ملاحظة عامة : بما ان موضوع " شؤون العائلة " اضحى وللأسف الشديد يقضي مضاجع الكثير منا أو في سلم اهتماماته , سيما وانه يطفو اكثر من مرة ويأخذ تحديثا في قرارات المحاكم ذات الشأن بالأخص محكمة العدل العليا , رأيت لزاما علي أو من الضروري ان اطلع القارئ الكريم عن مستجداته لعلي اضفي بذلك ولو القليل من معلومات مجدية له .
وخير ما استهل به هو الكتابة عن المحكمة الدينية الدرزية كونها عنصر اساس في هذا المضمار .
وهنا انوه انه لا يمكن اعتبار المعلومات الواردة هنا كاستشارة قانونية مهما كانت , إنما معلومات عامة فقط لا غير .
تمهيد : يستدل من الاحصائيات الواردة من مركز الاحصاء السكاني ان عدد السكان الدروز في دولة اسرائيل بما فيهم سكان قرى الجولان الاربعة بلغ هذا العام زهاق 133,000 نسمة , وهم يقطنون في 22 قرية ( مختلطة وغير مختلطة ) في الجليل الجولان والكرمل ( عدا افراد قلائل في اماكن اخرى ) , في القرى التالية : أبو سنان ,بيت جن , جولس ,دالية الكرمل , حرفيش , يركا , يانوح , جت , كسرى , كفر سميع , كفر ياسيف ,المغار ,ساجور , عين الأسد , عسفيا , البقيعة ,الرامة , شفاعمرو , بقعاثا , مجدل شمس , مسعدة , عين قنيا
تأسيس وهيكل المحكمة الدينية الدرزية : في شهر تشرين الثاني من عام 1963 اقيمت المحكمة الدينية الدرزية كجسم قضائي مستقل تحت وزارة الاديان واخذت مقر لها مدينة حيفا لغاية عام 1988 ومن ثم استقرت في مدينة عكا , وفي كانون الثاني من عام 2001 تم إدراجها ضمن صلاحيات وزارة القضاء كما هو متبع لدى باقي الطوائف الأخرى في البلاد .
تعمل المحكمة المذكورة ضمن إطارين منصلين من حيث المضمون والصلاحيات المخولة لكل منهما : المحكمة البدائية التي تلتئم ايام الاسبوع في مقرها الدائم في مدينة عكا عدا ( نهاية الاسبوع ) ويوم الثلاثاء الذي تخصصه تارة في قرية مسعدة الجولانية التي اسست بها فرعا لها منذ عام 1972 , وتارة اخرى في قرية عسفيا الكرملية , ويعمل بها ثلاث قضاة اجلاء وهم : الشيخ ابو راجي عماد ابو ريش ( سكرتير عام المحاكم الدينية الدرزية سابقا ) , الشيخ ابو ملحم كمال قبلان والشيخ ابو زيد عنتير معدي . ومحكمة الاستئناف التي تلتئم لدى الضرورة في مقرها الدائم مدينة عكا ويعمل بها قضاة محترمون وهم : الشيخ ابو حسسن موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية والشيخ ابو عزام حاتم حلبي ( وبناء على حديث لي مع منصب مرموق قال لي انه في القريب سوف ينصب قاض اضافي في محكمة الاستئناف ليكتمل نصابها القانوني , وقاض اخر في محكمة مسعدة , والله اعلم ).
يعمل في المحكمة طاقم عمل مهني ومميز ( كباقي من عمل بها سابقا ) وهم : المحامي كميل ملا - مدير , المحامي رامي طربيه - مستشار قضائي , الاستاذ نديم خنيفس - سكرتير عام , الاستاذ سلمان فرحات سكرتير المحكمة في قرية مسعدة , والاستاذين الكريمين جليل فراج وحسين عامر .
صلاحية المحكمة الدينية الدرزية : تمتعت المحاكم الدينية الدرزية حتى الماضي القريب بصلاحيات واسعة ومستفيضة , إذ تداولت تقريبا جميع القضايا التي " طرقت بابها " حتى دون موافقة شمولية من اطراف القضية , إلا ان لاحقا اصدرت محكمة العدل العليا - بتركيبة ثلاثة قضاة - عدة قرارات تصب في معظمها في صقل " خانة الصلاحية " أو كان لها الدور الاساسي في وضع النقاط على الحروف بتصنيف المواضيع التي من شأنها التداول بها امام المحكمة المذكورة دون الحاجة المسبقة لموافقة الاطراف , وباقي المواضيع التي يجب التباحث بها امام محكمة شؤون العائلة دون سواها , ( إن لم تكن تلك الموافقة اياها كشرط اساس لإعطاء الصلاحية للمحكمة الدينية اعلاه ).
وهنا اخص بالذكر قراري محكمة العدل العليا في ملفي : בג"צ 009611 من يوم 04.04.04 و בג"צ 032829 من عام 2006 , والذين كانا باعتقادي بمثابة الحد الفاصل في القضايا اياها . إذ اقرت بموجبهما فيما اقرت ان صلاحية المحكمة الدينية الدرزية في القضايا الجوهرية الناتجة عن الطلاق هي محدودة للغاية ولا يمكن التباحث بها امامها الا بموافقة طرفي القضية , وإذا لم تكن كذلك فتصبح الصلاحية المطلقة في القضايا المذكورة ( حضانة الطفل الاطفال , نفقة مؤقتة دائمة ومسكن بديل , تقسيم املاك , طلاق تعسفي والى ما عدا ذلك ) لمحكمة شؤون العائلة دون غير , وذلك بالطبع عدا قرار فسخ رباط العقد الزوجي بين الطرفين المتخاصمين مع بعض الحقوق كالمؤخر والضرر التي يبقى من حق وصلاحية المحكمة الدينية التداول فيهما , كذلك الامر في الامور العامة الاخرى : كتسجيل وصية , تعيين وصي شرعي , تعيين إمام , تعيين مسؤول وقف , إصدار امر ميراث الخ ...
انوه وبحسب معرفتي انه من حق اي شخص أو بالأحرى من حق اي جسم قضائي على سبيل المثال وليس الحصر المجلس الديني الدرزي ان يطلب من المحكمة الانضمام لأي قضية والامتثال امامها لسماع أقواله إذ كان قرارها المستقبلي سيلحق بها أو بشريحة تخصها الضرر , وسوف اتوسع اكثر في هذا الموضوع في مقالات لاحقة .
سؤال وجيه لمشاركة وأخذ رأي القارئ الكريم : في حال وقع الطلاق الفعلي بين زوجين وتم اشهاره والبلوغ عنه على الملأ حتى في اروقة المحكمة الدينية وامام القضاة الموقرين انفسهم , هل يعتبر ذلك طلاقا ملزما لأجهزة الدولة الرسمية إذ تم صدور قرار الطلاق بعد موت احد اطراف القضية ؟؟؟ سيما وان القانون المدني العام قد يناقض أو لا يتفق مع القانون الديني الخاص ؟!؟!؟! مع الاخذ بعين الاعتبار مثلا ان القانون الانجليزي والفرنسي يعتبران ان اي قضية شخصية قد تنتهي حال وفاة احد الاطراف Actio personalis moritur cum persona والقانون الاسرائيلي نفسه ينص انه في بعض الحالات تبطل صلاحية الوكالة مع موت الموكلة ؟؟؟