أصدر النائب سعيد نفاع بيانا بآلاف النسخ يُوزع هذه الأيام على صناديق بريد البيوت العربيّة الدرزية في كامل القرى، وذلك على خلفيّة المشكلات المستعصية الحل في هذه القرى وبالذات البناء والمسكن والأرض والكهرباء، وقد جاء فيه :
" نحن بحاجة إلى "ربيع عربيّ درزيّ" ليس بقلب القيادات وإنما بقلب ذهنيّة القيادات بالانتقال من ذهنيّة المستجدي حقوقا إلى ذهنيّة المستل حقوقا وهذا يتأتى أولا بفرض هيبة "يُهمل همها" والهيبة تفرض بخطوات غير تقليديّة وبدعم الناس كالامتناع ولو مرة واحدة عن الاشتراك في الانتخابات أو مقاطعة الوزراء وعدم استقبالهم في كل مناسباتنا، وما دام الأمر على غير ذلك فستبقى المؤسسة لا تهابنا وسنلتقي بعد طول عمر وقرانا بدون خرائط هيكليّة ".
وجاء أيضا في البيان :
"هذه الدولة العنصريّة لا تعير وزنا للـ"قيادات" الدرزيّة لا بل وبلغتها "لا تراهم من بعد متر"، أولا لأنها بغالبيتها وليدة المؤسسة وثانيا لأنها تنازلت عن ظهيرها، الانتماء الأوسع ".
مرفق البيان :
لن تقوم لنا قيامة ما لم نقوّم ما بأنفسنا
الأخوة في قرانا العربيّة الدرزيّة...
ليست هذه هي المرة الأولى التي أخاطبكم فيها ببيان يُوزع على كامل البيوت في قرانا مؤمنا أن معرفة الأمور على حقيقتها هي بداية طريق لحلّها. لكيّ أقصّر الطريق على من يظن أني أكتب ذلك لأننا في سنة انتخابات فالأيام ستعلمه علم اليقين أن بياني هذا هو من باب: "اشهد اللهم أني بلّغت" كجزء من واجبي الوطني قبل البرلماني.
لم يعد يختلف اثنان بيننا أننا نُعامل بتمييز فاضح في كل المجالات وعدم الاختلاف هذا مهم بحدّ ذاته، إذ لم يعد بيننا من يعتقد أننا نعيش في "بحبوحة" من الحقوق، لدرجة لا نعرف أين نروح بها ولمن نتحسن بفائضها. فلا "حلف دم" نفع ولا "تراث سم" شفع، وحتى "تزويج صفورة" طقع !
عندنا "ستّة" أعضاء كنيست وحكّام ألوية ورؤساء لجان تنظيم وعندنا مستشارون وزاريّون عدّد ولا حرج. فلماذا ما زالت كل قرانا بعد أربع وستّين سنة بدون خرائط هيكليّة وبيوتنا بدون كهرباء وشبابنا بدون قسائم بناء ؟! لماذا ما زلنا نلهث مقطوعي النفس "على الجحشة" في كل المجالات؟!
نحن ولأننا "شاطرين" على بعض فكلّ "يحط العكر في زيت غيره"، وآخر تقليعة الاتهام الموجه للمواطنين البسطاء: لماذا يبنون بدون رخص؟! ولماذا لا يدفعون أرنونا؟! ولماذا باعوا الأرض ؟!
كلّنا متهمون ولكن المُدان الأول أخلاقيّا وسياسيّا هو دولة إسرائيل وكل حكوماتها المتعاقبة وأزلامها، ونحمد الله تعالى أن الغالبيّة بيننا مجمعة على ذلك ولم يعد يُتهم بالكفر من يجرء ولو على الإشارة سلبا تجاه وليّة نعمتنا وربنا الصغير "دولتنا العادلة الديموقراطيّة"، الفاتحة أمامنا أبواب الرزق على "بوابات الحراسة" على أنواعها، ولولاها لمتنا جوعا، حتى صار في عرابة أطباء أكثر من كل ما في الطائفة الدرزيّة على مرّة ونصف.
الأهل الأعزاء... ربّما يقول قائل منكم طيّب كلام جميل و"شبعنا طقع حكي" ومحقّ هذا القائل، فما العمل؟!
منذ أن دخلت الكنيست وصرت أُدعى وأشارك في لقاءات "القيادات الدرزيّة"، توصلت إلى نتيجة أن هذه الدولة العنصريّة لا تعير وزنا حقيقيّا للقيادات الدرزيّة وبالتالي لكل الدروز، والسبب أن هذه القيادات لم تستطع فرض هيبتها على المؤسسة، يعني المؤسسة "لا تهمل همها" وحسب المصطلح العبري "لا تراها من متر"، أولا لأنها بغالبيتها وليدة المؤسسة وثانيا لأنها تنازلت عن ظهيرها الانتماء الأوسع. وما دام الأمر كذلك ستبقى حقوقنا تركض ونحن نركض وراءها، وفي أحسن الحالات نطول هنا طرطوشة وهنالك أخرى ممّا يتحسّن علينا موظفو الوزارات.
لذلك رأيت واقترحت مرّات عدّة أن الحل هو في تشكيل هيئة قياديّة تضم الرئاسة الدينيّة ورؤساء المجالس وأعضاء الكنيست لتضع خطة استراتيجيّة علميّة يتم التعامل بها وحدويّا ومن خلال إفهام المؤسسة أن عدم حلّ هذه المشاكل سيؤدي إلى خطوات ذات أبعاد لا تحلم بها، وحتى لا يفهمني أحد خطأ وأني "داير على قطع رزق الناس" فاقترح مثلا مقاطعة الانتخابات ولو مرّة واحدة أو الكف عن دعوة الوزراء والمسؤولين إلى مناسباتنا ومقاطعتهم.
في اللقاء الذي تمّ مؤخرا في مجلس بيت جن المحلي تمّ الاتفاق على طاقم قيادي موحّد وأوْلم أحد كرماء بيت جن احتفاء بذلك، ولكن قبل أن تشرق الشمس "أعطاكم الطاقم عمره"، وإذا أردتم مثلا عينيّا فقد تمّ مؤخرا لقاء في الدالية في موضوع إيصال البيوت بالكهرباء، اتخِذت فيه قرارات إجماعيّة طارت وطار الإجماع حولها وطارت الكهرباء من الكرمل إلى أجل غير مسمّى رغم تفاؤل الرئيس.
الخلاصة... نحن بحاجة إلى "ربيع عربيّ درزيّ" ليس بقلب القيادات وإنما بقلب ذهنيّة القيادات بالانتقال من ذهنيّة المستجدي حقوقا إلى ذهنيّة المستل حقوقا وهذا يتأتى أولا بفرض هيبة "يُهمل همّها" والهيبة تُفرض بخطوات غير تقليديّة كالتي ذكرت وبدعم الناس، وما دام الأمر على غير ذلك فستبقى المؤسسة لا تهابنا وسنلتقي بعد طول عمر وقرانا بدون خرائط هيكليّة..... فاشهد اللهم أني بلّغت.
أيلول 2012
النائب المحامي سعيد نفاع