استضافت مؤسسة محمود درويش للإبداع في كفر ياسيف مساء أمس الثلاثاء 04.09.2012 أمسية أدبية كانت ضيفة الشرف فيها الكاتبة والأديبة والمخرجة السينمائية ليانة بدر، وشاركها في الأمسية الكاتب المقدسي محمود شقير والكاتب محمد علي طه، بينما تولى عرافة الأمسية الكاتب عصام خوري مدير المؤسسة.
وبهذه المناسبة غصت قاعة مؤسسة محمود درويش للإبداع بالجمهور الذي حضر من كافة القرى والمدن العربية لحضور الأمسية الثقافية من مختلف أطياف المجتمع وكذلك شخصيات أدبية محلية من شعراء، أدباء، نقاد وغيرهم. وكان أول المتحدثين مدير عام المؤسسة الكاتب عصام خوري حيث رحب بضيفة الأمسية الكاتبة ليانة بدر وبالكاتبين المتحدثين محمود شقير ومحمد علي طه وبالجمهور الكريم أجمل ترحيب على تلبية الدعوة حيث تلتقي هذه النخبة من أبناء شعبنا الفلسطيني لكي نستمر بالعطاء والتواصل مع مبدعي هذا الشعب في كل مكان، ثم قدم نبذة عن مسيرة ضيفة الأمسية استعرض من خلالها حياتها وسيرتها الأدبية، الفنية والصحفية وعن دور مؤسسة محمود درويش للإبداع في نشر الثقافة الوطنية جاء فيها:
الكاتبة والأديبة الفلسطينية ليانة بدر، ولدت في القدس وانتقلت لاحقاً الى أريحا حيث كان والدها يعمل طبيباً هناك، وفي عام النكسة نزحت مع عائلتها الى الأردن كما العديد من أبناء شعبنا الفلسطيني، ودرست في الجامعة الاردنية كما أكملت دراستها في بيروت بعد خروجها من الأردن في أعقاب أحداث أيلول الأسود عام 1970. عملت كصحافية في بيروت بين الأعوام 1975 – 1982، وعايشت أحداث لبنان المأساوية وما مر به شعبنا الفلسطيني في المخيمات من تل الزعتر إلى صبرا وشاتيلا واقتحام الجيش الإسرائيلي لبيروت ومن ثم النزوح إلى دمشق ومن هناك إلى تونس والعودة إثر اتفاقية أوسلو مع زوجها المناضل العريق أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية السيد ياسر عبد ربه إلى رام الله. قامت بدر بإخراج أول فيلم سينمائي عن الشاعرة فدوى طوقان في العام 1999، ومن أهم رواياتها: "بوصلة من أجل عباد الشمس"، "عين المرآة" و"نجوم أريحا"في العام 1993.كما صدرلها عدة مجموعات قصصية على سبيل المثال "قصص الحب والمطاردة، شرفة على الفاكهاني، أنا أريد النهار، وجحيم ذهني في العام 1992، كما كتبت قصصاً عديدة للأطفال.
الكاتب محمد علي طه الذي قدم محاضرة عن مختلف الجوانب الأدبية والفكرية والإبداعية وقام بسرد ونقد عدة قصص للكاتبة بإسهاب شديد، استهل مداخلته قائلا بأنه سيضيف ما اختصره عريف الأمسية بأن الأديبة ليانة بدر نشأت في بيت ثوري فوالدها عبد الرحيم بدر كان طبيباً يسارياً وكاتباً ورجلاً علمانياً دخل السجن ولوحق وأمها شيوعية نشطت بمختلف المجالات الحياتية والسياسية، وأن الكاتبة بدر طرقت مختلف نواحي الإبداع ولها العديد من الإصدارات في القصة والرواية والشعر والفن السينمائي.. ولكنه ـ أي طه ـ سيركز في مداخلته على ثلاث قصص قصيرة لبدر وهي: أرض من حجر وزعتر، سماء واحدة وبيت الغريبة، واضاف طه: وجدت هذه القصص دقيقة الوصل وتتطرق بها الكاتبة الى حياة الفلسطينيين خاصة في المنفى وبعد العودة الى رام الله مع العلم أن بدر كتبت في دمشق وبيروت ورام الله والقارئ يلاحظ بأنها تتعاطف مع الأطفال كأنهم جزء منها، كما أنه يميز بعض كتاباتها "الرموز" بالإضافة لمزج الكاتبة بين الفصحى والعامية في قصصها. كما تطرق طه الى العديد مما يلفت النظر في القصص الثلاث من حيث الشكل والمضمون.
الكاتب محمود شقير الذي لم يفصل منذ عقود أربعة بين الكتابة الأدبية الأبداعية وأخلاقية الثقافة، وقد انتمى شقير منذ بداياته إلى النسق الأدبي الفلسطيني الذي رأى في الثقافة الديموقراطية نهجاً في النهوض والمقاومة. شقير حاز على جائزة محمود درويش للثقافة في العام الماضي .
قدم الكاتب محمود شقير ورقة نقدية وقراءة مستفيضة عنوانها "ليانة بدر والحوار المتصل بين الكلمات والصور" أكد فيها حضور ليانة بدر المتميز منذ نشأتها الأولى مهتمة بالأدب وبالموسيقى وبالسينما حيث توالت كتاباتها في القصة القصيرة في الرواية وفي المقالة الأدبية والسياسية وقصص الأطفال والنصوص الشعرية بحيث ظل الهم العام شغلها الشاغل دون أن تغادر همها الخاص بل إنها استطاعت أن تمزج الهمين معاً بطريقة مقنعة يغيب منها الشعار المباشر ويحضر الحس الإنساني المرهف والرؤية الفكرية الصائبة.
وقد تحدثت ضيفتنا بدر عن تجربتها الأدبية والفنية في حياة المخيمات اللبنانية، خاصة في مخيم شاتيلا حيث عملت هناك وعاشت لسنوات، وعايشت القتل والدمار والتشرد وحالات المعاناة في الحواجز بين بيروت الشرقية والغربية في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي. وقد برز تأثرها من خلال رواياتها عن تلك الحقبة الصعبة من تاريخ شعبنا الفلسطيني. وأسهبت بدر بالحديث عن مأساة الفلسطينيين وخاصة في تل الزعتر وجريمة صبرا وشاتيلا التي شارك فيها حزب الكتائب والجيش الإسرائيلي. وتابعت: "تجربتنا في لبنان علمتنا درساً كبيراً، وهو ألا نثق بالانظمة العربية التي عملت على أرض الواقع من أجل تفتيت وقتل أبناء شعبنا، والمستقبل هم الشعوب ولو أخطؤا".
واختتمت بدر بالتفاصيل توثيق ما جرى للشعب الفلسطيني من خلال بحثها وسماع شهادات حية وخاصةً الإعدامات في الساحات العامة للمئات من سكان المخيمات من قبل أحزاب ومليشيات لبنانية: واختتمت قائلة: "بعد النزوح من بيروت إلى تونس كان البعض يظن أننا نعيش في (مهد عيسى)، لكنني اقول أن الشتات جحيم حتى لو كان أرقى وأعظم الدول حضارة".
وفي نهاية الأمسية فتح المجال أمام الحضور لتوجيه أسئلتهم وتقديم مداخلاتهم.