المطلوب الآن في شفاعمرو - بقلم وليد ياسين

تاريخ النشر 24/6/2009 20:17

 

المطلوب الآن في شفاعمرو:
زيارات متبادلة بين المسيحيين والدروز والا ستذهب كل جهودالمصالحة سدى!
الاجتماعات الانفرادية تعمق النهج الطائفي ولا تحقق الا مزيدا من حوار الطرشان

الى جانب المساعي المبذولة على المستويات القيادية لتهدئة الاوضاع في شفاعمرو، شهدت المدينة، تحركات جماهيرية واسعة لتهدئة الأوضاع التي خلفتها احداث العنف الاخيرة في المدينة، تمثلت في تظاهرة السبت 20 حزيران، امام دار البلدية لتوزيع بيان مشترك يحث على التسامح ونبذ العنف، ومن قبلها مسيرة المئات التي نظمها رئيس البلدية السابق عرسان ياسين، مساء الخميس 18 حزيران، ومن ثم مسيرة الالف وبضع مئات التي نظمها رئيس البلدية الحالي ناهض خازم، مساء الاحد 21 حزيران. وقد انتهت هاتين المسيرتين في بيوت لأهلنا المسيحيين والدروز، والقيت خلالها كلمات دعت الى التسامح ونبذ العنف والحث على اعادة المياه الى مجاريها في مدينة عاشت بمحبة وتآخي، رغم بعض التوترات العرضية التي تشهدها في المعارك الانتخابية.

هاتان المسيرتان تشكلان بلا شك خطوة هامة وحيوية في مجمل المساعي التي تقوم بها مختلف الجهات، المحلية والقطرية لتسريع زوال الغيمة غير المتوقعة التي داهمت شفاعمرو في اواخر فصل الربيع، غيمة سوداء، حملت السنة الدخان المنبعث من السيارات المحترقة على وقع "انغام" لم تألفها آذان الشفاعمريين، خلفتها اوركسترا تحطيم زجاج ومحتويات عدد من المحال التجارية والبيوت وسيارات عدد كبير من المواطنين. لكنه وعلى الرغم من اهمية هذه المسيرات، وما قيل خلالها من كلمات مؤثرة، أومن انها خرجت من اعماق قلوب الشفاعمريين ومن جاء للتضامن معهم والشد على اياديهم في هذه المحنة، الا انها تبقى خطوة اولى، لنقل انها مقدمة للخطوة الاهم والتي تتمثل في تحقيق المصالحة الكاملة بين أبناء الطائفتين المسيحية والدرزية. والخطوة الاهم، المطلوب بدء العمل لتنفيذها فورا هي تصفية ما تبقى من رواسب في قلوب البعض، من خلال تنظيم زيارات متبادلة بين المسيحيين والدروز، على مستوى القيادات اولا، ومن ثم على المستوى الشعبي، وتعويض كافة المتضررين عن املاكهم التي تم تدميرها خلال اعمال العنف، والا ستبقى كل الزيارات ذكرى جميلة وستذهب كل جهود المصالحة سدى.

ونقول هذا، آخذين في الاعتبار طبعا، اهمية استمرار عمل لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها بلدية شفاعمرو، والتي تضم ممثلين عن مختلف طوائف المدينة وشرائحها الاجتماعية، لتبيان الاسباب التي قادت الى ذلك الشجار بين فئة طائشة، وكيف تحولت الى اعمال عنف طائفي، ومن هي الجهات الخارجية التي تدخلت لاذكاء نار الفتنة وتصعيد اوارها في "الجولة" الثانية من اعمال العنف التي كانت أشد رهابة وكادت تحرق كل الجسور، لو لم يتم صدها ومنع وصولها الى اماكن العبادة.

ولا بد من تأكيد ما قاله رئيس البلدية ناهض خازم، في تصريح ادلى به غداة تشكيل هذه اللجنة، وهو ان المطلوب منها ليس اعداد تقارير وتقديم توصيات، كما عودتنا لجان تقصي الحقائق، وانما البحث عن جذور المشكلة وطرح حلول لها، تكفل زوال هذه الغيمة والى الأبد من سماء شفاعمرو. وقد أشرنا في مقالة سابقة الى امرين هامين يجب على كل شفاعمري محاربتهما في سبيل اعادة اللحمة بين كافة ابناء الطوائف في شفاعمرو، قضية الفصل الطائفي في الجهاز التعليمي، التي عمقت التغرب بين أبناء البلد الواحد، خاصة الجيل الشاب، وهي الشريحة التي انطلقت من صفوفها شرارة العنف الدخيلة على مجتمعنا، وقضية او وباء الطائفية التي تطغى على المعارك الانتخابية المحلية، والتي تساهم في تعميق الفصل بين الطوائف الثلاث، وتجعل شفاعمرو تبدو وكأنها مقسمة الى غيتوات واحزاب طائفية ولا قدرة لها على التلاحم في اطار واحد يجمع ابناء الطوائف الثلاث حول هدف مشترك.

ولا شك ان هناك قضايا اخرى، تساهم في تعميق حدة التغرب بل وفقدان الانتماء الى البلد الواحد، كغياب المخيمات الصيفية المشتركة، والفرصة مؤاتية لتصحيح هذا الاعوجاج الآن بالذات، مع بدء العطلة الصيفية وبدء التحضير للمخيمات الصيفية، وكذلك غياب المراكز الجماهيرية التي تجمع بين شبان الطوائف الثلاث فتقرب القلوب وتنمي على الوحدة في العطاء المشترك والانتماء لشفاعمرو.

ولا بد ستجد لجنة التحقيق مسببات اخرى سيتطلب العمل عليها من اجل تحقيق اهدافها، وارى من المناسب، ومع الاحترام لكل الشخصيات التي تضمها هذه اللجنة، ضم ممثلين عن الشباب والنساء وخبراء الجنوح وعلم النفس الى صفوفها، كي يتم التوصل الى كل مسببات العنف الذي كاد يحرق شفاعمرو.

ليست قضية اسلامية بل شفاعمرية

من هنا، لي رأي في الدعوات المنفردة التي تصدر عن جهات تعتبر ان على المسلمين، الطرف غير الشريك في احداث العنف الاخيرة، الاجتماع على انفراد واتخاد مواقف وتقديم طروحات انفرادية وخطط عمل، وما الى ذلك من شعارات لن تحقق لشفاعمرو ولقضيتها الحالية اي فائدة.

القضية ليست قضية مسلمين او مسيحيين او دروز، كفئات طائفية منفردة، بل هي قضية مسلمين ومسيحيين ودروز كوحدة واحدة، قضية بلد، ولا يمكن لشخص ما ان يبادر ولنزوة خاصة او لغرض في نفسه، ان يبادر الى اجتماع تحت شعار "اعلان موقف والمبادرة الى ترجمته لخطوات عملية". اذ ان مجرد طرح هذا الشعار يعني التوجه الاستعلائي الى طرفي المشكلة واستبعادهما عن الحل، بل ومحاولة فرض حلول عليهما دون اشراكهما في بلورة حل جذري للمشكلة، ومهما كانت القرارات والخطوات التي يمكن لاجتماع كهذا ان يقررها، فانها لن تكون اكثر من شعارات لا يمكن ترجمتها على أرض الواقع، لأن محاولة فرضها، اذا ما اعتقد احد انه يمكنه فرضها، لن يحل المشكلة بل سيعمق جذورها وسيوسع اوار الطائفية.

في دعوته الى اجتماع كهذا يكتب الاستاذ امين عنبتاوي "نحن كطائفة اسلامية تشكل اكثر من نصف البلد، لا يمكننا الوقوف موقف المتفرج او الاكتفاء بجلسة وتصريح ولا بخبر وصورة، ازاء ما يمر به اخواننا وابناء بلدنا وشعبنا، فكلنا في نفس السفينة وواجبنا ايصالها الى بر الامان." وهو في ذلك يحاول تزييف الصورة الحقيقية لما يحدث في شفاعمرو، فلا المسلمين وقفوا حتى الآن موقف المتفرج، ولا المسؤولين في هذا البلد، في البلدية والهيئات الشعبية، اكتفوا بجلسة وتصريح وصورة. ومن يكتب ذلك انما يجافي الحقيقة اولا، لأن المسلمين كانوا شركاء في المساعي المبذولة منذ اللحظة الاولى، لفض الاشتباكات وتهدئة الاوضاع، والمسؤولين وصلوا الليل بالنهار وقطعوا عشرات الكيلومترات ذهابا وايابا بين بيوت اهلنا المسيحيين والدروز، وعرضوا انفسهم للخطر حين وقفوا حاجزا بشريا فاصلا بين الطرفين، حتى حين استخدم السلاح الناري.

اعرف ان امين عنبتاوي تواجد ايضا، كمواطن شفاعمري تهمه مصلحة شفاعمرو التي كان يريد رئاسة بلديتها، في مرحلة ما بين الناس وسعى هو ايضا الى الادلاء بدلوه في موقع ما، لكن التجني على الاخرين والادعاء انهم وقفوا متفرجين واكتفوا بجلسة وصورة، فهذا هراء يشهد عليه كل شفاعمري. وفقط من لم يتواجد مع الناس خلال اللقاءات الطارئة التي انعقدت في البلدية وبيت رئيس البلدية، وبيوت اطراف المشكلة، ومن لم يتواجد في الشارع مشاركا في مسيرات التآخي، ومن لم يشارك في تظاهرة السبت امام دار البلدية، لتوزيع البيان المشترك، وفقط من تابع الاحداث من خلال ما قرأه في الصحف او على شبكة الانترنت، او شاهده في التلفزيون، يمكنه ان يكتب كلاما كهذا. واعتقد ان امين عنبتاوي اوقع نفسه في مطب، فاذا كان قد شارك، فكيف يكتب كلاما كهذا، واذا لم يشارك فهذه مشكلته التي يجب ان يحاسب نفسه عليها. وبالطبع لا يمكن تجاهل عدم مشاركة عنبتاوي في نشاطات شفاعمرية منذ هزيمته في الانتخابات، كون البلدية كانت المبادرة او طرفا فيها، وليس هذا هو الوقت لمقارعة امين واسباب امين، لاننا نريد ان تبقى الانتخابات من خلفنا، وان تبقى شفاعمرو فعلا "اسمى واكبر، اقدس واطهر من ان تؤثر علينا فيه أي خلافات او اختلافات، حسابات او اعتبارات فئوية ضيقة سواء كانت سياسية ،حزبية ،عائلية ، شخصية او انتخابية"، كما يكتب في دعوته للاجتماع الطائفي الذي دعا اليه.

من هنا، اقول، ان اجتماع طائفة ما لمناقشة قضية شفاعمرو، دون اشراك الطوائف الاخرى هو خطوة غير ذات اهمية، ولا حاجة لها، والباب الشفاعمري مفتوحا على مصراعيه لمشاركة كل ابناء المدينة، في المساعي المتواصلة لحل المشكلة باتفاق ووفاق، لا باوامر عليا ومواقف استعلائية لأن الاجتماعات الانفرادية تعمق النهج الطائفي ولا تحقق الا مزيدا من حوار الطرشان.

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 2441
//echo 111; ?>