دعانا الصديق محمد عامر ،صاحب معصرة الزيتون في البقيعة ،وهو معصرجي مخضرم , لمرافقته الى امسية عن الزيت والزيتون،في القرية التعاونيّة/جينوسار/ على شاطئ بحيرة طبريّا،عنوان الدعوة الخطّيّة:اوّل مشقة،صاحبا الدعوة:فرع الزيتون في مجلس النباتات وبيت يجئال الون في /جينوسار، قلنا لمحمد:لعلّ ما ينطبق علينا :يا رايح بلا عزيمة يا قليل الحيا والقيمة !
-اجاب مداعبا كعادته: ولو على عاتقي ،كلمتي هناك ما بتصير ثنتين!
الاستقبال كان حارّا ،الماْكولات والضيافات كلّها من مستخرجات الزيتون والزيت، المضيفون من الزّتّانة اليهود والعرب ،تسابقوا فيما بينهم:من يقدّم افخر الماكولات:عوّامة ،زلابية ،كعك ، معجّنات ....على الطريقتين العربيّة والعبريّة ومستحضرات اخرى، تذوّقنا ،تمتّعنا واستبشرنا خيرا،خطابات ،مطوّلات ،محاضرات ،نظريّات ومعلومات .....حتى جاءت الفقرة الاخيرة والاْهم :توزيع الجوائز على المشاركين في مباراة اجود الزيوت:اوّل مشقة! شُدّتْ العيون والاْنظار من قِبَل المشاركين والجمهور ،هيئة التحكيم مشتركة من الخبراء العرب واليهود معا،قال احدهم مكثنا يومين متتاليين نتذوّق نماذج الزيوت المتقدمة للمسابقة،اخذين بعين الاعتبار:المذاق ،الطّعم ،اللون ،الرائحة،الحرقة،عذوبة البلع،ما يتبقّى بعده وغير ذلك من المعايير، عدد المساهمين في المسابقة ثمانية واربعون ،شطبنا اسماء بعضهم ،لاْنّهم لم يُلبّّوا كافّة المعايير ،بعد مداولات ومشاورات قرّرنا منح اربع عشرة شهادة تقدير،تقسم الى ثلاث مجموعات،على النحو التالي:
1-اربع شهادات ذهبيّة متفوّقة .
2- اربع شهادات ذهبيّة عاديّة .
3-ست شهادات فضّيّة .
وبداْت تلاوة اسماء اصحاب /الحظ السعيد/ على الملاْ، الحضور مشدود ،حذر ،قلِق،على احرّمن الجمر ،كلّ مساهم في المسابقة يتوقّع سماع اسمه بين الفائزين ،خاصة العرب منهم،وكانوا اقلّيّة ، انتهت تلاوة الاْسماء ،دون ان يُعِْلن العريف عن ايّ اسم عربي! مرارة ،استغراب ،استهجان ،تعجّب ،خيبة امل ، حتّى جائزة ترضية عربيّة واحدة ،لم تُعْطَ !ولو من باب رفع العتب ،وعلى عينك يا تاجر! وكاْنّ الزيت العربي واصحابه لا في العير ولا في النفير ! اصبح في خبر كان ،قُتِلَ،كما يُقتل العرب ،بالجُملة، في الاقطار العربيّة علانية وفي وضح النهار ،دون ان يترحّم عليهم احد !
كاتب هذه السطور تقدّم من احد الخبراء العرب متسائلا ،بِتَطَفّل دون تكليف، هل توزيع الجوائز هو تمثيليّة مبيوعة سلفا ! اجاب الخبير الذي احترمه شخصيّا : نعم هي تمثيلية ومسرحيّة ،سمّها كما شئتَ يا اخي !
خرج الجمهور العربي يجرّ اذيال الخيبة والفشل ،عائدا بخُفّيّ حنين،لا سيّما واْنّ الفائزين بالجوائز هم مُتطفّلون على هذا الفرع الانتاجي ،بعضهم يسكن في المناطق المُحتلّة والبعض الاْخر يتحايل ويلفّ ويدور كي يحظى باللقب والشارة المميّزة من مجلس النباتات التي تُلصق على عبوات التسويق وما بها من اغراء وتمويه للمستهلكين .
جمهور المستهلكين الاسرائيلي تهمّهُ المظاهر والشعارات البرّاقة ،ويشتري طبقا للدعاية والاغراء ، وبكلمات اخرى يقولون للمستهلك :اشترِ ما هو مضمون ومكفول ، ايّاكَ والزيت العربي الذي لا تنطبق عليه معايير الانتاج الجيّد، وقد اعذر من انذر، وهذه ضربة اخرى للاقتصاد العربي في هذه الديار ،وهذا الفرع بالذات !واجعلوا الزيت العربي المُقاطع يتكدّس في البيوت ، المعاصر والمستودعات من سنة لاخرى ، ما حدا بيلكشو ولا بيسعّرو !
خلال عودتنا بائسين ،حاول محمد عامر ان يُعزّينا قائلا:ارجو ان تكونوا قد استمتعتم بالماْكولات على الاْقل؟
-قلنا له جادّين :لقد خرج العرب من المولد بلا حُمّص!
وتبقى عدّة اسئلة يتيمة تبحث عن اجوبة صادقة :
-هل يخجل العضوان العربيّان في لجنة التحكيم من هذه النتيجة والتمثيلية !
-هل هي مؤامرة على الزيتون والزيت العربيين !
-هل المقصود واْد هذا الفرع الاقتصادي العربي الهام !
لقد وُئد مجلس التّبغ من قبل ووئدت زراعة التبغ ومُنعت الرخص ،لتبور الارض ،ووُئِدَ من بعده مجلس الزيتون نتيجة لصراعات عربية طائفيّة موحى بها ، بطّيخ يكسّر بعضو ، و اْلحِق بمجلس النباتات، وها نحن اليوم نشهد واْد الزيتون والزيت العربيين علانية وبدون خجل ، تبخّر الزّيت والمشق والقطف والفرط، والهزّ والرجّ والخبط ،رغم استعمال الماشقات الاليّة الايطالية الحديثة ! اللي بيعرف بيعرف،واللي ما بيعرف بيقول :كفّ عدس !
واسئلة عديدة اخرى تجول في الاْفق، لعلّنا نجد من يجيب عليها مشكورا !