من نَبْعةٍ حِسّيّةٍ ولدتكَ أمُّكَ جدولًا
غمر الكتابَ الأبيضَ المرهونَ للتّاريخِ
يُمهلُهُ.. لتُغرِقَهُ
أيا مَن شعرهُ المكتوبُ لي
"دَيَليزةُ" الوطنيِّ للوطنيِّ في الجسد الشّريف.
*
بانت خُطاكَ كأنّها كَرٌّ
إلى حيثُ الفِرارُ من الفِرارِ شجاعةٌ
من شعرِك المضبوطِ عوّدنا مناعتنا
على الإصرارِ؛ صرنا مَرهمًا للجرحِ حتّى لا يُرى
من ثَقبهِ وجهُ النّزيفْ.
*
لا شيءَ يجعلني كميلَ الحظّ أكثرَ من خلايا
أنتَ زارعُها بظهرِيَ يا سُمُوَّ الحسِّ
زوّدني!
فهذا الحَمضُ في شعري وراثيٌّ
يفتّشُ عن أصالتهِ
وعن سببٍ يُسرِّعُ من تدفُّقِهِ
فَتُشبِعُني حماسةُ فكرةٍ أقوى من المحتلِّ
أو ولدٌ أُخلِّفُهُ، ويشكرُني
فيبني الملجأَ الحصريَّ لي دارًا..
وفي إتيانِهِ هذا الوليدِ تُولَّدُ الطّاقاتُ يا
جدَّ السّليلَةِ.. فانتظر؛
لترى نصيرَكَ نصرُهُ فزعُ الفجيعةِ
مِن تعنُّتهِ، يُجابِهُ خوفَهُ ثِقةً على ثقةٍ إلى أن
يستحي منه القتالْ.
*
شللُ القصائدِ في المللْ.
ماذا يكونُ لنا؛
وأنتَ تُهندسُ الألفاظَ قبلَ خروجِها؟
تتأفَّفُ الأشعارُ من لهف الشّعورِ بنا؛
لنا نَفَسٌ خرافيٌّ من الصّرَخاتِ
يكبُرُ، كي يُعزِّرَ صمتَهُ إن جاءهُ في غفلةٍ
غولُ المللْ.
*
سَنَدي.. صديقي رُغم فرق العمرِ
إيّاكَ القلق!
درويشُ ماتَ ولم تمت حيفا الّتي
بقيت تهاتِفُ أهلَها عن سفحِ كرملها
يعوّضُ سفحَه المحروقَ هذا الكرملُ الأزليُّ
إذ تنمو النّباتاتُ،
تأكيدُ الحياةِ على النّجاةِ من الطّغاةِ
فلا تَخَفْ يا مُلهمي عند الحديثِ عن الرّحيلْ
فسَواءُ كنّا.. أم رحلنا
لا فِكاكَ عن الأمل.
*
ها بُحّتي الإثباتُ أنَّ الحزنَ مسألةٌ مؤقّتةٌ
كما الأفراحُ جائزتي وأنتَ معي الأدلَّةُ كلُّها
وأكيدُها أنّي أحبُّكَ رحلةً فيها الخطيئةُ
جاوَزت زَعَلَ النبيِّ بكبوةٍ.. لكن
تُبرَّرُ هذه النّزَواتُ فيكَ ولا تُعاب.
*
أشبعتني يا سُلفَتي سَلفًا وما سأقولُ قيل؛
صُبّي عليَّ تفاؤلًا يا نكسةَ الأسلافِ يُسعفُني
طلوعُ الفجر دَوريًّا
فقد تتأكّدُ الظُّلُماتُ أنَّ الصُّبحَ مرفوعٌ إلى
شمسٍ فِلَسطينيّةٍ قد أشرقت
شرقًا، لِينتحِرَ الغياب.
*
قد تستريحُ الطّيرُ، أحيانًا، ولكنَّ العُلى مُغْرٍٍ
ليَبلُجَ فرخُ بيضتها انبلاجًا
يستميحُ العُشَّ حينَ يودّعُ الشّجرَّ الخفيضَ بجِنحهِ
ويقولُ للأرضِ الّتي ابتعدت: سأرجِعُ لا مُحالَ
إلى نواحيكِ العفيفةِ مرّةً أخرى.. فلا تبكي
أيا تلك الوحيدةُ من ذهابي! إنّما في البُعدِ
تقتربُ الغريزةُ من حنيني
والإياب.
*
سميحُ القاسمْ!
وطني يعيدُ حياتنا نحو الحياةِ وأنتَ أنتَ
وإن تعبتَ فلن تكِلّْ
من سَيلِكَ الشّعريِّ يولدُ شاعرٌ
يُثني عليكَ وينتهي عَجَلًا يدورُ كأنّهُ
هو أنتَ بالأحرى وبالعدوى أنا منهم؛
أدورُ، أثورُ، لا يومًا أدوخُ ولا أُساوم.
*
سميحُ القاسمْ!
خذْ من نصائِحكَ النّتيجةَ واتَّبعْ ما قلتَهُ جهرًا
تجدْ فوزَ الحقيقةِ ممكنًا أو ممكنٌ
أن نبتني من شُغلِكَ الفنيِّ "ماكِنَةَ" الصّمودِ
على بساطِ الرّيحْ.
*
لا الريحُ تقوى أن تطيّرَنا عن الدّنيا
ولا الماضي بعيدٌ كي يُنسّيَنا الأمامُ وراءهُ
فوراؤنا صارَ الأمامَ كأنّهُ هو مَن يلاحقنا
ونحنُ الحاضِرُ الآتي نهيمُ
وإن تُرى اعتكفَ الصّحيح.
*
نحنُ المكيدَةُ للمصيبةِ كيفما شعرت عواطفُنا
نحسُّ بها
فيا شيخَ القصيدةِ إتّزر أرجوكَ فينا؛
نمتطي فَرَسَ التّحوُّلِ من تعثّرنا
إلى لَهَفٍ يعيدُ جليلَنا قممًا
يُصافحُ سفحُها كفَّ الغيومِ كأنّه يعلو ليسخَرَ
من حضيضِ الغيرِ في السّهلِ الكسيح.
*
لخيبتِنا السكينةُ مسكَنٌ عمّا قليلُ
ولا مناصَ من الحروبِ.. فها بنا نمشي
على ماءِ المعاركِ دونما غرقٍ
ومن حذرٍ
سينتصرُ الضّعيفُ على اللّئيمِ وإن تُرى
نكثَ الكلامُ وُعودَه فسأكتفي بالقلبِ يلفِظُ
نبضَهُ قولًا فصيحْ.
*
سأهدّدُ النّسيانَ بالنّسيانِ
حينَ أنَزِّلُ الجسدَ الجريحَ عن الصّليبِ فلا تخف؛
حُرِقَ الصّليبُ وماتَ صاحبهُ المدمّى مثلنا
لكنّه في قبضتي "المسمارُ" من آثاره حيٌّ
بلا صدأِ الحديدِ عليهِ فليخشَ انتقامي
يا سميحُ عدوُّنا.. ذاك الذي
ما تابَ مُذ غاظَ القيامةَ في انتفاضتنا
على أثر المسيحِ.. أجبْ
على هذا الكلامِ لأقتدي يا صاحبي
دورَ السّميعِ لما تقولُ فأستريحْ.
مروان مخّول