كلُّ مجتمع أيًّا كان يعتمدُ في تركيبته على أسسٍ تقرّرُ مدى نجاعته أو تقدُّمِهِ أو بالعكس تأخره في الرَّكب الحضاري .
ومن بين العوامل التي يرتكز عليها المجتمع العائلة وتأثيرها من كافة نواحي الحياة .
وللعائلة مفاهيم تختلف بين مجتمع وآخر ، ففي الغرب مثلا لا أهمية على الإطلاق للتركيبة العائلية حتى لو تبوَّأ أفرادها مناصب رفيعة المستوى سياسيًا ، اقتصاديًا أو اجتماعيًا .
أمَّا في الشرق وفي مجتمعنا بالذات فإن العائلية لا زالت تلعب دورًا كبيرًا في إدارة شؤون الحياة اليومية للأفراد والجماعات على حَدٍّ سواء .
وفي الماضي البعيد كانت العائلة أي "الحمولة " تتعاضد وتتماسك بشكلٍ كبير لأهداف اقتصادية وأمنية من أجل حماية أفرادها ومصالحهم المختلفة .
إلا أنَّ هذا النمط أو النهج بدأ يتغير قليلًا قليلًا مع انتشار التطور التكنولوجي ، الصناعي والحضاري حتى في مجتمعنا .
وعندنا أيضًا بدأنا نشهدُ بعض التغيُّرات على التركيبة العائلية وأهميتها في تسيير الأمور الحياتية هذا في حين لا زالت العائلية في مجتمعنا الحضاري ذات مقومات واعتبارات ليست قليلة في المجالات السياسية والاجتماعية حيث لا زلنا نرى أنَّ للعائلية دورًا في رسم العلاقات التي تسود بين الأفراد ونظرتهم لبعضهم البعض .
وهذه التشكيلة العائلية في مجتمعنا لها جذورٌ تاريخية حيث كان للبيئة التي تعيش فيها أي عائلة "حمولة " دورٌ طبيعي في المحافظة على سلالتها وتأثيرها على المجتمع .
أما اليوم فقد أخذنا نشهد بوادر لتفككات في العائلة وبين افرادها وذلك لأسباب أهمها المصالح الاقتصادية أو المادية التي أخذت تطغى على العلاقات حتى داخل البيت الواحد ومن غير الغريب أن نرى أن العائلة الكبيرة لم تعد تحتضن نفس التطلعات السياسية المشتركة لأفرادها وبالتالي فإن المصلحة المادية صارت هي الموجه الأكبر للأفراد في اتخاذ القرارات حتى في بلورة المواقف السياسية لكل فرد وفرد في العائلة .
وعلى سبيل المثال لا الحصر نقول إن العائلة التي كانت تتحد وتتآلف حول زعيم سياسي لحزب معين أو حول مرشح في سلطة محلية لم تعد اليوم تنجر بكل أفرادها وراء هذا الزعيم بل نجد أن العائلة أخذت تنقسم بتشعبات عديدة وأحيانا نرى أن نفس البيت لا يتفق على قرارٍ واحد في تأييد الزعيم أو المرشح العائلي .
وإذا أردنا الحكم على مثل هذا التفكك في العائلة فيجب النظر اليه بعين الرضى لأن الديمقراطية تظل هي الأساس في وجوب اتخاذ القرارات وعدم التعصب الأعمى الذي لا يجلب للمجتمع إلا المزيد من الضرر والاعتبارات الخاطئة .
17.06.2013