التراث الدرزي، التربية التوحيدية، التوعية الروحية، والآداب الدينية

بقلم : الشيخ الدكتور فايز عزام - عسفيا,
تاريخ النشر 26/02/2012 - 10:24:08 pm

هل هي اسم لمسمى واحد؟ او تسميات لمسميات مختلفة؟ وما الفرق بينها؟
نشكر فضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية والشيخ الاستاذ مهنا فارس المسؤول عن القسم الدرزي في وزارة المعارف والشيخ الاستاذ يعقوب سلامة مدير دائرة الاقليات في وزارة الشؤون الدينية، لما يقومون به من نشر وترسيخ التربية الدينية كل منهم في مجاله: ان كان في المدارس او في اللقاءات الدورية لطلاب المدارس او في الدورات الصيفية  في مقام سيدنا شعيب عليه أفضل سلام.
انه عمل يسد حاجة ماسة عند النشء الجديد، في التعرف على مبادئ عقيدته وإيمانه وتمسكه بقيمه الروحية والأخلاقية.
ولكني اقول ويجب ان يعترف الجميع، انه لولا ادخال موضوع التراث الدرزي الى المدارس منذ سنة 1976 والذي لقي معارضة من رجال الدين في حينه. ولولا وقفة القائمين على موضوع التراث بايمان وعزم وثقة، ضد كل المعارَضات والمعارضين. لا نقول هذا تفاخرًا، بل للحقيقة والتاريخ. لولا موضوع التراث ولولا العاملين فيه وعليه، لما كان اليوم هذا الاقبال المبارك على التربية التوحيدية وعلى هذه النهضة الروحية التي نشهدها اليوم.
عارض رجال الدين في حينه موضوع التراث الدرزي خشية ان يتطور الى دروس في الدين. ولانهم لم يستوعبوا التطورات التي أوجبت الحاجة الى هذه التوعية التوحيدية. ولانهم لم يتصوروا التغيرات التي تطرأ على المجتمع  الدرزي. ولأنَّ بعضهم  آمن ان الدين كالشمس، من لا يراه فهو اعمى. ولم يدركوا ان الشمس قد تحجبها الغيوم عن عيون المبصرين. وان العيون قد يصيبها رمد فيغشى على بصرها. ولأنهم اعتقدوا أنَّ "علي بنفسي" ولن يفهموا ان المجتمع كالسفينة ان غرقت غرقوا معها.  ونسوا واجب الهداية، وان "من هدى نفسا احياها" .
واليوم رجال الدين - لشدة سرورنا - أصبحوا يلحُّون في تدريس التربية التوحيدية في المدارس، معتبرين أنَّ التراث الدرزي لا يجيب كفاية عن المتطلبات الروحية والتساؤلات العقائدية عند الطلاب. وهذا تطور مهم وصحيح ومبارك.
ولكن، ما الفرق بين التربية التوحيدية والتراث الدرزي؟
أو لماذا لا يصبح التراث الدرزي والتربية التوحيدية واحد؟
يقول البعض :
1- ان معلمي التراث غير متصلين بالدين.
والحل: ان يتوجه فضيلة الشيخ موفق الى المسؤولين في قسم التربية الدرزية بان يكون معلم ومعلمة التراث متصلين بالدين. مع العلم أن في مدارسنا كثيرًا من المتصلين بالدين. ويمكن تأهيلهم في دورات روحية على غرار الدورات او اللقاءات التي تقام للطلاب او للمأذونين، ان كانوا بحاجة لذلك.
2- ان مادة التراث لا تجيب على الحاجة الدينية.
الحل: ان يزاد على مادة التراث المعلومات التي تجيب على الحاجات الدينية، ويصير الكتاب واحدا، بعد ان يصير المعلم واحدا.
3- لا يجوز اصدار كتب تتضمن تلك المعلومات الدينية التي يجدر أن يتعلمها الطلاب.
والجواب: ان ما يجب ان يعرفه آلاف الطلاب في آداب الدين وقواعد الدين ومبادئ الدين، لا يجدر ولا يمكن أن يكون سرًّا. وان الطالب الذي يؤتمن لا على هذه الأقوال والأحاديث، جدير بأن يؤتمن على كتاب وكراس.
ثم ان المحاضرة أو الدروة أو اللقاء مهما كان مثمرًا، فإنَّ وقعه عابر. وإنَّ الله قد خلق الكتابة والكتاب، لاننا بحاجة لهما في الدين أيضًا. وإلا ما وجدت الكتب الدينية، وظل الدين شفهيًّا. 
لذا أنا اقترح ان تلك المحاضرات والأقوال التي تلقى على مسمع الطلاب في اللقاءات ومحاضرات ومجالس الوعظ يمكن ان تكتب وتنشر، لمن هو اهل لها، لأنَّ فائدتها تعم وترسخ وتصبح أبعد أثرًا وأطول زمنا.
الا ان يكون في استمرار الوضع الراهن مصلحة لمن هو مستفيد منها.  
ويجب الحذر ان لا يكون تهذيبنا الديني تهذيبا تعصبيا وانغلاقيا وألا  نربي على التزمت والتمسك بالقشور. بل يجب ان يكون تعليمنا نحو الانفتاح والعقلانية وتوسيع الافق واثارة التساؤل والتشجيع على الاطلاع والتعمق والفهم والادراك.
ليس الدين كما يظن البعض، هو ايمان اعمى، بل هو ايمان عاقل مبني على الفكر والمنطق، وليس من امن وبس، كمن امن بعد فكر ودرس وعلم.
وليس صدفة ان رجل الدين الدرزي يسمى عاقلا، وشيخ الدروز يسمّى شيخ العقل، وإمامهم يسمى العقل. اليس في هذا عبرة.
وكلامي لا يقتصر على الطلاب، بل ينطبق ايضا على المجتمع عامة.
ان الحاجة ماسة لنشر الوعي التوحيدي بين الشباب والمثقفين وغير المتصلين. ذلك لن يتأتى بلقاءات وعظ يدعى اليها، فلا تلقى اجابة كافية. فيقال ان الشباب او المثففين لا يأتون وهم غير مهتمين أو راغبين. فقد تكون العلة في تسويق البضاعة لا في المدعوين .
فهناك بالإضافة إلى هذه المحاضرات وحلقات الوعظ المهمَّة - مع الشكر للقائمين والوعاظ - وسيلة انجع واشد وقعا في المجمتع المثقف القارئ. وهي الكتابة والتاليف والنشر وتشجيع الناس على القراءة واثارة النقاش الروحي والحوار العقلاني والاطلاع على كنوز المعرفة التوحيدية.
وقد اخذت على نفسي المساهمة والمبادرة في هذا الباب، وهو نشر كتاب المؤلفات الروحية ومؤلفوها وتحقيق كتاب عمدة العارفين "المؤلف" للشيخ الاشرفاني رضي الله عنه، آملا أن يكون عملي خطوة في خدمة الوعي والمعرفة والعلم والمجتمع.
فكما ان تدريس موضوع التراث الدرزي كان ثورة، قوبلت بالمعارضة ثم قبلت وتطورت وتعمقت وازدادت، اثق ان عملي هذا سيلقى نفس المصير ان شاء الله وبه التوفيق. 
واما من يظن ان الجنة ضيقة ويريدها لنفسه فقط، او ان الوصول اليها بالتعصب والتزمت، فليعلم ان الله يحب اليسر لا العسر، ويحب الخير للناس جميعا. وان الله امر العالم ان يعلم، والمفيد ان يفيد، والعارف أن ينشر معرفته باللين والمحبة والكلمة الحسنة الشفوية والمكتوبة. 

مع تحيات
أبو شعيب

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.شب درزي(( فقد تكون العلة في تسويق البضاعة لا في المدعوين .)) تحياتي لك على هذا المقال الرائع وأرى بك داعي اصلاح وتحديث وبعيد عن التعصب والانغلاق والتمسك بالنص بشكل حرفي والذي بدوره يؤدي بنا لتصادم مع الواقع. للاسف عزيزي الكاتب اليوم عبادة النصوص والحروف تسيطر على التيار الديني والذي يدفع الثمن هو هذا المجتمع المسكين. يجعل الفرد في حال نزاع بين احترامه وتقديسه لدين وبين قرارات المتخلفين فكريا التي تجعله يصتدم مع الواقع. وكل هذا ينبع من عبادة النص والحرف فقدوا هؤلاء المتعصبين الانسانيه والرحمه مع انهم دعاة الرحمان اصبحت تصرفاتهم تثير الشك بأهدافهم التي من الواضح انها تسعى لشهره والجاه والاعجاب وجمع الجماهير حولهم واستمتاعهم بكلمات الثناء والمدح من جمهور سطحي غبي لا ينظر الا لامتار امامه ليس الاعتراض على الثناء لكن يكون لشخص يستحق ذلك الدين المسيحي كان سبب دخول الاوروبين العصور المظلمه والتي تسمى الوسطى ونبذهم لفلسفة الاغريق مما دفع الكثير من ابنائهم ثمن طغيان الكنيسه وقرارات القساوسه التي تبداء من حرق المهرطق الى تعذيبه وقطع رأسه وهذا بسبب التعصب لان النص قابل لتأويل وممكن لكل شخص ان يفسره وفق اهدافه ويقود المجتمع الى التخلف واستغلال عاطفة العامه التي تقدس الدين وكذلك الدين الاسلامي بسبب عبادة النص . رجاله من اكثر الدعاة شراسه ومعاده للانسانيه وانتج مجموعات ارهابيه قتلت الالف وعذبت الكثير من البشر ومن ضمنهم المسلمين انفسهم فكم من شاب مسلم تم شنقه في ايران لانه خالف الشريعه وكم من امراءه مسلمه تم قتلها لا بل رجمها بالحجاره لانها نزعة النقاب وكم من محتاج تم قطع يده في السعوديه على يد شيوخه حتى المؤسسه الدينيه هناك تدفع لموظف يسمى السياف ليقيم الشريعه بقطع رأس ويد المخالفين لنص الدين ولاوامر شيوخهم الذين يتنعمون بقصور ال سعود ويغسلون دماغ الناس بالفكر الوهابي السلفي وماذا كانت وصية بن لادن الارهابي الاول وامبراطور التعصب والعنصريه لاولاده قبل مقتله- اذهبوا لدراسه في اوروبا لا تغرقوا بالتعصب تعلموا وتخرجوا واحملوا الشهادات . من قال هذا الكلام بن لادن ذاته قبل مقتله لانه ادرك قذارت التعصب والعنصريه والجهل وادرك انه مجرد ضحية التخلف. والى اين يدعوهم الذهاب ؟؟الى اوروبا التي كان عدوها الاول ويعتبرها ارض الكفر والشيطان كانوا دعاة الاصلاح الديني لدى جميع الطوائف يدعون الى التمسك بالمنطق ونبذ عبادة النص والحرف اليوم للاسف نشهد ان طائفتنا تبرع بعبادة النص والتزمة وعدم الجدال والنقاش معنا نحن الشباب ابناء الطائفه والجيل القادم أليس من حقنا ان نرفض جزء من تراثنا والذي يجعلنا نصتدم مع الواقع وأليس من حقنا ان نرفض قرارات دينيه تهدد حياتنا الاجتماعيه أليس علينا تحديد الادوار . منذ متى رجل الدين اصبح يقرر قرارات اجتماعيه ويقرر المناسبات الاجتماعيه وتقاليدها وللاسف المعظم يعتبر التراث هو الدين وهذا خطاء فادح التراث ليس دين بل رجال الدين سيطروا عليه وقاموا بتعريبه والدليل الموسيقى الشعبيه جزء من التراث لكن وفق الدين حرام وهذا تصادم بين التراث والدين يعني عدنا الى نقطة البدايه والى الصفر ليس غريب ان يشغل بالنا الدين ورجاله لاننا نعد طائفه دينيه و10% من رجالها متدينيين والشعرات الدينيه هي التي تسيطر على العامه من الناس واي قائد اجتماعي علماني يعجز عن قيادة المجتمع بدون دعم رجال الدين وغطائهم وموافقتهم من كمال جنبلاط الى اعضاء الكنيست لكن يبقى الضحيه هم نحن الشباب الذين ننتظر الارث الذي سنرثه مستقبلا منهم يعني بإختصار التحديث والاصلاح والتغيير والعقلنه والعصرنه لدين هو السبيل لاندماج وتقدم الطائفه لكن عزيزي الكاتب ماذا تتوقع وانت رجل دين وتعلم جيدا ان- 1.احد الشيوخ خلال الندوه قال الديموقراطيه نظام فاسد 2.احد الشيوخ لديه تسجيل صوتي يقول العلمانيه كفر 3.احد الشيوخ يكتب على المواقع ان العلمانيه والليبراليه افكار شيطانيه صناعه ماسونيه. وغيرهم الكثيرين من الاغبياء الذين يمتزج فراغهم العقلي بالغيبيات والتخلف والجهل المعرفي لهذه المصطلحات ولا يكلفون انفسهم في البحث عن معناها بل مصابين بفوبيا العلمانيه والليبراليه بل حتى كلمة الحداثه تثير إشمئزازهم يريدون لهذه الطائفه ان تبقى في العصور الوسطى تحت نظام الاقطاعيه والتوريث لكن عيب . عيب على من يدعي انه داعي للرحمان ان يكون مؤيد للاقطاعيه والتوريث وتقديس العائله ويقوده سعيد نفاع للمحاكم وتقبيل حذاء هذا وذاك من الانبياء المعاصرين اي هؤلاء الذين يشعرون بأنهم رسل الله على الارض وانهم ينطقون بالنبوه ومن وحي غائب للاسف مع صغر سني اكتشفت الكثير ويثير قلقي ما سأكتشفه مستقبلا واخشى بيوم من الايام ان أشعر بالغربه والوحده بين اهلي . بسبب زوال اقنعت هذه الشخصيات وأصاب بخيبت أمل وإحباط من اشخاص كنت اعتبرهم عقلاء. اخشى ان تنهار بلحظه كل المبادئ والقيم التي تربية عليها تحياتي ...27/02/2012 - 12:36:08 am
2.לא משנהشكرا لك فضيله الشيخ الدكتور فايز عزام ... نعم هذا واقع الحياه و للاسف و لكن نأمل دائما نحو الافضل بعون الله تعالى !27/02/2012 - 08:54:31 am
3.ואחדפלמדארס אלאסלאם בתתעלם דין ולמסיחיה בתעלמו דין אמא אלדרוז בתעלמו אשיאא הבל אשי פש אלו עלאק'ה מע אלתוראת' או מע אלין אחנא מנטאלב אלשייך מהנא פארס פי אלתע'ייר חתא יק'ל אלג'הל מת'לאן אדכאל ק'סס ללאנביה או תעלים ען ק'סס רג'אל דין סאלחין מש האד'א אלאשי אלאסא בתעלמו לא קשור בכלל ללתוראת'27/02/2012 - 05:20:10 pm
4.لينا عثمانسلمت يداك دكتور، وجزاك الله كلّ الخير.. "فقد تكون العلة في تسويق البضاعة لا في المدعوين." أعتقد أنّها الجملة الّتي تختصر ما نواجهه اليوم من ابتعاد ونفور شبابنا من دينهم، ليس الدّين في ذاته، إنّما من ذلك الإطار الّذي وُضع فيه. إنّ العادات والتّقاليد، الدّينيّة منها والاجتماعيّة، إنّما جُعلت لكي تكون تطبيقًا لما جاء في الكتاب، ونهجًا إنسانيًّا راقيًا، يقرّب العبد من ربّه والرّبّ من عبده. واليوم، صارت تلك العادات والتّقاليد سببًا أساسيًّا وقويًّا لفعل ما لا يليق بنصّ الكتاب، ليس قصدًا، إنّما جهلاً وتقصيرًا. فمن قال إنّ المعرفة حقّ وواجب على بعضهم دون الآخرين؟ ألا يكون الإيمان عن معرفة واقتناع بالضّرورة؟ فكيف يؤمن الإنسان إذًا ما لم يعلم ويقتنع بما يعلمه؟ جميعنا بشر، نحيا في ظلّ سماء واحدة، ونعبد الواحد الأحد. فما يحقّ لبشر منّا يحقّ بالضّرورة لغيره، لأنّنا متساوون فيما رزقنا الله ومنّ به علينا. فهل لنا أن نفرّق نحن ما ساوانا الله به؟ على المعرفة أن تُنشر، وعلى العلم أن يُباح، فلا طريق إلى الإيمان الخالص إلّا بهما، ولا سبيل إلى الخير إلّا باجتماعهما في عقل الموحّد، قلبه وروحه. فنعم لتدريس التّراث، ونعم لتلقين التّربية التّوحيديّة فغرسها في نفوس الصّغار قبل الكبار، ونعم لنهضة جديدة تُذهب الغشاوة عن البصيرة وتكشف سرّ الوجود وجمال خالقه.11/03/2012 - 12:35:46 am

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 2440
//echo 111; ?>