بدعوة من الهيئة الدّينيَّة ومجلس البقيعة المحلّي انطلقت عصر الجُمعة تظاهرة احتجاجيَّة على استشراء العنف، رُفِعت خلالها الشعارات المؤكِّدة على وحدة أهالي البقيعة والمندِّدة بالعنف، تقدَّمها رجال الدّين ومختلف الشخصيّات الرَّسميَّة والشعبيَّة، شقّوا طريقهم نحو ساحة العين، حيث عقد اجتماع خطابي تولّى عرافته وقدّم له الشيخ فؤاد سويد، مؤكِّدًا على أهمِّيَّة وحدة الصَّف لجميع أهالي البقيعة وضرورة التَّكاتف والتَّعاضد والتَّصدّي للعنف بمختلف مظاهره بما فيها آفة المخدرات، منوِّهًا إلى دور الأمَّهات وكل أولياء الأمور بتهذيب أولادهم على القيم والأخلاق العالية ورعاية تطلُّعاتهم وأعمالهم، مشدِّدًا على أنَّ الواجب الأخلاقي والدّيني يتطلّب التَّصدّي لمثل تلك الأعمال والمظاهر والمحافظة على أن تبقَ على العهد، لا يسكت اهلها على ظلم أو ظلام يهدّد وينكّد عيش مواطنيها.
ثم تكلَّم رئيس المجلس نصرالله خير منوِّهًا إلى أنَّ مظاهر العنف وما يلازمها من فقدان الأهل لسيطرتهم على أبنائهم بالشَّكل المطلوب، داعيًا إلى معالجة الأمر من كلّ جوانبه وأهميَّة الابتعاد عن العنف شاكرًا كلَّ من ساهم ويساهم في التَّصدّي لهذه الظاهرة المُقلقة.
تلاه مازن سويد رئيس لجنة المعارف في المجلس المحلي فتساءل إلى أيِّ منزلق قد تصل البقيعة إذا استمرَّ الصَّمت على ما تشهده من عنف وآفة مخدّرات والابتعاد عن القيم والتقاليد العريقة التي تمتَّعت بها البقيعة على مرِّ الزَّمن، وما كانت تشهده البقيعة من ندوات ثقافيَّة وأيّام عمل تطوعيَّة وما يسود المدارس من ألفة.
من جانبه الكاهن أنطون عجينة قال : "إنَّ الناس إجمالًا يدعون ويرنون إلى المحبَّة والسَّلام يحتفون بمآثرهم وأعيادهم كعيد الأم مثلا وهذا العيد يأخذنا لنؤكِّد أنَّ البقيعة هي أم لجميعنا وبمثل هذا الكلام لا نعني به القرية كحجر وإنما كبشر، تلقي علينا أن نكون جسمًا واحدًا، فالجسم إذا تألم أحد أعضائه يتألم معه كل الجسم. ونحن بمثل هذه التظاهرة نبحث عن العلاج قبلا ان يتفشى المرض في كل الجسم". وانهى قدسه داعيًا إلى المزيد من التآخي والتَّعاضد لما فيه مصلحة مستقبل البقيعة بجميع أهاليها.
سميح زين الدين ناب عن المدارس وبعض الهيئات المشاركة في التَّظاهرة مثل دوريَّة الاهالي وجمعية "لحن" التطوعيَّة مؤكِّدًا أنَّ الجيّدين في المجتمع هم الأغلبيَّة، وان الجميع يشهدون للبقيعة بكرم الاخلاق ووعي اهاليها مضيفا أنَّ عدد الجامعيّين في البقيعة 197 طالبًا وطالبة وعدد من يحملون الشهادات الأكاديمية 560 شخصًا أضف إلى ذلك أنَّ نسبة البطالة منخفضة جدا 54 عاطلًا عن العمل ومع هذا بإيجابيّته يقابله عنف يتطلب أن نكافحه بكل الطرق والإمكانيات في البيت والمدرسة وكل مكان.
أمّا مفيد مهنا فبعد أن أكَّد أنَّ الخطر ما زال يهدِّد أراضي وبيوت البقيعة وكون المؤسَّسات الحاكمة تريد لأهالي البقيعة أن يلتهوا ببعضهم جرّاء مظاهر العنف وغيره من آفات لتنقض على قريتهم بغية تركيع أهاليها ومن ثمَّ تهويدها. وأضاف: " لا يسعنا بمثل هذا السِّياق إلّا أن نوجِّه إصبع الاتِّهام نحو الشُّرطة جرّاء تقاعسها وعدم مبالاتها بما تشهده البقيعة من مظاهر وظواهر عنف وزعرنات. وكأن لسان حال هذه الشرطة يقول: "بطيخ يكسّر بعضه".. مؤكِّدًا أنَّ الشُّرطة، هي المسؤولة عن أمن المواطنين وحمايتهم. ودورنا في هذا المجال هو ثقافيّ اجتماعيّ تربويّ وأهالي البقيعة لا يريدون من هذه الشُّرطة أن تبحث عن مخالف بوضع حزام الأمان في السَّيّارات، بل يريدوها أن تتصدّى لظاهرة حرق السّيّارات والمكاتب العامَّة، ويطالبونها بأن تكافح بكل معنى الكلمة والفعل آفة المخدرات، ولجم الاعتداءات على المدارس، والتصدّي لتخريب الممتلكات، وقلع ظاهرة تسيّب السِّلاح وإطلاق الرَّصاص وإلقاء المتفجِّرات على البيوت. وإذا كان الأمر غير ذلك فلتثبته الشُّرطة على أرض الواقع". ثمَّ اقترح مهنا توجيه برقيَّة إلى وزير الأمن الدّاخلي بصفته المسؤول الأوَّل عن أمن المواطنين وتحميله مسؤوليَّة تقاعس الشُّرطة حيال استشراء العنف الذي أصبحت البقيعة تخشى ما لا تحمد عقباه.
هذا وانتهى المهرجان الخطابيّ بكلمة من الشيخ سلمان خير حيث أكَّد على اهتمام رجال الدّين من أئِمَّة وكهنة وسيّاس وأماكن عبادة بضرورة التصدِّي للعنف. ثم نوَّه خير الى وقوف أهالي البقيعة صفًّا واحدًا ضدَّ الهوائيَّات مجرَّد الاعتقاد بأنَّها إحدى مُسبِّبات مرض السَّرطان، متسائِلًا كيف لا نستطيع منع غرباء يدخلون القرية يروِّجون المخدّرات ويشجّعون على العنف. ونوَّه كذلك إلى أحداث البقيعة عام 2007 مؤكِّدًا أنَّ الوقفة المُشتركة منعت أيَّ اعتداء على القرية. مُنهِيًا بقوله: "أمام هذا وغيره على جميع أهالي البقيعة الوقوف وقفة الرَّجل الواحد لمُتابعة الأمر والتَّصدّي لكلِّ من يُحاول تعكير صفو الأهالي".