هلموا إلى المائدة ..

بقلم : كميل شحادة - الرّامة,
تاريخ النشر 11/04/2012 - 12:56:12 pm

المائدة عامرة وفاخرة ، والشهية مفتوحة ، فأقبلوا ولا تترددوا ،الزاد زادكم والبيت بيتكم وأهلا وسهلا بالجميع .. أما المائدة فهي بعض ألواح ألكترونية لبعض مواقع كريمة . وأما الزاد فهو غذاء عقل وروح ، مما تجود به الحقيقة  من أفكار ومفاهيم ومصطلحات وحكم ومقولات وآيات  ولمعات وإشارات.. وأنتم القراء الأعزاء  الضيوف والمضيفون كذلك .أنتم الطهاة والصفرة والشهية والمتعة واللاشبع  ..أقول هذا منتش ٍ بانتصار الحقيقة  فينا جميعا إن شاء الله .. شكرا " للمرآة " عبدالله ،التي أرسل البدر " الكمالي" لطافته عبرها  من غيب احتجابه ، تحية  للآيبين .. نعم هناك حاجة لمزيد ولمزيد من الحديث عن الحقيقة ، أو الحقائق الأخيرة والعميقة لوجودنا .. ولا بأس بمن يحاول ان يقول ما لديه ولو بشيء من التعثر والتلعثم ، وباسلوب غير متسق وغير منهجي .. كان لدي ما كنت سأقوله عن الحقيقة بطرح يختلف قليلا عما أنا عازم عليه الآن ،لكني آثرت ان أبقى في جو الطرح السابق من الكلمة السابقة ، إذ رأيت من الأوجب والأحوج ان أتابع التوضيح  والكشف لبعض ما ورد ولما دخل لاحقا ،وقد فتح هذا مجالا أمام تداعيات أخرى تخدم المسألة العرفانية التجاوزية  .. سيكون دورها في مجال آخر ان شاء الله .
 في الحقيقة  قضية المعرفة التجاوزية هي تجربة واختبار داخلي ذاتي محض في النهاية ، يتجاوز منطق الكلام ،أي كلام سواء جاء تحت عنوان دين ، فلسفة ،أو حكمة . وعندما أقول ان ديني أعمق وأفضل وأصح من ديانات الآخرين ، فهذه مسألة داخلة في اعتبارات عقائدية  مذهبية واجتماعية ، تقوم على أساس خاص  يمت لجماعتي،  كأصحاب وكأتباع مذهب . في حين تظل هذه الاعتبارات تحت سقف التجربة ، كعلاقة كشف بحقيقة مطلقة – وهنا علينا ان نميّز بين (التوحيد بين كونه مذهب خاص مع خصوصيات تاريخية ،وبين كونه كوني روحاني عرفاني علمي مستقل ومطلق) وتبقى  صحتها أي ، التعاليم الدينية، في مفهومها التجاوزي  متمثلة بمدى دفعها لحصول التجربة والاختبار ،الذي يجب بالضرورة ان يتجاوزها لحصوله . فهي وسيلة ووظيفة مؤقتة ومرحلة في مسار التحقق . لكن حين تتخذ العقيدة والتعاليم الدينية كعنصر تفاخر وتقديس أعمى وأثرة  وثرثرة ،تتحول عن وظيفتها ومهمتها وتصبح كملكية شخصية أناوية ، وعندما يدخل الدين في قالب الأنا – سواء الفردي والجماعي- يصبح  جزء من الأنا الأناني نفسه .. ويصبح القول : " ديني " على وزن ملكي ، سيارتي ، ثيابي، أشيائي ،مقتنياتي ألعابي شخصيتي .. ولأنه – أي ديني- " لي" شخصيًا  فإني أراه أفضل وأجمل وأصح  .إلخ  هكذا بدل ان نرتفع بالدين كإشارات ولطائف توجّهنا نحو حقيقة وجودنا ،بالعكس ننزله إلى مستوانا الأدنى ونبطل وظيفته الحقيقية ،إذ نحوله لمستوى الخطاب الاجتماعي التنافسي السلبي ، كما هو حاصل في عالم السياسة، من عائلية  وجهوية وقبلية وما شابه . طبعا اتحدث هنا عن الدين لا كشريعة ونظام  وقيم ، بل كرموز ومفاتيح للتجربة والاختبار الباطني بالروح . رغم كونه في كل الأحوال  وسيلة وليس غاية ، هو قارب نجاة ننتقل به من ضفة النسبي إلى المطلق ،من عالم التركيب والاضطراب والتموج الصاخب الخطِر ، إلى شاطئ البساطة والصلابة والأمان .
وبهذا نستنتج  ان الحقيقة الأخيرة باعتبارها  المطلق لا يمكن ان يتسع لها دين ، كما لا يمكن حصر السماء في غرفة ، ولا احتكار العلم في مكتبة ،أو حشر النور في زجاجة . فاللامتناهي هو الذي يحوي المتناهي ،لذلك لا نتصل بالمطلق إلا مع اختفائنا وغيابنا عن انفسنا بكل ما نعتقد ونؤمن ،وفي سكوتنا كقطرات ،تتحدث الأمواج الهادرة في المحيط ،رغم كوننا من ماهية واحدة .إذا تحدث شخص لآخر ، لدينا واحد يتكلم وآخر يصغي ،لكن إذا تحدث المطلق الكل يخرس ويموت ،فهو المتكلم وهو السامع فينا وفيما يتعدانا .

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 2440
//echo 111; ?>