ازداد في الآونة الأخيرة رواج المشروبات المُنشطة أو ما تدعى باللغة الدارجة : مشروبات الطاقة ، وتناولها بكميات كبيرة وشبه يومية ، والذي أصبح شبه موضة بين الشباب والصبايا . ومن منطلق الغيرة على مجتمعي وبلدي وصحتهم , وخاصة صحة اطفالنا وأولادنا , جعل من الضروري تسليط الضوء على هذه المشروبات وتوضيح الأضرار المحدقة بتناولها والاعتياد عليها وما يمكن أن تسببه من عواقب صحية متعددة .
في متناول اليد العديد من مشروبات الطاقة المشترك بينها بانها تحتوي على المواد ذاتها بتركيزات متغايرة مما يؤدي الى فروق معينة في الطعم غير ان اضرارها متشابهة وفوائدها منعدمة .
وفي بادئ الأمر علي ان احذر من خلطها مع الخمرة أو تناولها مع الأدوية أو المخدرات التي تجعل عواقبها فتاكة وقد تؤدي الى الموت .
واكثر ما يحز في نفسي باني ارى اولادنا الصغار يشربون المشروبات المنشطة (خاصة في المناسبات) واحيانا يتناولونها بكميات مفرطة امام اعين اهاليهم, وحتى بتشجيع منهم , مع العلم بوجود تحذير على العبوة الذي يمنع الاولاد عن شربها ( وكذلك الامر للذين يعانون من مرض السكري والنساء الحوامل ) ويؤكد مضراتها لصحتهم , وفي الوقت ذاته يمنعونهم عن شرب القهوة , مع أن خطورتها أقل بكثير, ويستطيعون السيطرة عليهم بذلك .
هذه المشروبات تحتوي على مواد عديدة ولكن تأثيرها المنشط والسلبي يرتكز على ثلاث مواد بشكل أساسي وهي :
1. الكمية الكبيرة من السكر ( وخاصة سكر الفركتوز) :
لقد كان الاعتقاد السائد حتى وقت قريب أن تناول السكريات بكميات مهما كانت كبيرة عند الشخص السليم لا يؤدي إلى زيادة احتمال إصابته بالسكري، لكن هذه النظرة تغيرت وأصبح من المؤكد الآن أن تناول السكريات بكميات كبيرة وخاصة السكريات المصنعة ودون توازن مع أنواع الأغذية الأخرى هي من أهم أسباب داء السكري عند البالغين (النمط الثاني)،لأن كثرة السكريات ترهق البنكرياس وتزيد من حاجة الجسم لإفراز الأنسولين وبالتالي زيادة السمنة والتي هي بدورها سبب مهم ومثبت لداء السكري .
وبالإضافة الى ذلك اكدت آخر الدراسات العلمية والمنشورة بأهم المجلات الطبية العالمية أن تناول سكر الفركتوز يعتبر سببا أساسيا من أسباب ارتفاع ضغط الدم وبالتالي كل هذه التأثيرات سواء أكانت السمنة أم السكري أم ارتفاع الضغط تؤدي بالنهاية لإصابة الكلية وتأثرها بدرجات مختلفة تصل إلى حد الفشل الكلوي .
2. المكون الثاني لمشروبات الطاقة هو الكافيين :
من المعروف أن الكافيين لا يضيف شيئا الى الجسم انما يحرض الخلايا على اطلاق مخزونها من الطاقة بوتيرة أسرع من الحالة العادية , لذلك يشعر الانسان بعد تناول الكافيين بالنشاط والصحو ولكن هذا على حساب المخزون من الطاقة ، ولذلك يدعى الكافيين بالغذاء الانتهازي، أي أنه المرء يشعر بالنشاط بالوقت الذي يخسر بواقع الأمر من احتياطي الطاقة لديه، لهذا السبب فإن تناول كمية كبيرة من الكافيين كما هي الحال في مشروبات الطاقة يؤدي لنفاذ الإحتياطي من الطاقة في الجسم وبعد الشعور الخادع بالنشاط يصاب الشخص بالوهن والإحباط ومع الاستمرار بتناول هذه المواد يصبح العجز واضحا ويمتد لكافة أعضاء الجسم وخاصة القلب والعضلات والكبد والكليتين، هذا إضافة إلى أن الكافيين بكميات كبيرة يؤدي إلى الإعتياد أو حتى إلى الإدمان إذ أن الإنقطاع عنه بعد فترة من استخدامه المفرط يؤدي لظهور ما يسمى بأعراض االحرمان وتتمثل باضطراب في المزاج ( يعلو وينخفض على فترات متقاربة ) , العصبية المفرطة , العنف الزائد الكلامي والبدني , الشعور بآلام في العضلات واعضاء اخرى في الجسم .
3. مادة هيدروكسي بتيوريك أسيد :
أخطر ما في الأمر أن بعض مشروبات الطاقة تلك تحتوي على مادة تسمى (هيدروكسي بتيوريك أسيد) على أساس انها مادة بانية للجسم والعضلات وقد ثبت أن هذه المادة وخاصة إن كانت بكميات أو بتركيز زائد تسبب تأثيرات ضارة بل خطيرة على الجسم ومنها اضطراب عضلة القلب والفشل الكلوي واضطرابات هرمونية هامة، وقد تصل إلى حالة تسمم حقيقية .
لكل ما سبق من المهم جدا التنبيه على ضرر المشروبات المنشطة أو مايدعى بمشروبات الطاقة وعدم ترك الأمر مفتوحا لإعلانات التسويق لهذه المواد وامل بفرض رقابة صحية دقيقة عليها ودراسة مكوناتها بدقة وتركيز على كل مادة فيها وعلى كل الأحوال يبقى الإبتعاد عنها وعن كل العصائر المصنعة لما فيها من مواد حافظة ومنكهات، أمرا صحيا وتصرفا حكيما .
روحي خليل – المغار
الصّورة للتّوضيح !