أخي العزيز شكيب شنان قرأت ردك الراقي والذي جاء تحت عنوان " حلف الحياة المشتركة" ويا له من شعار رائع، بل يا لها من سعادة تنعكس على حياة البشر فيما لو تحقق هذا الشعار عمليًا، لقد تحدثت في بداية عن نواياك الحسنة اتجاه اهلنا ولكن السؤال: هل ستتيح لك الدولة المجال من تحقيق اهدافك؟ رائع ان تكون متفائلًا وقد أبرزت تفاؤلك وقلت أنه ليست هناك حلول سحرية، وهذا صحيح ولكن الاوضاع المعيشية العامة تنتقل من سيئ إلى اسوأ، فقضية الأرض لا تسير نحو الحل، لا بالطرق السحرية ولا بالطرق الواقعية؟!! تحدثت عن القوانين والنظم المعمول بها في هذه البلاد والجميع يعرف بأنه تم سن الكثير من القوانين العنصرية بهدف السيطرة على اراضي العرب . قلت ان الحلف الذي يجمع طائفتنا مع الدولة يسميه البعض حلف الدم ولكنه حلف الحياة ايضا، وهنا سأقف لأناقشك حول مفهوم "حلف الحياة"..ولا اريد التطرق إلى كل ما جاء في ردك.. فالاضطهاد هناك لا يبرر الاضطهاد هنا، كما اننا يجب ان نتحلى بالثقة والكبرياء ونرفض المقارنة مع دول العالم الثالث، وإذا كان لا بد من المقارنة فيجب أن تكون مع الدول الأوروبية . وعودة إلى (حلف الحياة المشتركة) حلف الحياة المشتركة أخي العزيز شكيب يجب ان يكون فيه التعايش بين طرفين أو أكثر بحيث لا يشعر فيه أي طرف بالقلق من انه سيقع ضحية للاضطهاد أو للملاحقة على املاكه أو مضطرًا أن يتملق من اجل ان يعيش؟!!.. حلف الحياة هو ليس شعار نتغنى به أو نكتبه على الورق، وإنما هو القبول بالتنوع بما يضمن وجود علاقة ايجابية مع الآخر، بحيث يستفيد منها مختلف الأطرف.. حلف الحياة يجب أن يمنحك الإحساس بالثقة والاطمئنان على مستقبلك ومستقبل اولادك. السؤال الذي يُطرح هو: أين نحن في هذه البلاد من موضوع حلف الحياة؟.. واضح أن المؤسسة الحاكمة في هذه البلاد لا ترى في الغير يهود شركاء، وهي لا تريد أن تكون هذه الدولة، دولة لكل مواطنيها وإنما دولة اليهود.. وهي تعترف بذلك بصريح العبارة وعلى هذه القاعدة تتم الممارسة فكيف يكون هناك حلف حياة وتعايش جيد في ظل ذلك؟!! كيف يتساوى حلف الحياة هذا في ظل النوايا المعلنة التي يتبارون في الاعلان عنها، لماذا نحاول نحن التغطية على ما هم يفتخرون به؟!! كيف يكون حلف الحياة في ظل اضطهادنا المبرمج وبطشهم بالحلة والحلال؟!! كيف يتساوى حلف الحياة هذا مع حرف مشاريع الدولة كلها على ما تبقى لنا من أرض في موقع" الجلمة والمنصورة" بعد أن كانت سائرة بشكل مستقيم؟!! كيف يتساوى حلف الحياة هذا مع محاولتهم مبادلتنا ب – خمسة دونمات مقابل بدونم واحد؟!! وهذا ينسحب على جميع قرانا بشكل أو بأخر. كيف يتساوى حلف الحياة هذا مع عدم توسيع مسطحات البناء ومع عدم إقرار خارطة هيكلية?!! كيف يتساوى حلف الحياة هذا مع عدم إيصال بيوت شبابنا بالكهرباء.. هل هناك قن دجاج واحد تابع للتجمعات اليهودية لم يصله الكهرباء؟ كيف يتساوى حلف الحياة مع فرض الغرامات حتى على الجنود الذين عمروا بيوتهم بعد أن أنهوا خدمتهم الاجبارية؟!! كيف يتساوى حلف الحياة هذا مع دفعنا لمخالفة قوانين العمار التي أقرت لخدمة طرف على حساب الطرف الاخر؟ كيف يتساوى حلف الحياة مع زرعهم للقلق في نفوس هؤلاء الجنود خوفا من التهديد بهدم بيوتهم.. والتي عمرت وفقاً لقانون الحق والحياة بعيدًا عن قوانينهم الغير منصفة.. وكأن ما تبقى لنا من أرض هو ليست لأجيالنا القادمة وإنما احتياطي لأجيالهم القادمة ؟!! كيف يتساوى حلف الحياة هذا مع واقعنا التعيس في ظل البطالة المستشرية التي تدفع المجتمع إلى الانهيار والذي لا يراه عميان البصر والبصيرة.. كيف يتساوى حلف الحياة هذا مع منعنا من استعمال أرضنا المتبقية في الزراعة الشجرية وحصرنا بحبكة فنية خبيثة بالزراعة المتواضعة التي تكاد لا تربح.. كيف يتساوى حلف الحياة هذا مع حجز مياه الزراعة التي منحها الله لجميع عباده ومنعوها من الوصول إلينا?!!.. كيف يتساوى حلف الحياة هذا مع عدم إقامة المصانع في قرانا لتضم عدد من العاطلين عن العمل.. كيف يتساوى حلف الحياة المزعوم مع عدم مساواتنا حتى مع بقية أبناء شعبنا من الطوائف العربية حيث إن الشباب المسلمين والشباب المسيحيين يقبلون في الكثير من المصانع في حين إن الشاب الدرزي الذي لم يخدم في الجيش يرفض؟! كيف يتساوى حلف الحياة هذا مع تركنا نتيجة لذلك أفقر شريحة اقتصاديا وثقافيا في البلاد. كيف يتساوى حلف الحياة هذا مع كون كل عشرة مواطنين دروزًا يساون يهوديا واحداً، من حيث الحصول على المستحقات، كما أشار البحث الذي أجراه زلمتهم عضو الكنيست حمد عمار بالاشتراك مع عضو الكنيست سعيد نفاع، هل هناك معطيات صاعقة اكثر من ذلك ؟!! إن مثل حلف الحياة هذا هو بمثابة التعايش بين الفرس والفارس.. وعدم المؤخذة على هذه النموذج القاسي التي يصور الحقيقية القائمة القاتمة.. الذي يصور مدى تناقض ممارساتهم مع حلف الحياة والتعايش الجيد. بين البشر اخي العزيز شكيب تمنيت في نهاية رسالتك أن يعم السلام ربوع المنطقة شكرًا لهذا التمني الإنساني الراقي ولكن يا عزيزي أنت تدرك جيدا بان للسلام مستحقاته التي تتهرب إسرائيل من دفعها ذلك لأنها ترى في السلام خطرًا وجوديًا عليها وذلك تمشيًا مع تنظيرات أبوأتها الأيديولوجيين، وقد أوصى" ثيودورهرتسل" بخلق عدو مشترك للشعب اليهودي لان ذلك من مقومات الاساسية لتكتل الشعب اليهودي وضمان استمرار اسرائيل، كما قال، لذلك كل قائد يجنح للسلام يتم تصفيته أو يدفع بشكل من الاشكال نحو الموت السريري.
إقرأ في هذا السّياق :
