أن تتحضر لاستفزاز الكلمات بالتطرق لبعض المسالك الشبه مختلف الحديث عنها, هو أمر عليه أن يتم في غاية الحذر. لكن ما تفتأ تحتاج أحد ما أن كان محلل سياسي آم رجل دين أن يسوق بنا مجرى الحديث نحو العالم المشترك الذي يتعايش به أسلوب العلمانية مجاورا للدرب الملتزم دينيا بشكل يمنح فقط من اعتمر الطريق الأخير مسلكا يسير عليه الإنسان منذ الصغر , ملتزما بالممنوعات و الاستثناءات التي عليه أن يكرس نفسه من أجل تطبيقها يوميا ,حرفيا و شخصيا. بعالم الدين المتبحر بالى ما لا نهاية من الاختيارات التي تتماشى مع أسلوب عيشه المختلف قليلا, الممتع قليلا. فالجانب الديني للحياة يمنحنا تلك الهالة التي تلتف حولنا مهمتها تخصيص الوقت المتبادل بيننا و بين الخالق ,الذي نود لو نخبره حذرنا الغير مهمل اتجاهه و إيماننا بقدرته على تغيير المعمورة و ضواحيها , بودنا لو نخبره عن كل ما يعتمل داخل صدرنا ,من كل المنكرات التي تحدث من حولنا و نحن مجرد وقوفنا مكتوفي الأيدي نعتبرها إشارة إيمان بالقدر و المجريات التي يرسم بها الحياة. فالإنسان الملتزم دينيا لديه تلك العلاقة الخاصة التي تجعل منه زائر يسأل الرحمن عن كل النوايا التي ينوي التوجه لها , باستشارة روحانيه , لديه ذالك المنطق الأعمى بقدرة الله سبحانه و تعالى , بغض النظر عن الأسباب التي سببت حدث ما . و ما العلمانية إلا تفسير مطول و مفصل عن تلك ألطريقه المنتهية بإشارة "قضاء الله و قدره". ليس قلائل أولئك الذين حاولوا عبر مر العقود تجديد البحث و تقديم التنازلات عن معتقداتهم في سبيل فهم و استيعاب الخط الفاصل ما بين المقدس و المدنس , اللذين يسيطران على مجريات آرائنا و احتمالات قبول الآخرين بها , و احتمالات قبولهم لنا, بمواقفنا و فشلها بالنسبة لهم .فنحن بشر كل منا اعتمر السبيل الواجب له اعتماره , له و لخلفيته البيوليجيه آو ألقوميه , بصرف النظر عن نظرة الاحتقار آو الاحترام التي سيرمقوننا بها . بغض النظر عن انتماءات القراء الذين ستنتهي تلك الصفحات تحت أعينهم المجردة ,يمكن لنا من نظره ثاقبة محايدة أن نتجرد من الانحياز بين هذين العالمين الشبه متجانسين.
إن عالم الدين و العلمانية هما وجهان لعمله واحده ,عملة التواصل مع الكائن الذي مهد لنا العيش على الأرض عن طريق بناءها و خلقها بأجمل ما منحنا من خيال و قدره , منحنا الأرض و محتوياتها بسلبياتها و ايجابياتها. لا يمكن للكائن البشري أن يعتاش بدون التواصل مع رب العالمين . يمكن لنا أن نعيش داخل أسره سعيدة بما نصب لها من مفاجآت , نكسب الأصدقاء ,ننهي المراحل الابتدائية فالشاملة . بنجاح منقطع النظير, ملفت للنظر , نجد الإنسان المناسب قضاء بقية مدة صلاحيتها على الأرض برفقته .نحقق الانتصارات على الصعيدين الثقافي و الاجتماعي بعد نجاحنا على الصعيدين العاطفي و التعليمي, ننجب أطفال أقوياء, أصحاء و أذكياء.نعهد إليهم بجميع الخبرات التي اكتسبناها و النصائح التي تلقيناها من ذوينا. سواء صحيحة أم لا , الأهل لا ينقلون العادات السيئة ,نلقنهم الأساليب الاجتماعية ذاتها التي تلقيناها , لا يهم ما نتيجتها ,المهم أن نضع داخلهم الأمل الذي لم نجده نحن , و احتمالات النجاح التي لم تتوافق مع احتمالاتنا. الكثير من الأمور يمكن أن تنتج و تحصل لنا , خلال سنين مكوثنا على الأرض , لكن في فتره معينه من أعوام صراعنا في البقاء نحتاج ذالك التواصل مع الكائن الذي مهد لنا طعم النجاحات التي كنا و ما زلنا نتذوق نكهتها .
إن التواصل مع رب العالمين عن طريق صلاه خماسية الأجزاء يمارسها المسلم إلى صلاه منفردة في اليوم الأحادي يمارسها النصراني , جميعها تؤدي لتوثيق العلاقة مع الخالق ورسله , بغض النظر عن البداية . إن الله تعالى بسط لنا الحياة و يسرها بأبسط الدروب التي يمكن أن نسلكها و السكينة ترافقنا. طلب من عباده جميعا السير على الأحجار التي توصل لطريق الخلود الأبدي بتأني و حذر.بإيمان أن الحجر التالي ليس مجرد طبقه من جذع تمساح يسكن أسفل البحيرة, طلب طاعته و مشاركته أحزاننا في السراء و الضراء. ليس العالم شاشه صغيره علينا اختيارها بالأبيض آو الأسود , إن الدين و الدنيا هما ظفيره واحده ,علينا الإخلاص لها لتخلص لنا , و لم يكن يوما الدين المنطلق الذي من أجله علينا التخلي عن ملذات الحياة و غرائزها. إن الدين يتطلب منا الالتزام و تقبل توجيهه لمجريات حياتنا و اختياراتها العشوائية, و كل منا يستطيع بناء زاوية رؤية خاصة به تكون منارته ليدير بها منعطفات حياته المختلفة. فالدين موجه لنا و ليس معيق لساعات حبورنا.