في قرية "حرفيش" بعد أن قررت السلطات هدم عدد من المنازل..
قرية "البقيعة" تعاني منذ زمن وتواجه التهجير ذلك بحجة انها مقدسة للشعب اليهودي لأن الكاهنا يهودياً استحم في عين المياه هناك؟!!..
وحتى في الجولان السوري المحتل يعاني أهلنا هناك من التحرش ومحاولة متطرفين يهود الاستيلاء على الأماكن الدينية.. قبل اشهر معدودة حاول يهود متطرفين الاستيلاء على منطقة "الحازوري" وهي منطقة مدفون فيها رجل صالح.. زاعمين بان كاهن يهودي مدفون هناك؟!!
.. سيدي السفير لا نستطيع في هذه العجالة استعراض واقعنا كله.. لقد فرقت السلطات شعبنا إلى طوائف كي تستفرد بكل طائفة، وكانت حصة الطائفة العربية الدرزية من المظالم هي الأكبر كما ذكرت.. ولو استعرضنا واقع قرانا، نجد أن :
أهالي قرية " بيت جن " يلاحقون بسبب استصلاحهم لما تبقى لهم من ارض في "الزابود" بعد مصادرة أراضي "الخيط" وذلك بحجة أن حرث الأرض من شأنه أن يدمر البيئة الملائمة للزواحف.. هكذا تصبح السحالي والعقارب والأفاعي أفضل من المواطنين الدروز..
منطقة " تيفن" كانت تابعة لمنطقة نفوذ قرى يانوح – كسرى الدرزيتين وهي عبارة عن 2400 دونم نزعت من أهلنا هناك وهم أفقر الناس ومنحت " لستيف فرنهير" وهو شخص من أكبر الأغنياء في إسرائيل وأقاموا لها مجلس مستقل وهو المجلس المحلي الوحيد في العالم كله بدون سكان؟!! هذا بشكل عام .
أما ما يحدث اليوم فبالإضافة إلى ما ذكرنا فأننا نلاحق حتى الرمق الأخير.. هناك هجمة على ما تبقى لنا من أرض؟! لقد قررت الحكومة إقامة 12 مشروعًا على أرضنا في منطقة "الجلمة والمنصورة" التابعة لأهالي قريتي عسفيا ودالية الكرمل بالقرب من مدينة "يوكناعم" وقد سارت بهذه المشاريع ضمن أراضي الدولة بشكل مستقيم ولكن.. ولكن عندما وصلت إلى الأراضي ذات الملكية اليهودية انحرفت بها لتصب كلها في ما تبقى لنا من ارض، وأدرج بعض الأمثلة:
أعمدة الكهرباء فوق الضغط العالي كانت في الحرش الطبيعي ولما وصل الأمر إلى أراضينا الزراعية المتبقية لم تقبل أي جهة أن توضع في الحرش أو في الأراضي ذات الملكية اليهودية؟!! .
سكة الحديد ( حيفا- الشام) ما زالت خطوطها في أراضي "الري" و"كريات حروشت " وهي مستوطنات يهودية، والخطة الجديدة نقل هذه السكة إلى أراضينا.
المنطقة الصناعية لمدينة "يوكناعم" مقامة على أراضي "المنصورة" التي صودرت منذ زمن من أجل إقامة معسكر للجيش، ولكن في السنوات الأخيرة أقيم مكان المعسكر بنايات صناعية ولم تعد الأرض لأصحابها كما تنص القوانين الدولية، هذا علما بان أراضي رقم "9" أراضي " المل" التابعة لأهالي سخنين وأراضي " الروحة " التابعة لأهالي أم الفحم أرجعت إلى أصحابها وهنا نطلب مساواتنا مع بقية أبناء شعبنا من الطوائف العربية.. ولا نريد أكثر نظرًا لخدمة شريحة منا في جيشهم .
توسيع مجرى النهر المقطع " الكيشون" يميل على أراضينا أكثر من أراضي اليهود .
وغيرها.. وغيرها من مشاريع كلها تأتي على حساب أراضينا لتجهز عليها.. وهذه الأرضي هي أفضل ألأراضي في الدولة، حيث إنها بوابة مدينة حيفا، وهي بعد أن اتفقت السلطات الإسرائيلية ووقعت مع الرئاسة الروحية عندنا ومع رؤساء سلطاتنا المحلية نقضت الاتفاق وتريد أن تقايضنا بخمسة دونمات مقابل دونم واحد؟!! هكذا هي هذه السلطات لا تحترم زعامة دينية ولا زعامة سياسية.. لقد استغلت في السابق بساطة أهلنا وفرضت المقايضة وفقًا لهذه القاعدة مما فتح شهيتها للاستمرار في غطرستها، هذا علما بان أرضنا سهلة وجاهزة للعمل بعكس الأرض الصخرية المقترحة، ولعل من نافلة الأمور، أن ما تسمى بمحكمة ( العدل العليا ) قالت إن قضيتنا عادلة ولكنها لا تستطيع أن تحكم الدولة؟!!!!!
سيدي السفير: إن السلطات الإسرائيلية التي تدعمها بعض الدول بشكل لا متناهي، لا تتورع أن تنسف الملاجئ على الأطفال والنساء والعجزة إذا وجدت نفسها في ضائقة كما حدث في لبنان ( في قانا ) أولا وثانيًا.. لا تتورع في استعمال الأسلحة المحرمة كالفسفور الأبيض والقنابل العنقودية لحرق العجزة والنساء والأطفال كما حدث في غزة، إن السلطات الإسرائيلية بعد ممارستها للإجرام بشكل يومي، أصبح الإجرام لديها نمط حياة، من هنا، فإن دعمها اللا متناهي من قبل بعض الدول يساهم في زيادة الظلم والعدوان على الجميع، وخاصة على من اخلص لها كالطائفة العربية الدرزية في هذه البلاد.. إن حكام هذه البلاد ليس لديهم الحد ألأدنى من الضوابط الأخلاقية.. سيدي السفير، إن الصهيونية عدوان.. الصهيونية ظلم.. الصهيونية إجرام وكأني ببعض الدول تقول لهم، اذهبوا وافعلوا ما شئتم في إسرائيل وفلسطين فالمهم أن تكفوا شركم عنا؟ من هنا نقول لكم لا يجوز تركنا فريسة بين مخالب وأنياب هذه السلطات الغاشمة التي تستخدم الطائفة العربية الدرزية في هذه البلاد كما تستخدم الأرانب في غر ف المختبر.. نحن بشر لنا كيان كباقي البشر.. لذلك يجب خلق آلية عالمية للحد من جرائم السلطات الإسرائيلية بحقنا وبحق كل المحيطين بها، ، إننا نعقد الأمل على سيادتكم كي ترفعوا ورقة عمل إلى حكوماتكم كي تضغط بدورها على السلطات الإسرائيلية لترفع أياديها عنا وشكرا .
[email protected]
نسخ لأعضاء الكنيست ووسائل الإعلام