اعلنت جبهة النصرة الاسلامية التي تقاتل ضد بشار الاسد، مبايعتها الاربعاء زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، لتثير مزيدا من الجدل حول طبيعة الصراع الدائر في سوريا وموقعه ضمن ما عرف بـ”ثورات الربيع العربي”. وقال المسؤول العام للجبهة ابو محمد الجولاني في تسجيل صوتي بث عبر مواقع الكترونية "هذه بيعة من ابناء جبهة النصرة ومسؤولهم العام نجددها لشيخ الجهاد الشيخ ايمن الظواهري (…) فإننا نبايعه على السمع والطاعة”.وتنصل الجولاني في الوقت نفسه من إعلان دولة العراق الاسلامية تبنيها والاندماج تحت راية واحدة، لكن مبايعة أيمن الظواهري تجعل الفصيلين بالضرورة تحت راية واحدة وموحدين على هدف مشترك واحد متشابه في العراق وفي سوريا المتجاورين. واكد الجولاني ان الجبهة لم تستشر في اعلان الفرع العراقي للتنظيم، تبنيها وتوحيد رايتهما تحت اسم "الدولة الاسلامية في العراق والشام”. وشدد الجولاني على ان الجبهة "ستبقى كما عهدتموها” بعد اعلان البيعة الذي "لن يغير شيئا في سياستها”. واضاف "ستبقى راية الجبهة كما هي لا يغير فيها شيء”، مؤكدا في الوقت نفسه "اعتزاننا براية الدولة (الاسلامية في العراق) ومن حملها ومن ضحى ومن بذل من دمه من اخواننا تحت لوائها”.
ويرى محللون أن من شأن هذا الإعلان أن يمثل حجة إضافية للنظام ومناصريه إقليميا ودوليا على أن النزاع الدائر في سوريا لم يعد مطلقا مجرد احتجاجات مطلبية شعبية ضد نظام مستبد وإنما هي مواجهة سورية ضد إرهاب يشكل خطرا على المنطقة خاصة اذا ما اضيف اليه التقارب المعلن بين تنظيم القاعدة في العراق وجبهة النصرة رغم اعلان الأخيرة عدم علمها بالاندماج المعلن في العراق بين الفصيلين.
ولم تكن جبهة النصرة معروفة قبل بدء النزاع السوري قبل عامين، وظهرت في الاشهر الاولى للنزاع مع تبنيها تفجيرات استهدفت في غالبيتها مراكز عسكرية وامنية، ثم برزت كقوة قتالية اساسية، قبل ان تدرجها واشنطن على لائحة المنظمات الارهابية. ويقول محللون إن من شأن هذا المنحى الخطير الذي انتقل اليه الصراع في سوريا ببيعة جبهة النصرة للقاعدة، ان يضع المملكة العربية السعودية ودولة قطر وانظمة الحكم الإسلامية في تونس ومصر بشكل خاص في موقف لا تحسد عليه وهي التي ظلت منذ اندلاع النزاع تحشد الشباب في تلك الدول في دعم استثنائي للـ”جهاد” في سوريا.
والثلاثاء وبعد إعلان تنظيم القاعدة في العراق اندماجه مع جبهة النصرة، اعلن الجيش السوري الحر الذي يقاتل جيش النظام، تمايزه عن الجبهة. وقال المنسق الاعلامي والسياسي للجيش الحر لؤي مقداد ان "جبهة النصرة لا تتبع للجيش الحر. ولا يوجد قرار على مستوى القيادة بالتنسيق معها”.
واضاف ان هدف الجيش الحر واضح وهو "اسقاط النظام وايصال الشعب الى الدولة الديموقراطية التي يطمح اليها”، مشددا على انه "لا يحق لنا او لاحد ان يفرض اي شكل من اشكال الدولة على السوريين” الذين سيختارونها في صناديق الاقتراع.وتمنى "لو يكون تسليح الجيش الحر وتجهيزه وتمويله كافيا لكي يستغني عن اي طرف آخر”.وقال "طالما ان الجبهة موجودة وممولة ومسلحة (…) يحصل احيانا تعاون بحكم الامر الواقع”، وهو "نوع من التعاون التكتيكي الموضعي”، ميدانيا.
وظل النظام السوري يؤكد منذ بداية النزاع على انه لا يواجه احتجاجات مشروعة وإنما مجموعة من المقاتلين الإرهابيين.ورفضت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة دعوات متكررة من بعض الدول العربية ومن سوريين بالتدخل العسكري في سوريا.وقال مراقبون ان واشنطن كانت على علم مسبق من أي تدخل لإزاحة الاسد يمكن ان يستفيد منه أتباع القاعدة لذلك لم تكتف بالحياد بل ذهبت الى حد إعلان جبهة النصرة منظمة ارهابية.
وكان البغدادي قال الثلاثاء في رسالة صوتية ان جبهة النصرة "ما هي الا امتداد لدولة العراق الاسلامية وجزء منها”، معلنا "الغاء اسم دولة العراق الاسلامية والغاء اسم جبهة النصرة وجمعهما تحت اسم واحد هو الدولة الاسلامية في العراق والشام”.وفي رسالة مسجلة نشرت على مواقع جهادية على شبكة الانترنت، قال زعيم تنظيم القاعدة العراقي ابو بكر البغدادي "آن الاوان لنعلن امام اهل الشام والعالم باسره ان جبهة النصرة ما هي الا امتداد لدولة العراق الاسلامية وجزء منها”.واعلن البغدادي جمع التنظيمين في تشكيل جديد اسمه "الدولة الاسلامية في العراق والشام”، داعيا الفصائل المقاتلة والعشائر في سوريا الى ان تكون "كلمة الله هي العليا وتحكم البلاد والعباد بأحكام الله تعالى”.
من جهتها اعتبرت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا) ان اعلان تنظيم القاعدة في العراق تبنيه لجبهة النصرة يضع "مصداقية الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والدول المستقلة امام اختبار حقيقي عليها خلاله الاختيار بين الانحياز للإرهاب ممثلا بالقاعدة التي تضرب سوريا (…) او الاعتراف بحق الشعب السوري وحكومته بمكافحة الإرهاب انسجاما مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن”.
واعلنت فرنسا رغبتها بالبحث مع شركائها الاوروبيين وفي مجلس الامن في احتمال ادراج جبهة النصرة على قائمة المنظمات الارهابية.