بقلم: نادر أبو تامر
هل تمزح معي يا رازي، أم أنك بالفعل لا ترى الكلمة المكتوبة على اللوح؟
سألت المعلمة رازي الذي فوجئ من سؤالها، وردّ على الفور:
أنا فعلا لا أراها يا معلمتي.
وبدأ رازي يشعر بالقلق.
في البيت لم يتناول رازي إلا جزءًا صغيرًا من الغداء. لم تكن لديه شهية. ولما سألته ماما- غالية لماذا لم يتناول وجبته ككل يوم، أخبرها بما حدث في الصف.
في ساعات المساء، بعدما قرأت الماما غالية لرازي قصته المفضلة، اتصلت بالمعلمة وسألتها، واتفقتا على أن تتوجه الماما مع رازي إلى المختص بفحص العيون لتفحص نظره.
في اليوم التالي لم يذهب رازي إلى المدرسة. وبدلا من ذلك ذهب إلى الأخصائي الذي فحص نظره. وقال للماما بأن رازي صاحب العينين الجميلتين بحاجة لنظارة نظر.
طلبت الماما من الطبيب أن يعطي رازي النظارة الملائمة على الفور.
وعندما لبسها قالت له الماما: ما أجملك يا حبيبي!
نظر رازي إلى المرآة، فرأى نفسه جيدًا، لكنه استغرب من شكله وهو يلبس النظارة.
سأله الأخصائي عندما لاحظ تردده:
ألا تحب النظارة الشمسية؟
أجاب رازي: لا أحبها.
فقال الأخصائي وهو يضع النظارة على عيني رازي:
هذه النظارة مثل النظارة الشمسية، لكنها نظارة عجيبة، حيث تساعدك على الرؤية، وتجعلك بطل الأبطال وقد تستطيع مساعدة الآخرين.
في صباح اليوم التالي اصطحبه البابا - راجح إلى المدرسة.
لم يرغب رازي بأخذ النظارة إلى الصف، لأنه خجل من تعليقات أصحابه، فوضعها على مقعد السيارة، ونزل منها وسلم على المدير علاء الذي كان يستقبل الطلاب عند مدخل المدرسة. صافحه المدير بحرارة وقال له : صباح الخير يا بطل الأبطال.
فتساءل رازي بينه وبين نفسه : كيف أكون بطل الأبطال بعدما وضعت النظارة في السيارة؟
بابا راجح الذي انتبه إلى النظارة الموجودة على المقعد، توجّه إلى مربية الصف التي كانت في الساحة، وأعطاها النظارة.
ذهبت المربية إلى الصف ووضعت كفها على شعر رازي، وأعطته النظارة وهي تعبّر عن محبتها له. فشعر رازي بسعادة كبيرة في البداية. وبعد لحظات صار رازي يحسّ بشعور غريب، حيث توقف الجميع عن الكلام عندما رأوا النظارة على عينيه، وصاروا ينظرون بصورة غريبة إلى رازي الذي يلبس النظارة لأول مرة في حياته.
أطلق الكثير من طلاب الصف عبارات الدهشة والاستغراب. لكن الدهشة خفت عندما دخلت أمه بعد قليل إلى غرفة الصف، وهي تحمل كعكة مصنوعة بشكل نظارة.
صار الطلاب يقتربون من الكعكة ويفحصونها إذا كانت كعكة حقيقية أم نظارة.
ثم قطعتها والدة رازي، وكان رازي يوزع القطع على أصدقائه.
لكن مجدي وسعدي ورهام بدأوا يضحكون بصوت عال عندما غادرت أمه الصف.
فانزعج منهم رازي وذهب إلى طاولته، وجلس وهو حزين وخلع النظارة.
وعندما لاحظت المربية ذلك سألته عن سبب حزنه، ولماذا لا يلبس النظارة، فلم يجبها.
لكنها طلبت منه أن يلبس النظارة، لأنه سوف يستفيد أكثر خلال الحصة إذا لبسها.
في الاستراحة خرج إلى الساحة مع طلاب الصف، فاقترب منه مجدي وسعدي ورهام، وقالوا له: اخلع هذه النظارة يا رازي، فهي غير جميلة!
لكن رازي تذكر ما طلبته المعلمة منه، ولم يستجب لطلب زملائه.
وفجأة عندما كان الأربعة في الساحة اشتد الهواء، وهبت عاصفة شديدة تحمل الغبار وأوراق الشجر والرمل، وطيّرت شعر الأولاد في الهواء. وبدأ مجدي وسعدي ورهام يصرخون، لأن الرمل والغبار دخل إلى عيونهم، ولم يستطيعوا الرؤية، ولم يهتدوا كيف يعودون إلى الصف.
أما رازي الذي كان يلبس النظارة فلم يدخل الغبار والرمل إلى عينيه، ولم يتأثر من العاصفة.
نظر إلى أصدقائه وهم يتألمون من العاصفة، وفكر قليلا، ثم أمسكهم من أيديهم، وأخذهم إلى غرفة الصف.
عندما وصلوا إلى الصف سألتهم المعلمة: لماذا يمسكون بيدي رازي؟
أخبروها بأن عاصفة مخيفة هبت في الخارج، وحملت الأوساخ والغبار والرمل إلى عيونهم، فقام رازي بمساعدتهم على الفور.
طلب مجدي وسعدي ورهام من المعلمة أن يشكروا رازي على ما فعله من أجلهم، وعلى المساعدة التي قدمها لهم، ووعدوها بأن لا يسخروا من رازي أبدًا.
وعرف رازي عندها لماذا قال له أخصائي النظر " إن هذه النظارة هي نظارة عجيبة".
رازي والنظارة العجيبة
بقلم: نادر أبو تامر
للمراسلة: نادر أبو تامر [email protected]