أعادنا اشتراك السيد عزام عزام، في البرنامج التلفزيوني " صراع البقاء - הישרדות "، بعد غياب طويل، إلى أولويات أجهزة الإعلام الإسرائيلي، التي تركز، في تعاملها معنا، على توافه الأمور وعلى الشاذ والنادر، وتتناسى مشاكلنا الحقيقية. فتجاهل هذا الإعلام لقضايانا الملحة الصارخة، وحصرها في إمكانية غسل عزام للملابس الداخلية لفتاة إسرائيلية، هو أمر، بلا شك، مثير للغضب، ويؤدي أيضا لتساؤلات حول إمكانية تخطي هذا الإعلام ووضع قضايانا بشكل أكثر فعال أمام أصحاب القرار.
الأمر الذي يحتم علينا فهم منهجيه هذا الاعلام اتجاهنا، حيث ينعكس من خلال تصنيف لأبطال الشاشة الإسرائيلية من بيننا وفهم أسباب دفع هذه الشخصيات دون غيرها إلى المقدمة.
وهنا يمكننا ملاحظة وجود ثلاث مجموعات أساسية:
تضم المجموعة الأولى عددا من السياسيين، وبالأخص أولئك المنتمون إلى الأحزاب اليمينية. وهذه المجموعة تجذب وتستقطب اهتمام الإعلام الإسرائيلي، بخطابها وتصريحاتها العنصرية ضد العرب، بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص.
أما المجموعة الثانية فتضم بالإضافة إلى أفراد من المجموعة الأولى، بعض الضباط العسكريين، الذين يعلقون دائما على محبة الدروز لدولتهم واستعدادهم التام للتضحية ولتلبية جميع طلباتها وبكل ثمن.
أما المجموعة الثالثة فتضم عددا من الأسماء اللامعة من بيننا، وعادة ما تعرف بلقب "أول" في مجال معين على يد هذا الإعلام. وها نحن بصدد الوزير الأول، النائب الأول، والمفتش الأول، الطيار الاول ,,, كما وتشهد هذة المجموعه في السنوات الأخيرة انضمام فتيات تضم الشرطية الأولى والجندية الأولى وهكذا.
وتدل قراءة عميقة وصريحة لاهتمام هذا الاعلام بهذه الشخصيات وبأدوارها البطولية، هى انها تخدم في البدايه وقبل كل شئ مصالح مؤسسات الدولة داخل المجموعة، وليس العكس.
بخطابها الهجومي تقوي المجموعة الأولى مبدأ التفريق ( Segmentation) بيننا وبين جيراننا العرب في الداخل وفي الدول المجاورة، مما يصعب علينا بناء أي جسر من الوفاق حتى مع الأهل والأقارب في الدول المجاورة. وعلى مستوى المجموعة يرسخ فينا هذا الخطاب شخصية "الدرزي الغاضب" والذي لا يصلح لأي وظيفة لا تستخدم فيها القوة.
أما المجموعة الثانية فبخطابها تقوي مبدأ التعلق والإرتكان الكامل(Dependence) بالدولة ومؤسساتها وخاصة في المجال الاقتصادي إلى درجة الخضوع والتنازل خوفا من فقدان مصادر رزقنا. ويرسخ فينا هذا الخطاب شخصية "الدرزي العاطفي" والذي بدلا أن يتعامل مع الدولة ومؤسساتها بشكل عقلاني، يتعامل معها وكأنها فتاة جميلة، وهو على استعداد بأن يسامحها مرة تلو الأخرى، بالرغم من الخيانة المستمرة من قِبَلها.
تتالق المجموعة الثالثة الأدوار البطولية لأنها تخدم مبدا التعاون التبعي (Co-optation) خاصة وأنه لا يمكن الحصول على هذه الألقاب دون التعامل مع السلطة بأساليب تعود علينا بالضرر.
هذه الأدوار مهمة أيضا لانها تعطينا الشعور بالتقدم في حين لا يستفيد منها سوى افراد ولكن بهذا تخفف الضغط اتجاه المؤسسة وتقصيرها في المجالات المهمة على مستوى المجموعة . الأهم من ذلك فإنها تخدم مبدأ التفرقة (Segmentation) على مستوى المجموعة نفسها لما تخلفه من خلافات داخلية وبالأخص بكل ما يتعلق بموضوع الفتيات وتقبلهن هذه الوظائف.
هنالك العديد من الإمكانيات الواردة والتي يمكننا أن نستعين بها من أجل تخطي الإعلام الرسمي ووضع قضايانا بشكل أكثر فعال. الأولى من بينها هو بناء مؤسسة غير حكومية مستقلة(NGO) على يد شبان وشابات من بيننا مستقلون في تفكيرهم وعملهم ولا ينتمون لاي من المجموعات التي ذكرت أعلاه. مثل هذه المؤسسة يمكنها الحصول على الدعم المادي من اهل الخير داخل المجموعة ومن صناديق عالمية تهتم بأمور تتعلق بأوضاع الأقليات الإثنية وحقوق الإنسان في مجتمعات متعددة الثقافات على مثيل صندوق الإتحاد الأوروبي وغيرها.
الأهم من ذلك بأن مثل هذه المؤسسة ستضع قضايانا الصارخة والملحة أمام أصحاب القرار بشكل صادق وصريح وذلك على غرار الإعلام الرسمي والذي طالما يركز على ملابسنا الداخلية وشخصيات تخدم مؤسسات الدولة بيننا.