لم تكتفي الولايات المتحدة الامريكية بالوقوف جانبا من الناحية الفعلية حول ما يدور في سوريا من صراع وقتال بين اغلبية الشعب وبين النظام واتباعه .. بل يبدو ان الولايات المتحدة تجند الامم المتحدة لصالح النظام السوري بقيادة بشار الاسد ،كما فعلت وتفعل ذلك لصالح اسرائيل كما لايخفى على احد .. وليس تصريح الاخضر الابراهيمي من ان الذي يدور في سوريا هو " حرب اهلية " سوى تأكيد على ذلك ، وهو استمرار ومتابعة لمن سبقه في التمثيل " الاممي" بنكي مون ، كوفي انان ،موظفو الجامعة العربية وسواهم .. وتماما مثلما كنا الى الامس القريب نسمع هدير التأييد والاستشهاد بقطر من قبل المنظومة السورية الحاكمة عندما كان الامر لصالحها، بتنا اليوم نسمع تصريحات واقوال واستشهادات بالاخضر الابراهيمي من قبل اعلاميي النظام كفيصل عبد الساتر مثلا .. فما كان محرما بالامس اصبح حلال اليوم ومقبول.
والخطير جدا في تصريح الابراهيمي ليس فقط محاولة إفراغ الثورة الشعبية السورية من مضمونها السياسي والاجتماعي الشرعي ، بل تحويلها فعلا من ثورة تمثل اغلبية شعب ضد نظام استبدادي ظالم فاسد ،الى حرب اهلية ، وهو امر جاء متزامنا مع التفجير الذي اودى بحياة عشرة من المواطنين في جرمانا ، التي تقطنها أكثرية درزية . هذا التفجير الذي يحاول النظام من خلال بعض اعلامييه وكتابه بنسبه للاسلاميين ، بقصد الايقاع بينهم وبين الدروز للاسف .. من هنا نطلق صوتنا التحذيري من مغبة اتون حرب اهلية يسعى النظام منذ اللحظة الاؤولى لنشوب الحراك الشعبي ، الى اشعالها وتأجيجها .. وقد كانت للنظام عدة محاولات في السابق للزج بالدروز في مخططاته الدفاعية اليائسة، وليس هو التفجير الاول في جرمانا ذاتها ..
حسب اعتقادي أخطأ الدروز في عدم مشاركتهم بثقلهم المعروف في الثورة منذ بدايتها ، وكان من المتوقع ان تلحق بهم نار تلك الثورة عاجلا ام آجلا ،لأن النظام لم يكن ليوفرهم حتى اليوم ، الا كتعبير عن شعور القادة فيه بقرب نهايتهم ( أي القادة ) في هذه الفترة ..ولذلك فإن النظام يصطنع فكرة الحرب الاهلية بعد ان لم تعد شعاراته في العروبة والقومية والممانعة وفلسطين وسوى ذلك ، تحتمل اكاذيبه منطقيا وواقعيا .. ربما ارتأى الدروز ان من الحكمة عدم المشاركة في هذا الحراك الدامي ،كون الذي يحدث – من منظورهم - هو محض صراع على السلطة بعيدا عن اي معنى وطني فعلي ، حيث ليس الامر مواجهة مباشرة لعدو خارجي كما اعتادوا ذلك عبر تاريخهم .. لكن لا زال المجال مفتوحا امام ضباط وجنود وقياديين دروز في الجيش وفي اجهزة الحكم السورية ، لينشقوا ويلحقوا بركب الثورة ، حيث لا رجوع ولا تراجع عن اتمام واكمال تحقيق ما سعت له الثورة منذ يومها الاول ، اسوة بالشعب التونسي والليبي والمصري واليمني .. فدائما الابقى هي الشعوب لا الانظمة ، خصوصا البالغة من الظلم والفساد ما بلغه النظام الحاكم في سوريا .